لم تستبعد أمس مصادر مقربة من التحقيقات التي تجريها شرطة الجرائم الاقتصادية والمالية في موريتانيا منذ أكثر من شهرين، في شبهات فساد وسوء تسيير تلاحق الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز وعدد من أقربائه وأعوانه، أن يحال الملف للقضاء قريباً، مؤكدة أن «البحث الابتدائي الخاص بهذه القضية والمعتمد على تقرير لجنة التحقيق البرلمانية على شك الاكتمال».
ولم يتمكن محققو قطب الجرائم الاقتصادية والمالية في النيابة العامة من الحصول على أي جواب من الرئيس السابق حول القضايا العديدة التي يشتبه المحققون في ضلوعه فيها، بينما قيدوا أجوبة وحجج وتصريحات عدد كبير من المسؤولين الحاليين والسابقين وعدد من رجال الأعمال، الذين أكد غالبهم أن قضايا الفساد التي ساءلهم عنها المحققون إنما نفذوها بتعليمات من الرئيس السابق.ومن آخر من استمع إليه المحققون وزير البترول والطاقة والمعادن السابق محمد ولد عبد الفتاح، ووزير التنمية الريفية السابق إبراهيم ولد مبارك ولد محمد المختار، والمدير السابق لشركة الكهرباء أحمد سالم ولد أحمد الملقب «المرخي» ورجل الأعمال محمد الأمين ولد بوبات.
واستكمالاً للتحقيقات، نظم محققو شرطة الجرائم الاقتصادية مواجهات بين الرئيس السابق وجميع المشمولين بهذا الملف، حيث تابع الرئيس السابق صمته المطبق متذرعاً بأن الدستور في مادته الـ 93 يحصنه من أي مساءلة حول قيامه بمسؤولياته.
وحسب مصادر إعلامية، فإن شرطة الجرائم ستنهي أشغالها لتحيل الملف دون توجيه تهم محددة، لكن بتوصيات تفيد بأن القضايا التي تضمنها تحقيق اللجنة البرلمانية يمكن أن تكون محلاً لتحقيق جنائي.
وبناء على المحضر الصادر عن الشرطة، تتخذ النيابة العامة قراراً من بين خيارين؛ إما بأنه «لا وجه لمتابعة الدعوى» ويتم إغلاق الملف، أو توجه «الاتهام» وتطلب فتح «تحقيق جنائي».
وأكد موقع «صحراء ميديا» في معالجة لهذا الشأن نقلاً عن مصادر مختصة «أن الملفات التي تناولها التحقيق البرلماني ومن بعده البحث الابتدائي، ترقى إلى فئة «الجرائم الخطيرة» لأنها تتعلق بقانون الفساد الصادر عام 2016 وبالتالي فسيكون من الراجح أن تكون موضع «تحقيق جنائي».
وتوقعت «صحراء ميديا» أن تحيل النيابة العامة الملف إلى «قاضي التحقيق» الذي سيتولى الإشراف على التحقيق الجنائي، وبناء على ذلك يمكنه أن يحيل المتهمين إلى السجن على ذمة التحقيق.
وأعلنت عند تسلمها للملف أن «إجراءات البحث والتحقيق ستتم بشكل مجرد ومحايد، وطبقاً للقواعد والمعايير الإجرائية المقررة قضائياً» متعهدة بمنحها الوقت اللازم.
وأكدت النيابة العامة «أن كل من يكشف البحث عن ارتكابه لوقائع مجرمة ستتم متابعته وتقديمه أمام القضاء المختص لينال الجزاء المناسب، في إطار محاكمة عادلة تضمن احترام حقوق الدفاع».
وبينما ينتظر الجميع مآل هذا الملف، وبينما تتضارب الآراء بين من يقول بأن هذه القضية تتجه نحو التعقيد ومن يرى بأنها ستطوى، واصل وزير الخارجية الأسبق دفاعه عن الرئيس السابق، حيث دعا في تدوينة له أمس الرئيس الغزواني إلى «عدم التضييق السياسي وعدم استهداف الرئيس الـــسابق وعدم تسخير الموارد العمومية لهذا الهدف».
وقال: «كان على الرئيس الغزواني تمكين الرجل من مزاولة نشاطاته السياسية طبقاً للقوانين والمساطر الوطنية ذات الصلة، والثقة في قدرة الشعب الموريتاني على اختيار قيادته السياسية وإبعاد من لا يصلح لهذه القيادة، بطريقة ديمقراطية وسلمية وبمعايير لا تقل شفافية أو مصداقية عما حصل ويحصل في أكثر الديمقراطيات تطوراً».
وأضاف: «أما تحدي «الفساد» فأخطر على مصيرنا المشترك من أن يُتعامل معه بطريقة انتقائية أو انتقامية أو غير حرفية، بل يجب أن تكون معركته جامعة على الأصعدة الفنية والقضائية والثقافية والأخلاقية».
وفي المقابل، غردت السياسية المعارضة منى بنت الدي مستبشرة، تقول: «اقترب السجن من المفسدين، وسيــحال الملف للنائب العام الذي سيفتح تحقيقاً جنائياً يحبس بموجبه المتهمون على ذمة التحقيق تمـــهيداً للمحاكمة؛ يحيا العدل».
عبد الله مولود
نواكشوط -« القدس العربي»