في العام 1988 انتقل لاعب الوسط البلجيكي جان مارك بوسمان من ستاندار لييج إلى ناد آخر في نفس المدينة هو رويال لييج، وفي 1990 انتهى عقده مع النادي وقرر تلبية عرض نادي دنكيرك الفرنسي من الدرجة الثانية، فطلب رويال لييج نصف مليون يورو كبدل انتقال له، وهو ما اعتبره الجانب الفرنسي مبالغاً ورفض سداده، ومن جانبه أصر بوسمان على موقفه ورفض الاستمرار في اللعب لرويال لييج.
وبعد انتهاء عقده، وعندما تعقد الموقف قرر اللاعب اللجوء إلى محكمة العمل الأوروبية رافعاً قضيته ضد النادي البلجيكي وضد الاتحاد البلجيكي وضد الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، فقرر رويال لييج تخفيض أجره 75%، وبعد مداولات ومرافعات استمرت ثلاث سنوات، كسب بوسمان القضية، وكان قد أصبح في الحادية والثلاثين، فلعب لعدة أندية فرنسية من الدرجة الثانية لقاء أجور زهيدة، كما أهدر مبلغ التعويض الذي حصل عليه من النادي البلجيكي في استثمار سيئ، واضطر لبيع بيته وسيارته وطلاق زوجته، وبات يعيش على المعونة الاجتماعية المخصصة للعاطلين عن العمل.
لكن بعيداً عن مسار حياته الشخصية، غيّر بوسمان عالم كرة القدم وقلب قوانين الانتقالات رأساً على عقب، وأصبح هناك مصطلح جديد أفاد آلاف اللاعبين، وكبد الأندية ملايين الدولارات الضائعة، اسمه الانتقال المجاني عند انتهاء عقد اللاعب مع النادي!
لاعب آخر ظهر تأثيره على اللعبة على المستوى الأوروبي، إنه البرتغالي كريستيانو رونالدو، وإذا كان تأثير بوسمان جاء من الناحية الإدارية، فإن تأثير رونالدو تجلى في الناحية الفنية، فقد تراجع اهتمام العالم بالليغا الإسبانية وكذلك السعي للحصول على حقوقها التلفزيونية بنسبة زادت على 10% منذ انتقال رونالدو للدوري الإيطالي، كما انخفض بريق مباراة الكلاسيكو بين ريال مدريد وبرشلونة بصورة واضحة لدرجة ظهر معها أن الناس كانت تنظر للكلاسيكو في العقد الأخير على أنه مواجهة بين النجمين كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي، أكثر مما كانوا ينظرون إليه كمواجهة بين الناديين المتنافسين تقليدياً. أما معدل الحضور الجماهيري لمباريات الريال في ملعبه “سانتياغو بيرنابيو” فانخفض بين سبعة آلاف وعشرة آلاف متفرج في المباراة الواحدة، وأما مجموع الأهداف التي يسجلها النادي الملكي في الموسم الواحد فانخفض بمقدار ثلاثين هدفاً، ليتراوح بين 64 و75 هدفا في الموسم بعدما كان في زمن رونالدو بين 90 و110 أهداف.
ومع يوفنتوس واصل رونالدو تألقه، ففاز معه بلقب الدوري الايطالي وسجل 55 هدفاً
في 66 مباراة خلال موسمين، أي بمعدل 0.9 هدف في المباراة الواحدة، وهو معدل رائع على هذا المستوى من الإحترافية للاعب بلغ منتصف الثلاثينات. وعندما أعلن مؤخراً عن إصابة رونالدو بفيروس كورونا وهو في معسكر المنتخب البرتغالي، سارعت إدارة ناديه الإيطالي إلى نقله بطائرة خاصة إلى تورينو لأن مدة الحجر الصحي هناك عشرة أيام وليست أسبوعين كما في البرتغال، ما سيتيح له لو تعافى أن يلعب أمام برشلونة ويواجه ميسي مجددا في مباراة الفريقين اليوم في دوري الأبطال في تورينو، لكن ظهور النتيجة إيجابية في آخر اختبار له يهدد فرص مشاركته في المباراة بعدما تغيب عن المباراة الأولى التي فاز فيها اليوفي على دينامو كييف بهدفين نظيفين.
لقد قُدّرت القيمة المالية الناتجة عن نشاطات رونالدو الكروية منذ احترافه، بنحو خمسة مليارات دولار جنى منها واحداً لنفسه ليصبح أثرى لاعبي كرة القدم في التاريخ، وأولهم الذي تلامس ثروته حاجز المليار دولار، فهل نستغرب بعد كل هذه المعطيات لو قلنا إن كريستيانو رونالدو غيّر وجه الكرة العالمية؟