“ما يهمنا هو ألا يسد معبر الكركرات وأن تصل إلينا التموينات وأن نتمكن من التصدير”، بهذه الكلمات لخص محمد سالم ولد محمد بائع خضروات في سوق المغرب بنواكشوط لـ” القدس العربي” صباح الثلاثاء، نظرة الموريتانيين للأزمة الدائرة حاليا بين المغرب والبوليساريو على حدود موريتانيا مع الصحراء الغربية.
وقد بدأ سوق الخضروات المركزي بنواكشوط المسمى سوق المغرب، ينتعش بعد ركود دام أسابيع، مع انتظام وصول الخضار المغربي الطازج عبر شاحنات التبريد المغربية العملاقة؛ ونزلت أسعار الخضروات حيث بلغ سعر كيلوغرام الطماطم ضحى (120 أوقية = 0.34 دولار بدلا من 250 أوقية=0.71 دولار)، وانخفض سعر كيلو الجزر من 180 أوقية= 0.51 دولار إلى 0.34 دولار).
وأكد سيدي ولد صالح بائع فواكه في نفس السوق “أن الفواكه المغربية قد توفرت في السوق وأن أسعارها قد نزلت قليلا لكنها ما تزال غالية حيث يبلغ سعر كيلو الموز 70 أوقية=0.2 دولار”.
أما الستينية مريم بنت أحمد المتسوقة بسوق الخضروات فقد عبرت عن رأيها قائلة “المهم أننا أصبحنا نجد حاجاتنا من الخضروات والتوابل والفواكه وأن الطريق قد فتحت”.
وأوصى عبد القادر ولد النامي ناشط حقوقي “حكومة موريتانيا بالتركيز على أمرين أولهما مساعدة المغاربة عسكريا في تأمين معبر الكركرات، والثاني القيام بثورة زراعية توفر لموريتانيا حاجاتها من الخضروات والفواكه”.
وينكب شبان موريتانيون يعملون في مظلات بيع بطاقات الرصيد قبالة عمارة افاركو وسط العاصمة نواكشوط، على جوالاتهم يتابعون أخبار جبهة الكركرات الصباحية عبر الفيس بوك، ويتجادلون منقسمين على فسطاطين: موال للمغرب وآخر موال للبوليساريو.
من نصدق؟ يتساءل الشاب رباح ولد بلخير أحد باعة الرصيد، فالمغرب يقول إن الوضع هادئ والبوليساريو نشرت بيانها العسكري الرابع وتحدثت عن معارك؛ من نصدق؟”.
وعلى الفيس يتابع المدونون الموريتانيون مجريات الوضع في منطقة الكركرات، وكتب المدون والإعلامي عبد الله سيديا وهو متابع جيد للوضع “تباشر الآليات المغربية منذ الصباح الباكر رفع خردة السيارات وتنظيف المنطقة الفاصلة بين المعبرين الموريتاني والمغربي في الگرگارات وإزالة الحواجز الترابية والمعوقات الأخرى، عن طريق العابرين في الاتجاهين، وحركة العبور في الگرگارات طبيعية تماما”.
وحسب معلومات مستقاة من مصدر أمني موريتاني في الكركرات، فقد واصلت الحركة المرورية للشاحنات والسيارات الشخصية، انتظامها على مستوى المعبر، بعد أن تمكن المغاربة من إزاحة إغلاق الصحراويين للمعبر في عملية عسكرية يوم السبت الماضي واصل الجيش المغربي بعدها تأمين المنطقة.
ويؤكد عبد الله محمد سالم وهو مدون بارز ومحلل سياسي “أن جبهة البوليساريو قد فاجأتها الخطوة العسكرية المغربية، وقد اختارت العمل على الجانب الإعلامي ببث سلسلة بيانات لم يؤيدها المراسلون الدوليون الموجودون في الكركرات والذين يتابعون الوضع بكل حياد”.
وقال “يلاحظ انتشار كبير للأخبار الزائفة منذ بدأت هذه الأزمة، وهو ما ساعدت عليه استحالة الاطلاع على الأوضاع العسكرية من الجانب الصحراوي نظرا لوعورة الأرض وصعوبة تغطية الأحداث من طرف مراسلين دوليين مرافقين للوحدات العسكرية الصحراوية”.
ويستخدم المدونون الموالون لهذا الطرف أو ذاك فيديوهات لمعارك سابقة في اليمن وفي مواقع أخرى، مع التأكيد بأنها فيديوهات مصورة من قلب المعارك المشتعلة.
ويقول المدون إسماعيل يعقوب الخبير في شؤون المنطقة “إعلان الإعلام المغربي الرسمي للحرب في اعتقادي سيكون قولا ثقيلا على السياحة وعلى المنظومة النقدية والاقتصادية والتجارية للمملكة المغربية، وإعلان البوليساريو للحرب سيعيد إليها جاذبية الثورة التي قتلتها حالة اللاسلم واللاحرب”.
“المغرب، يضيف المدون، دولة يضرها خبر والبوليساريو حركة تتغذى بخبر، وهكذا فإن حسابات الحركة وحسابات المملكة تتنافر تنافر مصطلحات قاموسيهما السياسيين؛ أولئك يعتبرون الصحراء مغربية ويعمرونها كما لو أنهم لن يغادروها وهؤلاء يعتبرون الأرض أرضهم وأن غيرهم احتلها ويريدون إخراجه منها”.
وقال “الصحراويون في جانب الصحراء الغربية الخاضع للبوليساريو يخوضون حربا شعواء لليوم الرابع، والإعلام المغربي الرسمي وشبه الرسمي وحتى المستقل يخوضون سلاما”.
وزاد المدون “ولأول مرة في الحروب المعاصرة يدخل شاهد سماع على الخط بدل شاهد عيان، حيث ينام سكان قرية بولنوار الموريتانية على إيقاع المدافع الثقيلة، وبكل تأكيد هي أصوات يحدثها آدميون لأن الجن حسب المأثور لا يجتمع شاهدان على مشاهدتهم ولا سماعهم”.
وتابع يقول “الأمين العام للأمم المتحدة بعد انهيار أطول وقف لإطلاق النار في إفريقيا، يهاتف الكاتب العام للبوليساريو الذي يشغل منصب رئيس الجمهورية العربية الصحراوية في نفس الوقت فيترك الرد عليه لرئيس الوفد الصحراوي المفاوض؛ وملك المملكة المغربية شخصيا يتحدث مع الأمين العام للأمم المتحدة ويؤكد تمسكه بوقف إطلاق النار، والجزائريون يصدرون فيلما وثائقيا عبر اليوتيوب يعترفون فيه بامتلاك صاروخ اسكندر البلاستيكي لأول مرة ويعتبرون جيشهم أقوى جيوش المنطقة ويتوعدون أي عدو كلاسيكي”.
وأضاف “أما الموريتانيون في حالة استنفار عسكري غير معلن، وحياد فعال أخمده العزل الصحي المستتر لقائد الدبلوماسية وانهماك الرئيس بالتحضير للسنة الدراسية الجديدة والذكرى الستين للاستقلال وملف العشرية”.
وقال “تعيش المنطقة كلها في ليالي نفمبر2020 الطويلة حالة من السهر والسمر مع شاشات الهواتف في انتظار صور أو كتابات أو حتى (أوديو) أو (فوكال) يعين على فهم الحرب الثانية على الصحراء الغربية التي يعلنها طرف وينكرها آخر ولكنهما يخوضانها مع ذلك”.
عبد الله مولود
نواكشوط -” القدس العربي”