عاد لواجهة الأحداث قليلا يوم أمس ملف محمد ولد عبد العزيز الذي حكم موريتانيا خلال العقد الماضي والخاضع منذ أكثر من شهرين لتحقيقات شرطة الجرائم الاقتصادية والمالية، وذلك بعد إصدار حراك لم يكن معروفا يحمل شعار نصرة المظلومين، لبيان مساندة للرئيس السابق وتعريض بنظام الرئيس الغزواني.
وقد نشر قادة الحراك المذكور بالتوازي مع البيان، صورة ظهر فيها الرئيس السابق المتواري عن الأنظار منذ أسابيع، الأمر الذي دفع خصوم الرئيس السابق للرد على مضامين البيان بطريقة متشددة.
وأكد الحراك الوطني لنصرة المظلومين في بيانه “اتفاق عدد من الشباب الناشط في المجتمع المدني والسياسي، وخريجي الجامعات المختلفة الوطنية والدولية، أمام واقع التحديات الخارجية والداخلية وما تمثله من أخطار على البلد ومستقبله، على تأسيس حراك للعمل بدافع استعادة الوجه الحقيقي للوطن الذي أصبح عرضة للتشويه بعدما نال ثقة جميع المنظمات الدولية والإقليمية وحتى المجتمع الدولي والرأي العام في ظل عشرية ذهبية تميزت عن باقي الأحكام المتعاقبة على البلد بمسيرة البناء والنماء والازدهار بقيادة الرئيس السابق محمد عبد العزيز”.
وأضاف الحراك “رغم كل الظروف والمضايقات التي تعرض لها الرئيس السابق فقد شكلت مبادؤه ومواقفه ومعاملاته، عوامل أساسية في تشييد بنية تحتية متميزة قل نوعها، وتحقيق إنجازات عملاقة لا يستهان بها لم يستطيع النظام القائم وحكومته وأجهزته المحافظة عليها ولا حتى صيانتها”.
وأوضح الحراك “أن الرئيس السابق كان الرئيس الوحيد الذي نزل إلى الفئات الهشة والمهمشة من جميع شرائح المجتمع الموريتاني ورد لهم الاعتبار وتقاسم معهم المعاناة والشواهد كبيرة، فشريحة “الحراطين” (الأرقاء والأرقاء السابقون) قسم عليهم الأراضي الصالحة للزراعة في جميع أنحاء البلاد، ومنحهم القطع الأرضية الصالحة للسكن، ووفر لهم المياه الصالحة للشرب والكهرباء بأسعار في متناولهم، أما الزنوج ضحايا الإرث الإنساني، فقد صلى على أرواحهم صلاة الغائب في مدينة كيهيدي والأرشيف موجود شاهد على ذلك”.
وتحدث الحراك عن ترشيح الرئيس السابق لخلفه الرئيس الغزواني، حيث أكد “أن الرئيس السابق قدم أخا وصديقا وزميلا عسكريا ظانا فيه مواصلة النهج وتجديد الطبقة السياسية وانتعاش الاقتصاد وضخ دماء جديدة، فما كان منه وللأسف إلا أن تعاون مع الإخوان المسلمين للتآمر والتكالب عليه، حيث جلب شعار المرجعية الدنيئة وتدوير المفسدين وخطف الحزب وإنشاء لجنة برلمانية لا هي دستورية ولا قانونية والبدء في مضايقته وتصفية الحسابات معه وخطف أقاربه والزج بهم في السجون وفصلهم من عملهم”.
“وانطلاقاً من ذلك، يضيف البيان، فقد “تأسس الحراك الوطني لمناصرة المظلومين لمواجهة الهجمة الاعلامية الشرسة التي يتعرض لها الرئيس السابق محمد عبد العزيز وأنصاره وحتى شعبنا ودولتنا، وقررنا في الحراك، دعمنا اللامشروط ومساندتنا للرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز انطلاقا من قناعتنا أن البلاد بحاجة إلى من يقودها نحو النماء والازدهار”.
وضمن عشرات التدوينات التي ردت على البيان، كتب الإعلامي عبد الله الفاغ المختار وهو من كبار داعمي الرئيس الغزواني ردا تحت عنوان “حراكٌ من خمسة وسادسُهم عزيز”، أكد فيه “أن عزيز جاء إلى السلطة والوضع المالي للبلد مريح نسبياً، حيث تم الشطب على الديون الخارجية المستحقة على موريتانيا، وفي نهاية عشريته وصلت المديونية حدا فظيعاً، فالمديونية، بحقٍ، هي أثقل تركة خلفها الرجل للأجيالَ المستقبلية”.
وقال “أثرى عزيز وتسعةُ رهطٍ من خاصة خاصته، وحاربَ الناجحين من عشيرته، وبات الفقراء يسامرون فقرهم، وسط دعايته الإعلامية الشعبوية المُضللة”.
وزاد “تدابر المشهد السياسي خلال حكمه، وكانت البلاد على شفا مشهد لا يعلمه إلا الله، ونتذكر حالة المشهد بعيد الانتخابات، حيث تمت عسكرة الشارع عن عمدٍ نكايةً في خلفه، واعتقل الكثيرون، ولعبت بعض الأجهزة الخاصة على وتر احترابٍ لا مُبرر له من مجريات الانتخابات”.
وأضاف المختار مواصلا رده على حراك دعم الرئيس السابق ” يؤسفنا ونحن على أبواب الذكرى الستين للاستقلال خلال أيام، أن نعترف بحيادية وتجرد، أن سدس الفترة الذي حكم فيه عزيز كان صفراً أو قريباً من الصفر، لا لم يكن كذلك فقد حققَ هوّ شخصياً في عشر سنوات ما لم يُحققه الملياردير الأمريكي بيل غيت”.
يذكر أن التحقيق في ملف الفساد الذي يشمل الرئيس السابق وعددا من أقربائه وأعوانه والذي تتولاه شرطة الجرائم المالية قد اكتمل حيث من المنتظر إحالته للعدالة مستهل الشهر المقبل.
ويتابع الموريتانيون باهتمام كبير مجريات التحقيق الذي تجريه منذ أشهر شرطة الجرائم الاقتصادية والمالية في مضامين تقرير محال من البرلمان إلى العدالة، يتضمن الكشف حالات نهب وفساد ورشا كبيرة طبعت العديد من الصفقات العمومية خلال الفترة التي حكمها الرئيس السابق من 2008 إلى 2019.
ويشمل التقرير عدة قضايا بينها رصيف الحاويات والمحروقات في ميناء نواكشوط المستقل «ميناء الصداقة، وقطاع الطاقة الشمسية في صفقات الشركة الوطنية للكهرباء، وملابسات تصفية شركة «سونمكس»، وتسيير الهيئة الخيرية لشركة الصناعة والمناجم، وصفقة شركة بولي «هونغ دونغ» الصينية المختصة في صيد الأعماق، وحالة الصندوق الوطني لعائدات المحروقات، وملف عقارات الدولة».
عبد الله مولود
نواكشوط ــ “القدس العربي”