لمفهوم الخشونة في اللهجة الحسانية علامات (ألفاظا) يشار بها إليه ومن أبرزها لفظة "أحرش" حين يقال شيء خشن للمذكر وللمؤنث "حرشة"، وهي نفس العلامة التي تستخدم في اللغة العربية (اللغة الأم).
ولقد وقفنا في هذه الحلقة على بعض أوجه الدلالة حيث سمي نوع من الحيات لخشونة جلده باسم " الحريش" من الحرش، كما وصف الضب وهو سحلية صحراوية تسكن في المناطق الصخرية بأنه أحرش الظهر والجلد، وكلا الدلالات موجودة في الثقافة الحسانية ولهجتها المتفرعة من اللغة العربية.
حتى أن بعض أوجه الثقافة وشبهها ودلائل وحدتها تبرز لنا من خلال إطلالة على المعاجم لنرى ما حملته لنا اللغة من ملامح الثقافة العربية التي نهلت من معينها الثقافة الموريتانية، فمن منا لا يعرف أن سكان المناطق الصخرية في موريتانيا يحبون أكل لحم الضِّبَابِ وهو ما نجده عند العرب الأقدمين في جزيرتهم.
ففي مدخل حرش من معجم (لسان العرب) لمحمد بن منظور الأنصاري الرويفعى الإفريقى المتوفى سنة (711 هـ/1311 م):
(...)
والأَحْرَشُ من الدنانِير: ما فيه خَشُونة لِجدَّتِه؛ قال: دَنانِيرُ حُرْشٌ كلُّها ضَرْبُ واحِد وفي الحديث: أَنَّ رجُلاً أَخَذ من رجُل آخَرَ دَنانيرَ حُرْشاً؛ جمع أَحْرش وهو كلّ شيءٍ خشن، أَراد أَنها كانت جَديدة فَعَليْها خُشونة النَّقْش.
ودَراهِمُ حُرْشٌ: جِيادٌ خَشْنٌ حَديثة العَهد بالسِّكَّة.
والضبُّ أَحْرَشُ، وضبٌّ أَحْرش: خَشِنُ الجِلْدِ كأَنَّه مُحَزَّز.
وقيل: كلُّ شيء خشِنٍ أَحْرشُ وحَرِشٌ؛ الأَخيرة عن أَبي حنيفة، وأُراها على النسب لأَنّي لم أَسمع له فِعْلاً.
وأَفْعى حَرْشاءُ: خشِنة الجِلْدة، وهي الحَريِش والحِرْبيش؛ الأَزهري أَنشد هذا البيت: تَضْحَكُ مِني أَنْ رَأَتْني أَحْتَرِشْ، ولَوْ حَرَشْتِ لكَشَفْتُ عن حِرِش قال: أَراد عن حِرِكْ، يَقْلبون كاف المخاطبة للتأْنيث شِيناً.
وحيَّة حَرْشاء بيّنة الحَرَشِ إِذا كانت خشنة الجلد؛ قال الشاعر: بِحَرْشاء مِطْحانٍ كأَنَّ فَحِيحَها، إِذا فَزِعَتْ، ماءٌ أُرِيقَ على جَمْر والحَرِيشُ: نوع من الحيات أَرْقَط.
والحَرْشاء: ضرب من السُّطَّاح أَخضرُ ينبت مُتِسَطِّحاً على وجه الأَرض وفيه خُشْنَة؛(...)
وفي مادة ضبب بـ (لسان العرب) وهو نفس المعجم السابق:
(...)
والعرب تَسْتَخْبِثُ الوَرَلَ وتستقذره ولا تأْكله، وأَما الضَّبُّ فإِنهم يَحْرِصُون على صَيْده وأَكله؛ والضَّبُّ أَحْرَشُ الذَّنَب، خَشِنُه، مُفَقَّرُه، ولونُه إِلى الصُّحْمَةِ، وهي غُبْرَة مُشْرَبةٌ سَواداً؛ وإِذا سَمِنَ اصْفَرَّ صَدْرُه، ولا يأْكل إِلاَّ الجَنادِبَ والدَّبـى والعُشْبَ، ولا يأْكل الـهَوامَّ؛ وأَما الوَرَلُ فإِنه يأْكل العقارب، والحيات، والـحَرابِـيَّ، والخنافس، ولحمه دُرْياق، والنساء يَتَسَمَّنَّ بلحمه.
(...)
وفي مادة حَرَشَ بمعجم (القاموس المحيط) لمجد الدين الشيرازي الفيروز آبادي المتوفى سنة (817 هـ):
(...)
والحُرْشَةُ، بالضم: الخُشونَةُ.
ودِينارٌ أحْرَشُ: خَشِنٌ لِجِدَّتِهِ، وكذا ضَبٌّ أحْرَشُ.
والحَرَّاشُ، ككَتَّانٍ: الأَسْوَدُ السالِخُ، لأنه يَحْرِشُ الضِّبابَ، وابنُ مالِكٍ: سَمِعَ يَحْيى بنَ عُبَيْدٍ.
وحَيَّةٌ حَرْشاءُ، بَيِّنَةُ الحَرَشِ، محركةً: خَشِنَةٌ.
(...)
وفي مدخل حرش بمعجم (مقاييس اللغة) لأبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا القزويني الرازي (ت395 هـ/1004 م):
الحاء والراء والشين أصلٌ واحدٌ يرجع إليه فروعُ الباب.
وهو الأثَر والتحزيز. فالحَرْش الأَثَر ومنه سمِّي الرجل حراشاً.
ولذلك يسمُّون الدِّينارَ أحْرَش لأنّ فيه خشونة.
ويسمُّون الضبَّ أحْرَشَ؛ لأنَّ في جلده خشونةً وتحزيزاً.ومن هذا الباب حَرَشْتُ [الضبّ]، وذلك أنْ تمسح جُحْرَهُ وتحرّكَ يدَكَ حتَّى يَظن أنّها حيّة فيُخْرِج ذَنبَه فتأخذَه. (...)
تقبــلوا تحيـــــــاتــي ..