ما كان الرئيس دونالد ترامب رجل دين يعرف الطريق إلى الكنيسة الإنجيلية، واقفا على ناصية المذبح معترفا بأخطائه طلبا للمغفرة، فهو الليبرالي المنعم بثروة شغلته عن أداء طقوس العبادة، مفضلا طبقا من الكافيار على حلوى البركة التي يقدمها الكاهن.
ترامب رجل عاشق للحياة، طاب له دفء الانتقال في حضن ثلاث زوجات. السلوفينية ميلانيا عارضة الإثارة، كانت خاتمة رحلته في عالم النساء، كان يقف مفتخرا بقدرته على إغواء المرأة، أو إغرائها بعقد ثمين مقابل انتزاع قبلة تطفئ شوق قلب رجل ثري.
حياة عاشها دونالد ترامب، كادت تلقي بحلمه بعيدا عن الكرسي الرئاسي في البيت الأبيض، فهو لا يتردد في دعوة امرأة قابلها صدفة في طريق عابر بقوله الشائع: "واعديني أنا رجل ثري"!
يضع جمال المرأة مثقالا في ميزان دقيق، قبل انتقائه، لا تثيره الحواس الظاهرة فحسب، فالجمال المطلق مبتغاه، وكأنه يطبق قانون التجانس الرياضي لـ "فيثاغورس"، قانون التحكم بالظواهر الجمالية، فالجمال نسب وتوافقات رياضية، على قدر من الدقة يتجلى فيه المظهر وبنيته.
ما كانت صدفة أن يرى دونالد ترامب أهواءه في دور عرض الأزياء، دقة في حركة الجسد بأدائه المثير، شكل ظاهري يحرك حسا باطنيا، كانت رؤيته الأولى، جذبته إلى قفص ذهبي يراقص فيه عارضة الأزياء التشيكية زوجته الأولى إيفانا زلنيكوفا واهبة له جمال إيفانكا أبنته الأحب إلى قلبه والأقرب في فريقه الحاكم.
وجه تلفزيوني كان يستهوي التأليف في قطاع إعلامي، موهبة فتحت له التقارب مع الممثلة مارلا مابيلز ابنة عارضة الأزياء لورا آن لوكلير، عاش معها عاشقا، تزوجها بعد شهرين من إنجابها ابنته تيفاني.
طقوس العبادة في محراب ناسك متعبد، أمر لم يخطر ببال دونالد ترامب يوما، وحياته باب مفتوح على عشق جديد، قبل أن يكون عضوا في الحزب الجمهوري تمهيدا لخوض الانتخابات الرئاسية عام 2016، نما وتكبر في حضن إنجيلي مبارك ألقى به "إلها" في البيت الأبيض.
رفعه الإنجيليون عاليا كقائد سياسي "اختاره الله" يحقق لهم نبوءات الكتاب المقدس، حرموا قول لا في أمر يطلقه دونالد ترامب، فـ "من قال له لا كمن قال لا لله"، واعتبروا البيت الأبيض مقدسا طالما دونالد ترامب فيه.
المرأة في حياة ترامب، لم تفارقه حتى في لحظات الابتهال إلى الله، مفارقة غيرت طقوس العبادة، فلأول مرة في التاريخ، تتلو امرأة تراتيل الصلاة في حفل تنصيبه رئيسا للولايات المتحدة الأميركية، جاء بها في منصب المستشارة الروحية الخاصة به في البيت الأبيض.
وتعالت صيحات الإنجيليين عاليا من أجل التأثير في العقل الأميركي: "دونالد ترامب هو أداة الله لتقريبهم إلى النشوة والحكم وإلى النهاية في آخر الزمان، وبداية مكافأتهم بالنعيم السماوي، حيث رفع الصالحين إلى السماء".
هزم دونالد ترامب، وخرج من "قدسية" البيت الأبيض طائعا لقانون وضعي، قبل أن يحقق نبوءات "الكتاب المقدس"، تاركا الإنجيليين بلا إله نفخوا فيه وهما سرعان ما تبدد.