زالت آخر العقبات أمام تنظيم تشاور شامل بين الأغلبية والمعارضة، بعد أن منح المكتب التنفيذي لحزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية المعارض (الإسلاميون) الضوء الأخضر لقيادة الحزب من أجل المشاركة فى الحوار المقرر بداية أبريل 2021.
ونقل موقع «زهرة شنقيط» الإخباري عن مصادر مطلعة قولها «إن المكتب التنفيذي لحزب التجمع استمع يوم الإثنين لعرض قدمته رئاسة الحزب حول الإعلان الصادر عن الأحزاب الممثلة فى البرلمان، حيث أجاز المكتب قرار المشاركة فى الحوار».
وبموجب القرار ستكون الجلسات الآتية الممهدة للحوار محل اهتمام وحضور ومتابعة من قبل قيادة الحزب، مع التواصل المستمر مع مجمل الأطراف بغية إنجاح الحوار، وتحقيق أكبر قدر من التوافق حوله، تعزيزاً للديمقراطية، ورفعاً لمستوى العملية السياسية في موريتانيا.
وتواصل تنسيقية الأحزاب الممثلة في البرلمان اتصالاتها لإقناع مختلف الفاعلين السياسيين بالمشاركة في الحوار المرتقب.
وأعلنت في بيان أخير لها، أنه «استشعاراً منها بضرورة إيجاد إجماع واسع حول القضايا الوطنية الجوهرية، في ظلّ جوّ الانفتاح الذي تشهده الساحة السياسية حالياً، قرّرت منسقية الأحزاب المُمثلة في البرلمان طرح مبادرة تشاور سياسي وطني شامل؛ وتُجمل خريطة الطريق، التي بلورتها الُتنسيقية لهذا الغرض، رؤيتها العامة حول التشاور المنشود».
«إننا في تنسيقية الأحزاب المُمثلة في البرلمان، يضيف البيان، نعتبر أن الوقت قد حان لإجراء تشاور، يُشارك فيه الطيف السياسي الوطني عامّة، أحزاباً وفاعلين سياسيين، من أجل بلورة عقد جمهوري، يقوم على مبادئ الإنصاف والعدالة والمساواة، ويحمي الحريات الفردية والجماعية، ويُؤسس لنظام ديمقراطي صلب ومتجذر، ويُسهم بشكل بنّاء في الحفاظ على السّلم الاجتماعي وتعزيز الوحدة الوطنية، بعيداً عن النعرات الضيّقة وعن العنصرية والإثنية والقبلية والجهوية».
ومن هذا المُنطلق، ستقوم التنسيقية بالاتصال بكافة القوى السياسية الوطنية لإطلاعها على مضمون المبادرة والاستماع لآرائها حول هذا الموضوع، ودعوتها للمساهمة في تشكيل لجنة تحضيرية للحوار.
وتضم الأحزاب الممثلة في البرلمان اتحاد القوى الشعبية، واتحاد قوى التقدم، والاتحاد من أجل الجمهورية (الحاكم) والاتحاد من أجل الديمقراطية والتقدم، والتحالف الشعبي التقدمي، والتحالف الوطني للديمقراطية، وتكتل القوى الديمقراطية، وحزب الإصلاح، وحزب الحراك الشبابي، وحزب الحوار، وحزب الصواب (البعثيون) حزب الكرامة».
وفي تصريح لـ«القدس العربي» أمس، أكد المحلل السياسي محمد الأمين فاضل «أن الخريطة التي تقدمت بها تنسيقية الأحزاب الممثلة في البرلمان تتضمن العديد من نقاط القوة التي قد تساعد في نجاح التشاور المنتظر، بينها أن الدعوة لهذا التشاور لم تأت بمبادرة من جهة سياسية واحدة، أو من فريق سياسي واحد، وإنما جاءت بمبادرة مشتركة ضمت عدداً معتبراً من الأحزاب السياسية المحسوبة على الأغلبية والمعارضة».
وأضاف: «مما يساعد في نجاح الحوار المنتظر، كون إعداد وثيقة خريطة الطريق قد أحيط بالكثير من السرية، فلم يتسرب محتواها من قبل توقيع الأحزاب عليها ونشرها، ومن المعروف أن التسريبات الإعلامية كثيراً ما كانت تؤدي إلى فشل الحوارات، وخير مثال على ذلك التسريبات الإعلامية التي أفشلت في آخر لحظة الاتفاق الذي كان سيعقد بين الحكومة والمعارضة قبيل رئاسيات 2019».
«ومن عوامل نجاح الحوار، يقول فاضل، إن مواضيع التشاور التي تم تحديدها في خريطة الطريق لا تخص قضايا جزئية أو ملفات محددة، وإنما تشمل أهم القضايا الوطنية الملحة، ومنها أن الدعوة لهذا التشاور لم تأت في ظل أزمة سياسية كما تعودنا من قبل، وإنما جاءت في فترة هدوء سياسي، الشيء الذي قد يساعد كثيراً في إنجاح هذا التشاور».
وقال: «لن يقتصر التشاور المنتظر فقط على الأحزاب السياسية الموقعة على وثيقة خريطة الطريق، وإنما تم تشكيل لجنة اتصال ستتصل بالحزبين اللذين انسحبا في وقت سابق من التنسيقية، كما ستتصل ببقية الأحزاب والقوى السياسية الأخرى لدعوتها للمشاركة في اللجنة التحضيرية التي ستتشكل مستقبلاً للتحضير للتشاور». وأوضح المحلل «أن الوثيقة المقترحة للحوار حددت مبدئياً سقفاً زمنياً معقولاً، وهو قابل للتعديل: ثلاثة أو أربعة أسابيع للمرحلة التحضيرية، وخمسة أو ستة أسابيع لانطلاق التشاور» مبرزاً «أن مواضيع التشاور ستشمل كل الملفات والقضايا الكبرى بما فيها المسار الديمقراطي؛ الوحدة الوطنية؛ الحكامة الرشيدة؛ المحافظة على البيئة ومعالجة آثار التغيرات المناخية؛ حماية المصالح العليا للبلد».
يذكر أن خريطة الطريق المقترحة للحوار حددت مبدئياً آليات تطبيق مخرجات التشاور، حيث جاء فيها أنه سيتم إصدار وثيقة نهائية موقعة من طرف المشاركين وتتضمن نقاط الإجماع التي تم الاتفاق عليها، وأنه سيتم كذلك تحديد آلية متفق عليها لضمان تنفيذ ما جاء في وثيقته النهائية من نقاط إجماع».
وأكد فاضل «أن التشاور المرتقب يأتي بعد عقد من الصراعات والتجاذبات الحادة بين الموالاة والمعارضة، والتي لم تأت بنتيجة تذكر، الشيء الذي يجعلنا نفترض أن حماس الجميع سيكون كبيراً لتجريب التشاور والحوار علَّهُ يأتي بنتائج أفضل مما أتى به التصادم والصراع بين الأغلبية والمعارضة، وسيأتي إن شاء الله بنتائج أفضل إن حَسُنَت نيات المشاركين».
وأوضح في تحليله «أنه من الراجح، إن سارت الأمور بشكل سليم، أن القوى السياسية ستتوصل في نهاية المطاف إلى وثيقة سياسية تتضمن إجماعاً على كبريات القضايا الوطنية مع وضع آلية لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه، وستمثل تلك النقاط «برنامجاً وطنياً لا انتخابياً فقط» سيعمل الرئيس على تحقيقه، وبمشاركة ودعم من طرف كل القوى السياسية في البلد». وأضاف: «من حقنا أن نحلم بالوصول إلى تلك اللحظة السياسية الفريدة من نوعها والتي ستجتمع فيها الأغلبية والمعارضة على «برنامج سياسي وربما تنموي موحد» وإنـه من واجبنا جميعاً أن نعمل معاً من أجل الوصول إلى تلك اللحظة السياسية الفريدة من نوعها، والتي نحن اليوم في أمس الحاجة إليــــها».
عبد الله مولود
نواكشوط – «القدس العربي»