على إيقاع يوميات “كليلة ودمنة” أو حتى مسلسل “ألف ليلة وليلة”، يواصل الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز معاركه ضد الأمن والنيابة تحت أنظار الرأي العام المنقسم حول قضيته ما بين مطالب بمعاملته حسب القانون، ومستعجل يطالب بإنهاء قصته بإحالته للقضاء، ومن يتهم السلطات بالتراخي والتساهل مع ملف “من نهب البلاد”، حسب قولهم.
فبعد أن رد الرئيس السابق بتدويناته على ما يعتبره “خروقات اقترفت بحقه، وتهديدات وجهت إليه من جهة غير معروفة”، دخل حلبة صراعه مع القضاء والأمن، حزبه حزب الرباط الوطني من أجل الحقوق وبناء الأجيال، ودفاعه برئاسة المحامي محمد إشدو.
وطالب حزب الرباط، في بيان وزعه الأربعاء، وزارة الداخلية، أجهزة ودوائر، تحمل مسؤولياتها الوطنية المنوطة بها في تأمين الأفراد والممتلكات العامة والخاصة والسهر بأمانة وإخلاص على ضمان السكينة العامة والأمن لجميع المواطنين دون تمييز أو استهداف، خاصة أن الرئيس السابق السيد محمد ولد عبد العزيز لم يعترض طريقه أي شخص ولم يلق أي مضايقة يوم أمس ولا أثناء ممارسته للرياضة الذي اعتاد الجمهور على أن يتقاسم معه الشارع فيها حتى وهو في سدة الحكم.
وحمل الحزب في بيانه “السلطات الموريتانية وأجهزتها الأمنية كامل المسؤولية عن أي أذى أو تهديد معنوي أو لفظي أو بدني قد يطال الرئيس السابق السيد محمد ولد عبد العزيز الذي يعتبره الحزب في عهدة القضاء المسؤول عن تأمين حياته وممتلكاته من أية بلطجية سيدفع بها المتآمرون عليه والحاقدون والمخربون من الغوغائيين لإلحاق الأذى به”.
وأكد حزب الرباط “حرص الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز على تنفيذ متطلبات الحراسة المشددة التي أمر بها القضاء التزاماً منه باحترام القضاء ومؤسساته وأحكامه وأوامره بصفته الرئيس السابق للمجلس الأعلى للقضاء والمسؤول الأول عن احترام الدستور والقانون وإنفاذ الأحكام الأكثر من عقد من الزمن”.
وشدد الحزب على “حق الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، في اختيار وسيلة الحركة والتنقل للوصول إلى مفوضية الشرطة للتوقيع كما ألزمه القضاء بذلك، بالطريقة التي يراها “راجلاً أو راكبا” مادامت البيئة العامة وظروف الحركة تسمح له بذلك، وليس لأية جهة تنفيذية مهما كانت الحق في التدخل في المسار القضائي.
وفي بيان آخر، أكد محامو الرئيس السابق أن “الأولى ترك اختصاص القضاء للقضاء، وعدم استباقه والضغط الزائد عليه بتنظيم مظاهرات صورية أمام العدالة، وغير ذلك من النشاطات المكشوفة، وإصدار بيانات إعلامية إن دلت على شيء فإنما تدل على الطبيعة السياسية للملف برمته، وعلى التدخل السافر فيه من طرف السلطة التنفيذية، عن طريق إدارة الأمن ووزارة الداخلية”.
وأكد المحامون أن بيان إدارة الأمن صرح بأنه “لضمان السهر على تطبيق هذا القرار القضائي، تم تكليف عناصر أمنية يرتدون زياً مدنياً بالتواجد بالقرب من منزل المتهم والتأكد من تقيده بحيثيات القرار السابق”، وهو اعتراف علني بانتهاك حقوق وخصوصية وحرمة منزل خصم سياسي من طرف أجهزة المخابرات، واتخاذ “السهر على تطبيق هذا القرار القضائي” ذريعة للتجسس والمضايقة والتحرش السياسي؛ كما أنه إقرار صريح بمخالفة قوى الأمن لمقتضيات المادتين 14 و18 من القانون رقم 033/ 2018 المتضمن للنظام الأساسي للشرطة التي تنص على أن المفوضين وضباط الصف والوكلاء الذين هم ضباط ووكلاء الشرطة القضائية يرتدون الزي الرسمي أثناء مزاولة عملهم، ومن المعروف أن هذا المقتضى إنما هو ضمان لتمييز عناصر الأمن التي تقوم بعملها الشريف عن العصابات الإجرامية التي تتابع الأفراد”.
وأوضح المحامون أن “دور السلطات المكلفة بتطبيق المراقبة القضائية محدد بشكل دقيق في المادة 126 من قانون الإجراءات الجنائية؛ وهو التأكد من أن المتهم امتثل للالتزام المفروض عليه وإشعار قاضي التحقيق بكل تملص من التزاماته؛ وهو ما يمكن القيام به دون مطاردة أو استفزاز، وليس من ضمنه -بلا شك- إصدار البيانات؛ بل إن إصدار البيانات من طرف المشاركين في تطبيق الإجراءات أثناء التحقيق يعد انتهاكاً للسر المهني، طبقاً للمادة 11 من قانون الإجراءات الجنائية التي تنص على أنه: “تكون الإجراءات أثناء البحث والتحقيق سرية؛ وكل شخص يشارك في هذه الإجراءات ملزم بالحفاظ على السر المهني، وفقاً للشروط وتحت طائلة العقوبات الواردة في القانون الجنائي”.
وأضاف محامو الرئيس السابق “أن الوضع قيد المراقبة القضائية، بالرغم من أنه إجراء استثنائي قرره المشرع لغرض حصري، هو ضمان حضور المتهم كما هو صريح في المادة 123، ولا يمكن بحال تشديده إلا لتحقيق هذا الغرض، وبالتالي لا يمكن تبرير تشديده في حق موكلنا ما دام قد امتثل لكل التدابير السابقة واستجاب لكل الاستدعاءات، إلا أنه ظل ممتثلاً له دون أدنى انتهاك، وذلك بالرغم من أنه جاء في شكل عقاب له على التمسك بالمادة 93 من الدستور كما هو واضح في نصه، وبالرغم من أنه تضمن تدبيرين متعارضين هما عدم مغادرة المسكن والذهاب إلى مديرية الجرائم الاقتصادية للتوقيع، ولذلك مارس موكلنا الطعون القانونية المناسبة في هذا الإجراء”.
وتابع المحامون مؤكدين أن موكلهم، تمسكاً منه بتطبيق الأوامر والقرارات القضائية في انتظار بت المحاكم الأعلى في عدم شرعيتها، قرر الذهاب للتوقيع راجلاً، ما لم تتوقف هذه الاستفزازات؛ ابتعاداً بنفسه عنها وحماية لسالكي الطريق العام، وهو ما يتيحه له القانون؛ إذ لا الأمر القضائي حدد طريقة الذهاب، ولا القانون حددها، فله كامل الحرية في اختيار وسيلة النقل أو تفضيل السير على القدمين”.
عبد الله مولود
نواكشوط – «القدس العربي»