محمد قانصو فقيه شيعي معروف في إفرقيا الغربية، بحكم منصبه كنائب لرئيس المؤسسة الإسلامية الاجتماعية في السينغال، زار موريتانيا والتقته "البديل" صباح اليوم في مقر إقامته بفندق "مونوتل" بالعاصمة نواكشوط، وحاورته حول القلق الذي يبديه البعض من المد الشيعي
والحرب في سوريا، وتدخل حزب الله إل جانب النظام السوري، والنظام الموريتاني، والمتشيعين في موريتانيا.. إلخ..
فكان الحوار التالي:
- البديل: هل من تعريف للمؤسسة الإسلامية الاجتماعية في السينغال؟
- محمد قنصو: المؤسسة الإسلامية الاجتماعية في السينغال تعنى بأبناء الجالية اللبنانية أسسها الشيخ عبد المنعم الزين قبل 45 سنة، وهي مؤسسة اجتماعية مستقلة تتولى الشؤون الدينية والثقافية والاجتماعية للجالية هناك، لديها ترخيص رسمي بمزاولة نشاطها، ليس لها طابع مذهبي أو سياسي..
أما مجالات تدخلها فهي رعاية شؤون الجالية، من أحوال شخصية ومناسبات اجتماعية، وتوفير الرعاية الصحية والتعليمية والتثقيفية للجالية، كالمراكز الصحية، والمدارس، وقاعات المحاضرات.. إلخ.
- البديل: لماذا أنتم في موريتانيا الآن؟
- محمد قنصو: هذه أول زيارة أؤديها إلى هذا البلد الإسلامي الشقيق، بدعوة من بعض الإخوة والأصدقاء، لتعزيز التواصل والتعارف فقط.
- البديل: لنأخذكم قليلا إلى السياسية، كيف تنظرون إلى ما يسمى الربيع العربي اليوم؟
- محمد قنصو: انطلاقا من إيماني وقناعتي بحرية التعبير أعتقد أن لكل شعب الحق في اختيار النظام الذي يريده، وشكل الحكم الذي يلائمه، وأن يمارس حريته كاملة، وفق الضوابط الدينية والقانونية.. وإذا كانت هذه الثورات تعبر عن إرادة الشعوب فعلا، فلا يمكن أن نكون في موقع يعادي هذه الثورات..
- البديل: لكنها أثمرت دماء وحروبا في بعض الدول؟
- محمد قنصو: هناك ثورات صودرت منذ ولادتها، فالشعب السوري لديه مطالب رفعها في البداية، لكننا بدل مشروع سوريا الديمقراطية والحرية، فوجئنا بدخول التيارات التكفيرية تدخل على الخط، وتعلن عن مشروع آخر ليس هو من سعى إليه السوريون.
- البديل: والحل؟
- محمد قنصو: الأمور في غاية التعقيد، نتيجة لتداخل عناصر متعددة، ولا مناص من التسوية السلمية حقنا لدماء السوريين.
- البديل: وماذا عن تدخل حزب الله؟
- محمد قنصو: كثيرون تدخلوا في سوريا، ليس حزب الله وحده من تدخل، ولكل من هؤلاء وجهة نظره، ومبرراته، وبالنسبة لحزب الله فإنه رأى أن تدخله في المناطق القريبة من حدود لبنان ربما يحول دون تسرب الجماعات التكفيرية إليه..
- البديل: الحكومة الموريتانية كانت الحكومة العربية الوحيدة التي قطعت دابر العلاقات مع الكيان الصهيوني، في وضوح النهار.. كيف استقبلتم في محور المقاومة هذا القرار؟
- محمد قنصو: أجدد هنا ترحيبنا بهذا الموقف الشجاع، وأحيي الحكومة الموريتانية عليه، لأنه يعبر عن صدق انتماء هذا البلد الحضاري والثقافي.
- البديل: تتعالى في العالم الإسلامي الدعوات التي تحذر من ما تسميه المد الشيعي.. هل يمثل الشيعة فعلا خطرا داهما على الأمة؟
- محمد قنصو: هناك عملية تخويف يتفنن البعض في إطلاقها، بوسائل وطرق مختلفة، والواقع أنه لايوجد مد شيعي أصلا، وما تتحدثون عنه ينبغي أن يكون مشروعا ترعاه وتدعمه دول أو أحزاب ومنظمات، وهذا حسب علمي مناف للواقع.
ولا أرى أنه من المنطقي توصيف اعتناق بعض الإخوة والأخوات في هذا البلد الإسلامي للمذهب الشيعي بأنه مد شيعي.. هي عملية تخويف كما قلت لكم من قبل، ومصادرة وظلم لا أشك بأن وراءها أناسا ضيقي الأفق، يعتقدون أنهم وكلاء الله في أرضه، وأن الإسلام مختصر عليهم. المشكلة اليوم أن الشيعة والسنة معا يجب أن يقفوا في مواجهة هذا الفكر التكفيري الذي لا يجرؤ حتى على الجلوس لحوار الآخر.
واسمح لي هنا أن أعبر عن أسفي لما لاحظته خلال إقامتي القصيرة في موريتانيا من حجم التأثير على وسائل الإعلام من خلال منعها من إجراء حوار معي أو نشر حديث لي في صحيفة. فنحن دعاة أمن وسلام، نبتنى الحوار وسيلة وحيدة للتخاطب مع الآخر، وسبق وأن أكدت للإخوة الموريتانيين من معتنقي المذهب الشيعي ضرورة الحرص على المواطنة، والتماهي التام مع مشروع الدولة، واحترام النظام والقواعد الديمقراطية.. وأتأسف أن يعمد البعض إلى خنق هذا الصوت لتصوير كل من ينتمي لهذا المذهب بأنه مصدر خوف وقلق.
- البديل: تنتشر بين صفوف مسلمي السنة دعايات تتحدث عن تحريف الشيعة للقرءان الكريم، وسب الصحابة رضوان الله عليهم، بم تردون على هؤلاء؟
- محمد قصو: نقول بأن هذا يندرج في إطار الدعايات والحملات المغرضة على الشيعة كمذهب إسلامي، وأؤكد لكم هنا إن لدينا فتاوى ومواقف من مرجعيات كبيرة تحرم النيل من الصحابة وأمهات المؤمنين رضوان الله عليهم.
لانشك في أن غلاة الشيعة يتفوهون بما يسيئ للمذهب وللمسلمين عامة، تماما كما أن هناك من يذبحون الناس نهارا ويرفعون راية التوحيد. لكنهم في النهاية قلة لا يجب سحب مواقفهم واتجاهاتهم على المذهب بأكمله.
وعموما نحن نسعى إلى بناء المسلم الذي يشار إليه في السوق والشارع، المسلم المثالي الذي يحترم إشارة المرور، ويميط الأذى عن الطريق، ويحتكم لقانون بلاده.. هذه هي رسالتنا، وتلك هي غاياتنا، الذي نسعى لنشرها بالتي هي أحسن بين عامة المسلمين.
حاوره: سيدي محمد ابه