تحت عنوان: “هل يمكن أن تندلع الحرب بين المغرب والجزائر؟”. قالت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية إن مقتل ثلاثة جزائريين عند الحدود بين الصحراء الغربية وموريتانيا في قصف نسبته الجزائر للمغرب الذي نفى ذلك، أدى إلى تفاقم التوترات.
فقد نبهت الجزائر الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي إلى “استعدادها وقدرتها على تحمل مسؤولياتها في حماية مواطنيها”. لكن التصعيد بدأ فور إعلان نبأ قطع العلاقات الدبلوماسية. حيث أعلنت الجزائر أنها لا تنوي تجديد عقد تشغيل خط أنابيب الغاز المغاربي- الأوروبي الذي تصدر منه الجزائر الغاز إلى إسبانيا عبر أنبوب يمر من المغرب والذي دخل حيز التنفيذ هذا الأسبوع.
وفي سبتمبر الماضي، أغلقت الجزائر مجالها الجوي وكذلك قسما من الطريق الوطني الذي يربط 900 كيلومتر من الشمال إلى الجنوب بمدينة بوعرفة في أكادير المغربية. وفي أكتوبر، طالبت الجزائر العاصمة بانسحاب الجيش المغربي من معبر الكركرات الحدودي، وهي منطقة منزوعة السلاح تقع على الطريق الوحيد المؤدي إلى موريتانيا في أقصى جنوب الصحراء الغربية، وأعلن الرئيس عبد المجيد تبون، مستهدفا دون غموض، المغرب: “إذا شخص ما يبحث عنا، أقسم بالله أنها (الحرب) لن تنتهي”.
أخيرا، أغلقت الجزائر الباب أمام أي مفاوضات برفضها قرار الأمم المتحدة الصادر يوم الجمعة الماضي بتمديد ولاية مينورسو (بعثة الأمم المتحدة لتنظيم استفتاء في الصحراء الغربية) ، والذي دعا إلى استئناف المحادثات بين الجزائر والمغرب و الصحراء الغربية وموريتانيا. والمغاربة الذين اعتبروا أن قطع العلاقات الدبلوماسية “غير مبرر” في موقف الانتظار والترقب رغم الهجمات العسكرية للصحراويين التي تضاعفت في الأسابيع الأخيرة. وقال مصدر مغربي لوكالة فرانس برس، إنه منذ بدء وقف إطلاق النار في نوفمبر، قُتل ستة جنود من القوات المسلحة الملكية. لكن الملك محمد السادس أعلن يوم السبت أن “مغربية الصحراء لن تكون على أجندة أي مفاوضات”. ويؤكد مراقب مغربي: “إنهم يستعدون للحرب لكنهم لا يريدون أن يكونوا من سيبدأونها”.
في المقابل -تعتبر “لوفيغارو”- أن اختيار سعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش الجزائري منذ عام 2019، ليس غريباً على السنوات الأربع عشرة التي قضاها على الحدود مع المغرب على رأس المنطقة الثالثة العسكرية. ويخشى الصحافي المغربي علي المرابط قائلا: “المغاربة مثل الجزائريين ليس لديهم رغبة في بدء حرب، لكن عندما أفرطنا في تسليح أنفسنا لسنوات عديدة كما فعلوا، فمن الجيد أن نستخدمها ذات يوم”. فيما يؤكد سياسي جزائري سابق اشترط على الصحيفة عدم الكشف عن هويته: “المغاربة والجزائريون يستعدون للحرب منذ خمسين عاما. في عام 1963، اشتبكوا بالفعل خلال حرب الرمال. الجيش جاهز لكن بدء الحرب يتطلب إرادة سياسية أولا”.
وأوضحت “لوفيغارو” أن الجزائر تعد أكبر مشتر للأسلحة في أفريقيا بقيمة 9.7 مليار دولار عام 2020، والمغرب زاد إنفاقه على التسلح بأكثر من 30% في 2020 مقارنة بعام 2019 . ويمثل البلدان معاً أكثر من 60% من مشتريات الأسلحة في أفريقيا.
وأضافت الصحيفة أن سباق التسلح أذكى، بحسب معهد سيبري للدراسات الاستراتيجية، التوترات حول الصحراء الغربية؛ موضحة أنه إذا كان لدى الجيشين المغربي والجزائري نفس العدد تقريبا من الرجال، أكثر أو أقل من 15 ألفاً، فمن الصعب المقارنة، نظرا لاختلاف أدائهم واستراتيجياتهم ومستوى التدريب أو المجالات التي يجب الدفاع عنها. “في القوة الجوية، قواتهما متساوية تقريبا. لكن الجيوش البرية لا يمكن مقارنتها بأي حال من الأحوال، كما يوضح أكرم خريف، متخصص الأسلحة. فعلى سبيل المثال فيما يخص الجيل الجديد من الدبابات: يوجد في المغرب 380 دبابة، مقابل نحو 2000 دبابة في الجزائر.
وتابعت “لوفيغارو” التوضيح أن العديد من المحللين المغاربة والجزائريين يتفقون على أنه إذا كانت هناك حرب فإنها ستشن على جبهتين على الأقل، جنوبية وشمالية: “إذا اندلعت الأعمال العدائية في الجنوب (على الحدود مع الصحراء الغربية) فإن المغرب، الذي لا يضاهي الحرب على أرض مسطحة ومفتوحة، سيضطر إلى تصدير الحرب إلى مكان آخر، على سبيل المثال من خلال استهداف المراكز الحضرية أو محطات النفط في الغرب الجزائري”، كما تنقل الصحيفة عن متخصص جزائري في القضايا الأمنية. هذا هو السبب في أن خطر الحرب المعممة يجب أن يؤخذ على محمل الجد. لكن الجزائريين الذين يستعدون لهذا السيناريو هم في هذه الحالة يستهدفون مراكز صنع القرار العسكري والسياسي في المغرب نتيجة لذلك، ستكون أيضا حربا محدودة الوقت”، وفق الخبير الأمني الجزائري.
ولفتت “لوفيغارو” إلى المعلومات التي كشف عنها موقع Africa Intelligence في وقت سابق والتي تفيد بأن الرباط تخطط لتصنيع طائرات بدون طيار بالتعاون مع شركة BlueBird Aero Systems التابعة لمجموعة الصناعات الإسرائيلية (IAI).
ويعترف الخبير الأمني الجزائري أنه “في حالة نشوب حرب عامة، يمكن للإسرائيليين مساعدة المغاربة في استهداف منشآت النفط أو الغاز أو تنفيذ ضربات أخرى من هذا القبيل”. والجزائريون، من جانبهم، بإمكانهم الاعتماد على روسيا، المورد الرئيسي للأسلحة إلى بلدهم.