وقّع رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، وقائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، أمس الأحد في القصر الجمهوري، على اتفاق سياسي جديد، في محاولة لإنهاء الأزمة التي بدأت بعد انقلاب الجيش على الحكم المدني في الخامس والعشرين من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وسط تظاهرات منددة واعتراض قوى وأحزاب. وقال حمدوك إن توقيعه على الاتفاق جاء لـ”حقن الدماء ولفك الخناق الداخلي والخارجي على البلاد، واستعادة مسار الانتقال الديمقراطي الذي يتيح إمكانية الحفاظ على مكتسبات العامين الماضيين” .
وبيّن أن الاتفاق “سيحصن التحوّل المدني الديمقراطي عبر توسيع قاعدة الانتقال في السودان” .
أما البرهان فقد أكد أن “الاتفاق أسس للفترة الانتقالية التي تخيلناها”، متعهدا بـ”الوصول إلى انتخابات حرة ونزيهة بنهاية الفترة الانتقالية” .
ويتضمن الاتفاق 14 بندا، أبرزها إلغاء قرار إعفاء حمدوك من رئاسة الحكومة، وإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين، وتعهد الطرفين بالعمل سويا لاستكمال المسار الديمقراطي.
ويؤكد الاتفاق على أن الوثيقة الدستورية لعام 2019 هي المرجعية الرئيسية خلال المرحلة المقبلة، مع ضرورة تعديلها بالتوافق، بما يضمن ويحقق مشاركة سياسية شاملة لكافة مكونات المجتمع، عدا حزب المؤتمر الوطني (المنحل).
وينص الاتفاق كذلك على أن يشرف مجلس السيادة الانتقالي على تنفيذ مهام الفترة الانتقالية دون تدخل في العمل التنفيذي.
وخرج عشرات الآلاف من المتظاهرين في مدن العاصمة السودانية الثلاث أمدرمان، الخرطوم والخرطوم بحري، وعدد من الولايات، احتجاجا على الاتفاق.
وفرقت السلطات التظاهرات بإطلاق الرصاص والغاز المسيل للدموع، وسط حملات اعتقال واسعة، خاصة في وسط الخرطوم والمنطقة المحيطة بالقصر الجمهوري.
وقالت لجنة أطباء السودان المركزية في بيان: “ارتقت روح الشهيد يوسف عبد الحميد، 16 سنة، بعد إصابته برصاص حي في الرأس في مليونية21 نوفمبر في مدينة أمدرمان، بواسطة ميليشيات الانقلابيين متعددة الأسماء والمهام والأشكال” .
وأضافت: “بهذا يرتفع عدد الشهداء المؤكدين من جانبنا منذ الخامس والعشرين من اكتوبر إلى 41 شهيدا، وهو الشهيد الأول في مقاومة الاتفاق الانقلابي المداهن المعلن” .
وزادت: “يوجد عدد كبير من الإصابات بالرصاص الحي وحالة بعضهم حرجة، يجري الآن علاجهم وحصرهم” .
وأكدت قوى “الحرية والتغيير” رفضها للاتفاق، واختيارها الوقوف إلى جانب مطالب الشارع الرافض لأي اتفاق مع قادة العسكريين الحاليين.
القيادي في المجلس المركزي لقوى “الحرية والتغيير”، شهاب الدين الطيب، قال لـ”القدس العربي” إن “المجلس المركزي لم يتم التشاور معه حول أي اتفاق”، مؤكدا أن حمدوك “لا يملك أي تفويض لإجراء أي تسوية مع العسكريين” .
كذلك شدد القيادي في تجمع المهنيين السودانيين، الوليد علي، لـ”القدس العربي” على أن “أي اتفاق يفضي لبقاء الانقلابيين في السلطة مرفوض”، مؤكدا أن “مطالبهم واضحة وهي سلطة مدنية ثم حكومة مدنية.”
ووصف تجمع المهنيين، في بيان أمس، الاتفاق بـ”الخيانة”، واعتبره “مرفوضا جملة وتفصيلا ولا يخص سوى أطرافه”، وهو “مجرد محاولة باطلة لشرعنة الانقلاب” .
حزب الأمة القومي انضم بدوه للرافضين للاتفاق، معتبرا أنه “لا يخاطب جذور الأزمة التي انتجها الانقلاب العسكري وتداعياتها من قتل للثوار الذي يستوجب المحاسبة” .
حزب المؤتمر السوداني أكد أيضا رفضه لأي “اتفاق وعدم مشاركته في أي مفاوضات مباشرة أو عبر تمثيل من تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير” .لكن بعثة الأمم المتحدة (يونيتامس) أكدت عبر بيان أنها ترحب بـ”الإعلان المبدئي الذي تم اليوم بين الفريق عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك للتوصل إلى توافق حول حل الأزمة الدستورية والسياسية التي كانت تهدد استقرار البلاد”، وكذلك رحبت هيئة “إيغاد” للتنمية بالاتفاق، الذي حصل كذلك على إشادة من مصر والسعودية.