قبل 61 عاما، نالت موريتانيا استقلالها، ليحتفل هذا البلد العربي، كل عام بالذكرى في الـ28 من نوفمبر/تشرين الثاني، وتعم الفرحة بجلاء المستعمر عن البلاد.
ولا شيء يعلو هذه الأيام في سماء موريتانيا فوق الأعلام الوطنية خفاقة تعانق النجوم، احتفاء بعيد الاستقلال الوطني، الذي تعطل فيه المدارس، والمرافق الحكومية، ويلقي فيه رئيس البلاد خطابا إلى الأمة، يستذكر بطولات مقاومة المستعمر، وتضحيات الشهداء.
شيء من التاريخ
بدأ الاستعمار الفعلي من قبل فرنسا لموريتانيا، أواخر عام 1902، لكن الموريتانيين قاوموا الغازي الجديد ببسالة، استمرت 18 عاما، بين كر وفر، وخسائر بشرية من الجانبين، رغم عدم تكافؤ القوى بين المحتل وأصحاب الأرض.
وكان عام 1920 حاسما في بسط فرنسا سيطرتها على كامل الأراضي الموريتانية، وأعلنت باريس حينها موريتانيا منطقة إدارية خاضعة لنفوذها، بعد أن خفتت جذوة المقاومة، واستسلمت بعض الأطراف، وعقدت أخرى اتفاقيات تمليها الواقعية السياسية.
إرهاصات الاستقلال
أكملت فرنسا سيطرتها الكاملة على موريتانيا، وأصبحت تدير البلاد طولا وعرضا، وأقرت القضاء الشرعي، ونصب أمراء موالين لها في كامل جوانب القطر، يخضعون لسلطة الحكام والقادة العسكريين الفرنسيين.
لكن التطورات السياسية في العالم، وخاصة نتائج الحرب العالمية الثانية، فرضت على فرنسا إعطاء بعض المشاركة السياسية للموريتانيين، على غرار باقي مستعمراتها الأفريقية، حيث أصبح يسمح بتمثيل تلك البلدان، في الجمعية الوطنية الفرنسية.
وعام 1946 انتُخب أول عضو عن موريتانيا في البرلمان الفرنسي، وخلال الأعوام اللاحقة، أسس سياسيون موريتانيون أحزابا سياسية، لتمثيل بلدهم في الجمعية الوطنية، إلى أن نالت موريتانيا استقلالها الداخلي عام 1958، إثر استفتاء شعبي أيد بنسبة 84%، الخروج من عباءة فرنسا.
وعلى إثر ذلك أعلنت الجمعية المحلية في موريتانيا الاستقلال الداخلي، واعتبرت نفسها جمعية تأسيسية، وأصدرت قانونا في العام الموالي، بإنشاء دستور للبلاد، ينص على تعددية حزبية في هذا البلد، لأول مرة في تاريخه.
عام واحد كان كافيا لتنال موريتانيا استقلالها، بعد أكملت اللبنات الأولى لتأسيس الدولة الجديدة، وفي 28 نوفمبر/ تشرين الثاني، عام 1960، أعلن الاستقلال عن فرنسا، ضمن مجموعة كبيرة من الدول الأفريقية.
وفورا بدأت موريتانيا مرحلة التأسيس، بإصدار عملتها الوطنية الخاصة، وتأميم شركات المناجم، بمراجعة الاتفاقيات مع المستعمر السابق، وإنشاء دستور البلاد، واندماج الأحزاب السياسية، والمشاركة في المحافل الدولية، فانضمت إلى الأمم المتحدة عام 1961، والجامعة العربية 1973.