لا تتوقف النزاعات بين الجزائر والمغرب، وآخر فصل هو ممتلكات رعايا البلدين المطرودين إبان السبعينات، ولم يعرف الملف طريقه الى الحل ليتحول الى قنبلة تزيد من خطورة برميل البارود الذي يهدد العلاقات، وقد هددت الجزائر بمقاضاة المغرب أمام الهيئات القضائية الدولية.
وتناول سياسيون والصحافة المغربية في المدة الأخيرة ما كانت قد أقدمت عليه السلطات الجزائرية سنة 1975 على طرد عشرات الآلاف من المغاربة بعدما أزمة بين البلدين بسبب المسيرة الخضراء وبدء الحرب في الصحراء الغربية. ويهدد المغرب بطرح ملف المطرودين وممتلكاتهم على القضاء الدولي وعلى الأمم المتحدة.
ورغم التهديدات، لم يقدم المغرب على تنفيذها. وترى الجزائر في هذه الاتهامات إساءة الى صورتها بين الأمم، وقررت الرد عليها، وكان قائد الأركان العسكرية الفريق السعيد شنقريحة قد كشف منذ أيام عن خطة إعلامية للرد على كل الإساءات التي تتعرض لها الجزائر.
وتولى المبعوث الخاص المكلف بقضية الصحراء الغربية ودول المغرب العربي عمار بلاني الرد على المغرب بتوقيع مقال في جريدة الشروق الجزائرية اليوم الثلاثاء. ويدحض في مقاله الاتهامات المغربية، وكتب “في خضّم حملاتها العدائية المسعورة والمتواصلة ضدّ الجزائر، عادت مؤخرا أبواق وأقلام المخزن المغربي المدمنة على كره الجزائر والحقد على رموزها وشعبها، لممارسة هوايتها البائسة في تكرار نفس الدعاية المغرضة والمضللة بشأن مزاعم“ممتلكات المغاربة في الجزائر”.
ويعترف عمار بلاني بترحيل المغاربة سنة 1975، وينفي امتلاكهم لعقارات ومزارع ويقول أنهم كانوا مزارعين يعملون في حقول تعود ملكيتها الى الجزائر، وفي المقابل، يكشف طرد السلطات المغربية للرعايا الجزائريين سنة 1973 بعدما تبنى المغرب سياسة التأميم وطرد الأجانب، ثم مصادرة ممتلكات المغاربة سنة 1994 وطردهم من الديار المغربية.
واستغرب عمار بلاني كيف قامت السلطات المغربية بتعويض الملاكين الأوروبيين الذين تم انتزاع أراضيهم ومصانعهم سنة 1973 واستثنت الجزائريين.
وأنشأت الجزائر والمغرب سنة 2003 لجنة قنصلية لتصفية مشاكل العقار لرعايا البلدين، وعقدت اجتماعين ولم تسفر عن نتائج وتوقفت بسبب تأثيرات نزاع الصحراء الغربية.
ويهدد بلاني بالتوجه الى الهيئات القضائية الدولية لانتزاع حقوق الرعايا الجزائريين الذين فقدوا ممتلكاتهم في المغرب لأن الاتفاقيات الدولية تصون الملكية الخاصة للأجانب بغض النظر عن النزاعات بين الدول.
ويقول في المقال المذكور “أمام هذا الوضع، فإن الجزائر لن تقف مكتوفة الأيدي ولن تتوان أبدا في استخدام كافة الأساليب المشروعة والآليات القانونية للدفاع عن الحقوق المهضومة للمئات من المواطنين الجزائريين الذين جرّدوا من ممتلكاتهم دون أي تعويض. وستبادر، في هذا الصدد، بتوجيه كافة أشكال الدعم للجمعيات التي تتولى الدفاع عن حقوق هؤلاء الضحايا بغرض تمكينها من إسماع صوتهم والتأسّس كطرف مدني في الدعاوى التي سترفع مستقبلا ضد السلطات المغربية أمام مختلف الهيئات الدولية لاسترجاع حقوقهم”.
ومن شأن التهديد الجزائري الرسمي الذي أعلن عنه عمار بلاني أن يدفع المغرب الى رفع دعاوي مماثلة لرعاياه المطرودين من الجزائر سنة 1975.
وبعد انفجار الأزم الحالية بين البلدين التي بلغت الى قطع العلاقات الدبلوماسية، تخوف المراقبون من قيام البلدين مجددا بطرد رعايا كل بلد في استعادة لتصرفات السبعينات. ولم يحدث أي شيء من هذا القبيل حتى الآن.