بات فرانسوا بيا، الرجل الأكثر تداولا حاليا في الكونغو الديمقراطية، بعد توقيفه المفاجئ والتحقيق معه من طرف "الوكالة الوطنية للاستخبارات"، وهو الذي كان يشغل منصب المستشار الأمني للرئيس فيليكس تشيسكيدي، ومن قبله عمل مع 3 أنظمة سياسية في البلاد.
الرئاسة الكونغولية كسرت مساء أمس الصمت المطبق منذ السبت الماضي، حيث تم توقيف فرانسوا بيا، بينما كان الرئيس فيليكس يشارك في القمة الإفريقية بأديس أبابا، ويتبادل المهام مع ماكي سال على رئاسة الاتحاد الإفريقي.
ورغم أن البيان الرئاسي لم يحمل معلومات محددة، إلا أنه تضمن إشارات بشأن وجود "مؤشرات خطيرة تهدد الأمن الوطني".
ويعد فرانسوا بيا ابن مؤسسة الأمن والاستخبارات، فالرجل البالغ من العمر 67 سنة، اكتتب منذ أواسط عقد الثمانينيات في المكتب الوطني للتوثيقات، وذلك في عهد نظام موبوتو سيسوكو.
ويصف بعض من عملوا مع فرانسوا بيا الأب للعديد من الأطفال بأنه "رجل دولة بامتياز، ديناميكي ومهني"، وهو من ذلك الصنف من المسؤولين، الذين لا تصدق أنهم كذلك حين تراهم للوهلة الأولى.
تلقى فرانسوا بيا تدريبات في عدة دول، بما في ذلك أوروبا وإسرائيل والولايات المتحدة، ويعتبر البعض أن كونه ينحدر من "كاساي" بوسط الكونغو، منطقة المعارض التاريخي إتيان تشيسيكيدي والد فيليكس تشيسيكيدي الرئيس الحالي، قد شفع له في تولي هذا المنصب.
عين فرانسوا بيا عام 1994 بمجلس الأمن القومي، كمساعد رئيسي لتشيبومبو موكونا مستشار مختص في الأمن للرئيس موبوتو، وذلك في ذروة الأزمة السياسية في "زائير" سابقا، جمهورية الكونغو الديمقراطية حاليا.
وفي مايو عام 1997 حينما أسقط لوران ديزيريه كابيلا على رأس تحالف جماعات متمردة مدعومة من بعض دول المنطقة، نظام موبوتو، اختار بيا العيش في المنفى لأقل من عام، حيث عينه رئيس "الوكالة الوطنية للاستخبارات" حينها ديديي كازادي، والذي ترأس أيضا مجلس أمن الدولة، عينه مديرا لمكتبه.
وقد لعب بيا دورا كبيرا في عودة العديد من أنصار موبوتو الذين فروا من البلاد عندما تولى لوران ديزيريه كابيلا السلطة، قبل أن يغتال 4 سنوات بعد ذلك، ليخلفه جوزيف كابيلا.
وقد كلف كابيلا الإبن فرانسوا بيا بتولي رئاسة المديرية العامة للهجرة، كمدير لمدة 12 عاما، واعتبر ذلك مكافأة له على تميزه وخبرته العملية، مع لوران ديزيريه كابيلا.
وحين انتخب فيليكس تشيسكيدي رئيسا للكونغو الديمقراطية في دجمبر 2018، اختاره مستشاره الأمني الخاص، ورئيس المجلس الوطني للأمن، الذي يشرف على جميع أجهزة المخابرات في البلاد.
ويعتبر بعض من عملوا مع بيا، أنه ساعد تشيسكيدي في ترسيخ نظامه، من خلال لعب دور نسج خيوط ترابطه مع الرئيس السابق جوزيف كابيلا.
ومع ذلك، فإنه لم ينجح في دجمبر 2020 في منع فك ارتباط التحالف الحكومي، الذي جميع داعمي تشيسكيدي بداعمي سلفه كابيلا.
بل إنه أكثر من ذلك لم ينجح في الحفاظ على مكانته لدى الرؤساء، بعد تجربة امتدت زهاء 4 عقود، خدم خلالها مع 4 أنظمة متعاقبة، ليجد نفسه منذ أيام قيد التحقيق من طرف مؤسسة كان يشكل أحد رجالها الكبار، أما التهمة فهي تهديد استقرار النظام.