أعلنت أحزاب المعارضة الموريتانية «أنه لم يعد بمقدورها بعد الآن، الانتظار إلى أجل غير مسمى من أجل حوار تأخر مراراً وتكراراً، لاعتبارات غير مفهومة».
جاء هذا الموقف في سياق بيان نشرته المعارضة بشقيها المهادن والمتشدد يوم أمس، ووقعته أحزاب اتحاد قوى التقدم، وائتلاف العيش المشترك، وائتلاف العيش المشترك/حقيقة وتصالح، والتجمع الوطني للإصلاح والتنمية، وتكتل القوى الديمقراطية، وحزب التناوب الديمقراطي.
وأضافت في بيانها الذي انتقدت فيه الأوضاع: «بقدر ما لم يعد بمقدورنا بعد الآن الانتظار إلى أجل غير مسمى من أجل حوار تأخر مراراً وتكراراً، سنظلُّ مستعدين للمشاركة في ديناميكية التشاور، حسب آجال زمنية مقبولة».
وزادت: «بما أنّ هذا الحوار قد استوفى شروطاً مقبولة، فإننا نلفت انتباه السلطات إلى أن الوقت قد حان لإطلاقه، بُغية إعادة الأمل إلى الموريتانيين، والمضي قدماً في تعزيز اللحمة الوطنية، وترسيخ الديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية، وتنفيذ برنامج واسع للتنمية الاقتصادية والاجتماعية يضمن نمو وازدهار البلاد». وتوقفت المعارضة في بيانها أمام الأوضاع الحالية في موريتانيا، فأكدت «أن موريتانيا تعيش أوضاعاً صعبة؛ فعلى المستوى الاجتماعي يعاني المواطن من غلاء المعيشة بسبب الارتفاع المذهل للأسعار، وانتشار الفقر وتفشي البطالة خاصة في صفوف الشباب. وعلى المستوى السياسي وفيما يتعلّق بالحكامة، ينتشر الفساد وتتردى الإدارة، وينحسر حقل الحريات، وتعاني الوحدة الوطنية جرّاء ما تتعرض له بعض المكونات الوطنية من إقصاء وتهميش، مما يشكل تهديداً لانسجام شعبنا».
«هذا، تضيف المعارضة، علاوة على انعدام الأمن في الداخل وعلى الحدود، ومع تداعيات الأوضاع الجيوسياسية غير المستقرة السائدة في منطقتي الساحل والمغرب العربي، التي تقلقنا وتستوقفنا بشكل كبير».
ونظراً لما سبق، تتابع المعارضة الموريتانية، وانطلاقاً من قناعتنا الراسخة بأن إجراء حوار وطني شامل هدفه الوصول إلى إجماع واسع حول القضايا الوطنية الجوهرية، هو وحده الكفيل بأن يحمي البلاد من كل المخاطر والتهديدات التي قد تنجم عن هذه الأوضاع، فقد عملنا بلا كلل ولا ملل، من أجل انطلاق عملية الحوار والتشاور».
وأضافت: «مع ذلك الحرص، بقي من المُلاحظ أنّ بعض الدوائر ما زالت تسعى إلى تقويض هذه الديناميكية التي انطلقت منذ فترة من خلال مناورات مختلفة تتسم بالمماطلة».
يذكر أن الجديد في بيان المعارضة اليوم هو عودة التنسيق بعد التقاطع بين أحزابها المهادنة للرئيس الغزواني، وهي أحزاب اتحاد قوى التقدم، وتكتل القوى الديمقراطية، وحزب التناوب الديمقراطي، وبين تشكيلاتها السياسية المتشددة في معارضة الرئيس والتي تضم بين أحزاب أخرى، ائتلاف العيش المشترك، وائتلاف العيش المشترك/حقيقة وتصالح، والتجمع الوطني للإصلاح والتنمية.
كما أن الجديد في هذا البيان هو ممارسة المعارضة الضغط الجماعي على الرئيس الغزواني لإطلاق الحوار الذي مضت سنتان على موافقة الرئيس الغزواني على تنظيمه دون أي إقصاء أي طرف ولمناقشة جميع الموضوعات مهما كانت.
يذكر أن الحوار المرتقب مر حتى بمراحل متعددة؛ فقبل أكثر من سنتين اتصلت المعارضة الموريتانية برئيس الجمهورية وطلبت منه إطلاق حوار وطني شامل، حيث أظهر تحفظاً إزاءه لكونه لم يفهم المقصود منه، لكن منذ أغسطس 2020، أظهر الرئيس تقبلاً لفكرة الحوار، وبدأت المعارضة التفكير والتشاور مع الحزب الحاكم في الطرق التي يمكن أن ينظم بها هذا الحوار، وتوصل الطرفان في فبراير 2021 لخريطة طريق لهذا الحوار، ومنذ ذلك التاريخ حدث تباطؤ، أكد محمد ولد مولود رئيس حزب اتحاد قوى التقدم المعارض «أنه تباطؤ غير مبرر لكن فرضته الحالة» مشيراً إلى «أن المسؤولية عن التباطؤ تتقاسمها أطراف من الموالاة وأطراف من المعارضة».
وفي مارس / آذار 2021 قامت أطراف الحوار بحملة تعبئة شاملة لضمان مشاركة الجميع في الحوار، حيث عبر الجميع عن الاهتمام بالمشاركة، ليعطي الرئيس الموافقة على تنظيم الحوار في أغسطس 2021، ثم كان الاجتماع الذي عقد في أكتوبر 2021 بين جميع الأحزاب، بحضور المرشحين السابقين للرئاسة، وقد تمخض الاجتماع عن الاتفاق على تعيين لجنة إشراف من 12 عضواً: ستة يمثلون المولاة وستة يمثلون المعارضة، وهو ما يتواصل التشاور حوله منذ ذلك الوقت.
وبقي التفكير يحوم حول رئاسة اللجنة المشرفة على الحوار، حيث اقترحت الأغلبية أن تتولى الرئاسة، واعترضت المعارضة على ذلك، ثم اتفق الطرفان على أن يعين رئيس الجمهورية ممثلاً له، وقد وافق الرئيس الغزواني على ذلك قبل أسبوعين من الآن».
عبد الله مولود
نواكشوط –«القدس العربي»