قبيل قرعة نهائيات كأس العالم 2022 في الدوحة التي شاهدها الملايين عبر العالم، كشفت قطر والفيفا عن «لعّيب» كتعويذة رسمية للمونديال، الذي سيجرى في الدولة الخليجية في نهاية العام الجاري.
وفي فيديو تعريفي عن التعويذة، يبدو أن المنظّمين أرادوا ألا يكون «لعّيب» محصوراً بمعنى واحد وأن يراه كل شخص كما ترسمه له مخيّلته. وبحسب اللجنة العليا للمشاريع والإرث القطرية فإن التعويذة المبتكرة ترمز إلى شخصية مرحة قادمة من عالم افتراضي، واعتادت على متابعة بطولات كأس العالم عبر التاريخ والتفاعل مع أبرز لحظاتها، كما تتحلى بروح المغامرة والاستكشاف وتقديم المساعدة. وتشير قصة التعويذة إلى أن «لعّيب» جاء من العالم الموازي الذي يجمع تعويذات البطولات، وهو عالم افتراضي يرتكز على الأفكار والإبداعات، حيث تنشأ تلك الشخصيات في عقول المبدعين لتتحول بعدها إلى تعويذات مبتكرة. وبإمكان «لعّيب»، الذي يحمل صفات الشجاعة والإلهام، كسر حواجز الزمان والمكان للانتقال من مكان لآخر حول العالم. وستتواجد هذه الشخصية الكرتونية المرحة في كل مكان للترحيب بجماهير كرة القدم من أنحاء العالم، وتعزيز الأجواء الحماسية قبل شهور قليلة من انطلاق البطولة، وخلال منافساتها من 21 تشرين الثاني/نوفمبر حتى 18 كانون الأول/ديسمبر المقبلين.
وبدأ اعتماد تميمة أو تعويذة كأس العالم في نسخة إنكلترا 1966، فأظهرت رموزاً ظريفة تمثّل ميزة البلد المضيف واستُخدمت لأغراض الترويج والتسويق وإضفاء أجواء من المرح بين الجماهير. ويعتبرها كثيرون الأفضل في تاريخ كأس العالم، وهي عبارة عن أسد يرتدي قميصاً يحمل علم المملكة المتحدة، بينما نُقش على مقدمته عبارة «كأس العالم». وبفضل النجاح المنقطع النظير الذي حققه «ويلي»، أصبح اختيار تميمة رسمية بمثابة تقليد راسخ في الكثير من الأحداث الرياضية، وتحوّل «ويلي» إلى الأب الروحي لكل تميمة أتت بعده.
وعلى خطى «ويلي»، أتى «خوانيتو» (تصغير اسم خوان الشائع) ليكون التميمة الرسمية للنسخة التالية في المكسيك 1970، مرتدياً قبعة السومبريرو التقليدية والقميص الأخضر المميّز لبلاد الأزتيك. كانت تلك تميمة فريدة، ومناسبة تماماً لأوّل نسخة من كأس العالم يتمّ بثها في أرجاء العالم بالألوان. ولم يبتعد تصميم التميمة الرسمية لألمانيا الغربية 1974 عن سابقه، حيث تجسّد بصبيّين يرتديان قميص المنتخب. كُتب على أحدهما حرفا WM (اختصار «كأس العالم» بالألمانية) وحمل الثاني رقم 74. كان الصبيان يرمزان إلى مفهومي المودة والصداقة اللذين تم الاحتفال بهما مجدداً بعد 32 سنة. وللمرّة الثالثة توالياً، اختارت الأرجنتين 1978 أن تمثّل التميمة الرسمية صبياً يافعاً حمل اسم «غاوتشيتو» يرتدي زي منتخب البلاد مع القبعة التقليدية التي نقش عليها «الأرجنتين 78»، بينما كان يلتف حول عنقه منديل أصفر ويحمل سوطاً بيده اليمنى في إشارة إلى تقاليد تربية الماشية في الأرجنتين.
وفي إسبانيا 1982 ظهر «نارانخيتو» وهو مفهوم جديد للتميمة وكان عبارة عن برتقالة (أي نارانخا بالإسبانية) نموذجية ترتدي ألوان الماتادور الأحمر مع ابتسامة عريضة وروح مرحة. ومع استضافة المكسيك مجدداً للمونديال في 1986، عادت القبعة المكسيكية الشهيرة إلى التميمة الرسمية. لكن لم يعتمرها صبي صغير هذه المرّة، بل تم وضعها على ثمرة فلفل حار عملاقة يشتهر بها المطبخ المكسيكي. والمميز في وجه «بيكيه» كان الشارب المكسيكي التقليدي الطويل. وبهذا حافظت المكسيك على استخدام الفواكه والخضراوات الذي بدأ أول الأمر مع «نارانخيتو».
ومثّلت إيطاليا 1990 تميمة تبتعد عن الأنماط التقليدية في التصميم واتجهت نحو الأشكال الأكثر حداثة. كانت «تشاو» (وهي التحية الشهيرة بين الناس بالإيطالية) التميمة الأولى والوحيدة حتى الآن التي لا يوجد لها وجه. فقد ارتأى المصمّمون أن تكون على شكل جسد مكوّن من مجموعة من العصي التي تحمل ألوان العلم الإيطالي الثلاثة (أحمر وأبيض وأخضر)، بينما تتخذ كرة قدم موضع الرأس. وفصلٌ جديدٌ حملته تميمة نسخة 1994 عندما صوّت الجمهور الأمريكي لاختيار التصميم الأجمل. ووقع اختياره على كلب اسمه «سترايكر» ويرتدي الألوان الثلاثة للعلم الأمريكي (أحمر وأبيض وأزرق)، بينما ظهر الشعار الرسمي للبطولة على قميصه. وعادت فرنسا 1998 إلى استخدام الحيوانات. وبدلاً من الأسد، أتى الديك «فوتيكس» ليحمل حسن الطالع للفرنسيين. وتُعتبر التميمة من بين الأكثر غنى بالألوان، فكان جسم الديك يحمل اللون الأزرق ورأسه الاحمر، بينما كان منقاره أصفر اللون.
حملت النسخة الأولى لكأس العالم في الألفية الجديدة، تميمة ثلاثية بتصميم مستقبلي لم يكن غريباً على إرث كوريا واليابان 2002. كان لكل أتو وكاز ونك لون مختلف (برتقالي وبنفسجي وأزرق) وهي شخصيات خيالية تلعب رياضة كروية خيالية اسمها «أتموبول»، حيث شغل «أتو» منصب المدرب، بينما كان «كاز ونك» لاعبَين. وتم اختيار أسماء هذه الشخصيات بعد استفتاء على الانترنت واستطلاع آراء زبائن فروع سلسلة مكدونالدز في الدولتين المضيفتين.
وفي ألمانيا 2006 اختار زوار موقع الفيفا «غوليو 6 وبيله» ليكون التميمة الأجمل في النسخ الأخيرة للمونديال، وهو ما أظهر الشعبية التي حققتها تلك التميمة الثنائية. وبعد التصميم المبتكر وغير المألوف الذي حملته النسخة السابقة، عادت ألمانيا إلى الخط التقليدي في رسم معالم التميمة الرسمية للعرس الكروي باستخدام الأسد مجدداً، ولكن ترافقه هذه المرة كرة قدم تملك موهبة الكلام في تصميم أبهر الملايين.
في جنوب إفريقيا 2010، ظهر «زاكومي» الفهد الظريف الذي يتكوّن اسمه من مقطعين، حيث تعني «زا» جنوب إفريقيا فيما تعني «كومي» رقم 10 في العديد من اللغات الإفريقية. حاول «زاكومي» إبهار الجماهير وتسليتهم، واحتل مكانة مميزة في تاريخ كأس العالم. وفي البرازيل 2014 كانت فوليكو عبارة عن «درعاء»، حيوان ثدي آكل للنمل في طريق الانقراض يتقوقع عندما يشعر بالخطر ويتحوّل الى كرة. هذا الحيوان من أمريكا الاستوائية مغطى بلوحات عظمية قاسية على شكل قرون. تم اختيار درعاء «تاتو بولا» المنتمية إلى فصيلة حيوانات عديمة الأسنان، بعد عمل طويل وشاق. و«فوليكو» لفظ مشتق من كلمتين، «فول» من «فوتبول» وتعني كرة القدم، و«إيكو» من «إيكولوجيا» وتعني البيئة لنقل رسالة عن مدى الوعي البيئي. وفي روسيا 2018 ظهر «زابيفاكا»، الذئب ذو الصوف البني والأبيض مرتديا قميصاً مع عبارة «روسيا 2018» وهو يضع نظارات رياضية برتقالية ويرتدي ألوان العلم الروسي. واعتبر رمزاً للمتعة والجاذبية والثقة بالنفس. يعني اسمه بالروسية «مسجّل الأهداف». صمّمته الطالبة إيكاترينا بوتشاروفا، وحصل على 53% من الأصوات.