تبدأ اليوم في مبنى الأكاديمية في وزارة الخارجية في نواكشوط، أولى جلسات الحوار السياسي بين المعارضة الأغلبية الحاكمة في موريتانيا، وذلك بعد قرابة سنتين من الانتظار، وفي ظل تفاؤل عام.
وسيشرف على هذه الجلسة وعلى جميع جلسات هذا الحوار، الوزير الأمين العام للرئاسة يحيى أحمد الوقف، الذي كلفه الغزواني بالإشراف على هذا التشاور الذي جاء بعد نجاح الرئيس الغزواني في تهدئة الساحة السياسية ومنح الفاعلين السياسيين المعارضين جرعة من الثقة والأمل.
وأكد الوقف في رسالة وجهها للأطراف السياسية أمس “أنه يدعوها للمشاركة في أعمال اللجنة التحضيرية اليوم السبت، وذلك تنفيذاً لتوجيهات رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني، الرامية إلى تكريس سنة التشاور بين أطراف المشهد الوطني، وانسجاماً مع رغبة الأطراف السياسية في عقد تشاور وطني من أجل التوصل لأمثل الحلول الممكنة في مواجهة مختلف التحديات، وانطلاقاً من تكليفه من طرف رئيس الجمهورية بتنسيق التحضير لهذا التشاور الوطني”.
وتنعقد الجلسة التحضيرية الأولى للتشاور، بعد أن تجاوزت الأطراف السياسية خلافاتها حول عدد وتسمية ممثليها في لجنة الحوار، حيث أعلن أمس أن الأغلبية ستمثل بستة أشخاص بينهم أربعة للحزب الحاكم، وممثل لحزب الإصلاح، وآخر عن حزب حاتم؛ بينما ستمثل أطراف المعارضة بستة أعضاء يمثلون حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (الإسلاميون)، وحزب تكتل القوى الديمقراطية، وحزب التحالف الشعبي التقدمي (الناصريون)، وحزب اتحاد قوى التقدم، وحزب الصواب (البعثيون)، وحزب التحالف من أجل العدالة والديمقراطية – حركة التجديد، وحزب الحركة من أجل إعادة التأسيس.
ووجه المشرف على تنسيق الحوار دعوات لشخصيات سياسية خارج الأحزاب بينها بيرام ولد الداه ولد اعبيدي ممثلاً لحركة إيرا وحزبها الرك (تحت التأسيس)، وصمبا اتيام ممثلاً عن حزب القوى التقدمية للتغير (تحت التأسيس).
ولم تصدر الأطراف السياسية المعارضة أي بيانات تعليقاً على الدعوة التي توصلت بها من رئيس لجنة الإشراف، وهو ما فسره المراقبون بأنه “قبول للدعوة تلفه البرودة”.
وسكون سير ونتائج الجلسة التحضيرية الأولى للحوار حاسمة في استمرار هذا التشاور، لكونها ستتعرض لمسائل مهمة، بينها تاريخ ومدة الحوار، والنقاط التي سيشملها الحوار، والضمانات المتعلقة بتنفيذ مخرجات الحوار.
وفيما يتعلق بموضوعات الحوار، فقد أكدت مصادر موثوق بها، أنه سيدور حول عدة محاور بينها محور سياسي يشمل ملف الحكامة الانتخابية بمختلف جوانبها كالشراكة والتمثيل في اللجنة المستقلة للانتخابات، وتوسيع صلاحياتها، زيادة على ضبط علاقتها بوزارة الداخلية، ومستويات التداخل بينها وبين الجهاز التنفيذي للحكومة، إضافة لقضية اللوائح المشتركة، والنسبية الجهوية في الانتخابات.
وتواجه الحوار السياسي رهانات عدة بينها سقف التنازلات التي يمكن أن تقدمها السلطة للمعارضة، وطبيعة الضمانات التي يمكن أن توفرها الدولة لحماية نتائج الحوار السياسي، ولتنفيذ مخرجاته.
وتوصل أطراف المشهد السياسي الموريتاني بدعوات المشاركة في الحوار من الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية، وهو ما يضفي “طابعاً رسمياً” على التشاور، كما أنه يستجيب لمطلب المعارضة المعلن منذ أكثر من سنة، وهو تعيين مشرف فعلي على الحوار.
وفي انتظار الإعلان عد أجندة الحوار بالتفصيل، يطرح مراقبو هذا الشأن عدة أسئلة حول الحوار منها: هل الحوار المنتظر حوار سياسي يجمع الطيف السياسي من أجل نقاش الأمور والقضايا الوطنية العالقة التي تعيق فاعلية العملية السياسية والانتخابية، أم هو حوار بين السلطة والأحزاب؟ أم أنه تشاور لنقاش القضايا التي تخدم الديمقراطية؟
وأعطى تعيين يحيى ولد أحمد الوقف، أستاذ مادة الإحصاء الوصفي بجامعة نواكشوط مشرفاً على ملف التشاور السياسي بين الأغلبية والمعارضة في موريتانيا، زخماً جديداً لمسار الحوار المتعثر منذ أكثر من سنة ونصف.
ويأتي تعيين ولد أحمد الوقف مشرفاً على هذا الملف السياسي الحساس، لأسباب عدة، من أبرزها خبرته بالملف، حيث قاد فريق الأغلبية في جلسات التحضير للتشاور السياسي طيلة السنتين المنصرمتين، إضافة إلى حسن العلاقة التي تربطه بأطياف المعارضة، حيث كان من منظري رؤاها وقراراتها السياسية طيلة العشرية المنصرمة.
وقد توفرت للرجل أسباب القوة بعد أن حصل على أقصى دعم سياسي من الأغلبية ممثلة في ثقة رئيس الجمهورية وحزب الاتحاد من أجل الجمهورية، زيادة على موقف المعارضة من شخصه، حيث لم يعترض أي من أطرافها على اختياره مشرفاً على هذا التشاور.
عبد الله مولود
نواكشوط – «القدس العربي»