صورة تاريخية تعود لسنة 1951 وهي للمطرب اعلي ولد أيده وزوجته امنينة منت النانة وهما والدا: الفنان الكبير سدوم ولد أيده أطال الله عمره وأخوه المرحوم الخليفه... وقد شكلت هذه الأسرة ثنائيا فنيا رائعا في أواسط القرن الماضي في تكانت وغيرها.. وقد زارت هذه الأسرة الفنية العريقة مدينة اندر سنة 1951 انتهز الباحث الفرنسي في شأن الفن الموريتاني جيلبير روجيه (Gilbert Rouget)، وجود هذه الأسرة بتلك المدينة ليسجل منهما شريطين على أسطوانتين شمعيتين، وهي صناعة موسيقية قديمة جدا كانت رائجة في بداية وأواسط القرن العشرين. يذكر روجيه أنه لم يستطع أن يأخذ شروحا وافية من الفنان اعلي ولا منو زوجته امنينه حول التسجيلات المذكورة بسبب موسم خريف سنة 1951 الذي كان ماطرا بتگانت مما جعل الأسرة الفنية تغادر اندر بسرعة للعودة إلى أودية تگانت الغناء وبطاحها المتسعة. عرض روجيه التسجيلات في نفس السنة على المؤرخ والأديب والشاعر المختار بن حامد رحمه الله الذي كان حينها أستاذ اللغة العربية بمدرسة أطار ومعارا في نفس الوقت للمركز الفرنسي لإفريقيا السوداء (IFAN) باندر، كما عرض نفس التسجيلات على الفنانة الكبيرة ياقوته منت اعلي وركان التي كانت يومها باندر أيضا، ومن هي من أشهر المطربات بمنطقة الترارزة، كما أنها زوجة المختار ولد الميداح وأم الفنان القدير الحضرامي ولد الميداح. وقد زود المختار بن حامد الباحث روجيه بمعلومات مفيدة كما أعطته ياقوتهة تفسيرات وتوضيحات مهمة. يذكر روجيه أنه استفاد من ترجمة رسالة الشاعر الأديب محمد ولد محمد اليدالي الأبييري في الموسيقى الحسانية التي ترجمها إلى الفرنسية الأستاذ الفرنسي من أصل جزائري محمد بن موسى وهو حينئذ أستاذ اللغة العربية بمدرسة بوتلميت. كما استفاد من إشارات أعطاه إياها الرئيس الموريتاني الأسبق المختار بن داداه الذي كان حينها محاميا بمحاكم دكار بالسنغال. وكانت حصيلة ما سجله الفنان اعلي وزوجته امنينه شريطين: يبدأ الوجه الأول من الشريط الأول: ب"سيني كر" وخصوصا "شور اتنَاعيتْ" بشاهده المعروف "هنون ألا هنون"، والمقصود هَنُّونْ بن بُوسَيْف بن أحمد بن هَنُّونْ العبيدي وهو من أبرز أمراء أهل هَنُّونْ العبَيْدِي بل من أبرز أمراء المغافرة عموما وأخلدهم في الذاكرة الشعبية. وهو الذي مدحه سدوم بن انجرتو بالتهيدينة المشهورة بتَفرَغ زَيْنة (أي تنتهي جيدة) وأصل التسمية أن سدوم بن انجرتو كان ينشئها فينشدها قطعا تترى فما زالت جودتها في ازدياد ومطلعها: أفگرَاشْ انجُوع انقَيْوَان ۞ شِيخْ انزَايلهَ واحْللهَ وفيها يقول سدوم مخاطبا هَنُّونْ ءُ مَسْله ذَابحْهَ في الكرْعان ۞ فرْظ اعلى امبَارك يَوْكَلهَ (أي أنه مهما يأت أمرا من غير مأتاه فإن أولاد امبارك ينقادون له راغمين) فأغضب ذلك سيدي أحمد بن المختار رئيسُ فاتَة انغلي. وقد مدح سدوم هَنُّونْ كذلك بالتهيدينة التي مطلعها: فرصْ آفگرَاشْ انجْوع اگيل ۞ أخيَارْ الحل واتيَسْه وهو الممدوح بشور اتناعيت المذكور هَنون إلا هنون ۞ أسْك ماغلظ هنون. وقد زادت إمارته على 26 سنة (من 1215هـ/1800م إلى 1242هـ/1826م) وتوفي سنة 1242ه/1826-7م. وفي الشريطين الكثير من الأشوار التي تعكس عمق الموسيقى الموريتانية التقليدية خاصة عند مدرسة تگانت وتنوع مقاماتها وارتباطها بتاريخ البلاد السياسي والاجتماعي. http://archives.crem-cnrs.fr/archives/items/CNRSMH_E_1955_007_001_001_01
/عن صفحة الباحث الدكتور سيدي احمد ولد الأمير