بعد القرار الذي اتخذه الرئيس الموريتاني محمد الشيخ الغزواني وأنصاره، مستهل شهر يوليو/حزيران الماضي، والمتعلق بالتخلي التام عن حزب الاتحاد من أجل الجمهورية المؤسس في عهد الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، والانتقال إلى حزب “الإنصاف”، أعلن رئيس الحزب الجديد محمد ماء العينين ولد أييه، اليوم، عن تسمية لجنة مكلفة بالإشراف على إعادة تأسيس حزب “الإنصاف” الذي يحكم موريتانيا.
وفسرت هذه الخطوة بأنها مزيد من قطع الصلات مع حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، الذي ادعى الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز أنه حزبه، بل وكرر محاموه في عديد البيانات والندوات الصحافية “أن سبب التحقيقات الجارية مع الرئيس السابق، والممهدة لمحاكمته، إنما هو توجه الرئيس السابق نحو حزبه حزب الاتحاد بعد أن سلم الرئاسة لخلفه الرئيس الغزواني، وأن قضية الرئيس السابق “ليست قضية فساد، بل مجرد تصفية لحسابات سياسية”.
وحدد رئيس حزب “الإنصاف” للجنة، التي لوحظ اشتمالها على أعوان سابقين للرئيس السابق، بينهم وزير المالية مختار اجاي، مهام إعداد خارطة طريق لإعادة تأسيس الحزب، وما يتطلبه ذلك من إصلاح، وتقديمها لمصادقة المكتب التنفيذي.
وكلفت اللجنة كذلك “بتنفيذ مختلف مراحل خارطة الطريق تحت رعاية هيئات الحزب المختصة وهي المجلس الوطني، والمكتب التنفيذي، ورئاسة الحزب، والأمانات، واللجان”. و”باقتراح كل الإجراءات الضرورية ليؤدي الحزب مهامه التقليدية في أحسن الظروف، وعلى رأسها التحضير المناسب للانتخابات المقبلة، والإشراف على تنفيذها تحت توجيه ورعاية هيئات الحزب المختصة”.
وكان رئيس حزب “الإنصاف” محمد ماء العينين ولد أييه قد أكد مؤخرا، في شرح لسياقات التغيير المنبثق عن المؤتمر الاستثنائي للحزب، الذي عقد يوم الثالث يوليو الماضي، وبدأت فيه عملية إعادة تأسيس الحزب، “أن العمل السياسي للحزب مر بمرحلة أساسية كان لها الأثر البالغ في تغيير قواعد العمل السياسي أسلوبا وممارسة، وهي مرحلة إعلان الرئيس الغزواني عن مرحلة تهدئة وتطبيع سياسي مع جميع الفرقاء السياسيين”.
يضيف ولد أييه: “تكريساً لهذا التوجه غابت لغة التخوين وسادت ممارسة عمل سياسي قوامه التهدئة والتشاور، وجاء التغيير الحالي مؤسسا لمرحلة جديدة يطبعها الإنصاف وتلبية طموحات جماهير الحزب ومناضليه، وخاصة فئتي الشباب والنساء، وسكان الريف والطبقات الهشة”.
وتحدث رئيس الحزب عن “ضرورة تحيين خطة عمله، للتغلب على الصعوبات التي تواجه أداءه السياسي، وتم التأكيد على ضرورة استجابة الأنشطة الحزبية للواقع العملي والتوجهات الجديدة للحزب لتحسين الأداء السياسي، وهو ما يتطلب مراجعة الأنشطة المبرمجة لتجسد الإنصاف المطلوب في العمل السياسي”.
وكان أنصار الرئيس الموريتاني محمد الشيخ الغزواني قد تخلوا، في مؤتمر عام للحزب عقدوه يوم الثالث يوليو الماضي، عن حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الذين نازع فيه الرئيس السابق خلفه من قبل، واختاروا اسما جديدا للتشكيلة السياسية الجديدة هو “حزب الإنصاف”، كما غيروا شعار الحزب.
وانتخب المجلس الوطني لحزب “الإنصاف” وزير التهذيب ماء العينين أييه رئيسا للحزب خلفا لسيدي محمد ولد الطالب أعمر، وزير المياه في الحكومة الحالية، الذي أعلن استقالته على خلفية تسريب لتسجيل صوتي وجه فيه الوزير الطالب أعمر، حسب شكاوى قدمت عنه للنيابة، انتقادات لقبيلة “الأقلال” الموريتانية.
ولاقى التخلي عن تسمية حزب الاتحاد من أجل الجمهورية ترحيبا واسعا لدى الأوساط الداعمة للرئيس الغزواني والناقمة على سلفه محمد ولد عبد العزيز الذي ارتبط به حزب الاتحاد.
ويواصل المدونون من مراقبي الشأن السياسي تساؤلاتهم عن هذه التعديلات، وعما إذا كانت دالة على توجه الرئيس الغزواني نحو التغيير الشامل المنشود أم أنها مجرد تغييرات في الشكل لا المضمون.
عبد الله مولود
نواكشوط- «القدس العربي»