أعلن الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني “أن السنة الدراسية الجديدة التي ستفتتح يوم الإثنين القادم ستكون سنة مليئة بالتحديات الجسيمة، التي من أبرزها ما سيجري العمل عليه من حصر السنة الأولى الابتدائية في المدرسة العمومية”.
وأوضح في يوم تحضيري لبدء تنفيذ قانون إصلاح التعليم “أن حصر السنة الأولى المقبلة على المدارس العمومية لا يعني، مطلقا، تحجيما للتعليم الخاص”، مضيفا قوله “نحن نعي، ونقدر، حجم الدور الذي يقوم به هذا التعليم الخاص في نظامنا التعليمي. ونعتبره شريكا لا غنى عنه للمدرسة العمومية، ولذا يشكل دعمه محورا أساسيا في مقاربتنا لإصلاح منظوماتنا التربوية”.
وأكد الغزواني “أن موريتانيا توجد على مشارف افتتاح عام دراسي جديد، يصادف منعرجا حاسما في مسيرة بناء المدرسة الجمهورية التي يتطلع الجميع إليها”، مبرزا “أن بناء نظام تعليمي شامل، ذي جودة عالية، فاتح للآفاق أمام عبقرية الشعب، التي هي مورده الذي لا ينضب، يعتبر شرطا ضروريا في نجاح ما تعمل عليه حكومته من مكافحة الفقر والبطالة، والنهوض بالقطاعات الإنتاجية، ومحاربة الهشاشة، والغبن، والعقليات الاجتماعية السلبية، وغير ذلك”.
وقال “إن الغاية من إصلاح مؤسستنا التعليمية، هي جعلها أكثر قدرة على أن ترسخ لدى أبنائنا، تعاليم ديننا الحنيف، وقيم ثقافتنا العربية الافريقية، وقيم المواطنة، والمساواة، والتلاحم الاجتماعي، وكذلك أن تتيح لهم، جميعا، خدمة تعليمية ذات جودة عالية، منسجمة المخرجات مع متطلبات النهوض الشامل، الذي تتوفر بلادنا اليوم على مؤهلات معتبرة لتحقيقه”.
وأضاف الغزواني أنه “سيتطلب منا إرساء المدرسة الجمهورية، على النحو الفعال والناجع، بذل جهود كبيرة في سبيل التغلب على النقص في المدرسين، والحجرات، والمدارس، وتوفير الدعامات التربوية اللازمة، وضمان ظروف الأمان والعمل اللائق، للتلاميذ، والمدرسين، وطواقم التأطير”.
وزاد “أود هنا التأكيد على أنه ليس بمقدور أي إصلاح، أن يحقق المبتغى منه، إلا إذا تضافرت جهود كل الفاعلين في تنفيذه، ولذا، فإنني أدعو الأسرة التربوية، وجميع شركاء القطاع، وكافة المواطنين، إلى دوام استحضار أن إصلاح نظامنا التربوي أمر مصيري، تتحدد تبعا لنسب نجاحنا في إنجازه، حظوظنا في تحقيق النهضة الشاملة التي ننشدها”.
وأكد الغزواني أن الحكومة لن تدخر جهدا في سبيل دعم هذا القطاع، بما يرفع من القدرات المهنية، للمدرسين، ويطور البنى التحتية المدرسية، كمًا وكيفًا، ويوفر الدعامات التربوية، سبيلا إلى تحسين مؤشرات الفعالية، والتغطية، ونسب الاستبقاء، والأداء الإجمالي للمنظومة التربوية عموما”.
وسيدخل النظام التعليمي الموريتاني ابتداء من السنة الدراسية المقرر بدؤها يوم الإثنين المقبل، في أول سنة لتنفيذ الإصلاح الذي أقره البرلمان في تموز/ يوليو الماضي، والذي نص على أن مدة التعليم ما قبل المدرسي ستصبح ثلاث سنوات، أما التعليم القاعدي فهو إجباري ويمتد على مدى تسع سنوات مقسمة إلى تعليم ابتدائي مدته ست سنوات وتعليم إعدادي مدته ثلاث سنوات؛ أما التعليم الثانوي فمدته ثلاث سنوات تنقسم إلى مسلك عام، ومسلك تقني مهني، كما شمل قانون الإصلاح أسلاك التعليم العالي الثلاثة.
ونص القانون التوجيهي الخاص بإصلاح النظام التربوي الموريتاني على أن اللغة العربية هي اللغة الجامعة للمنظومة التربوية في موريتانيا، وعلى أن جميع أبناء موريتانيا، سيدرسون بها في جميع المستويات التعليمية.
العربية لغة التعليم الجامعة والصف الأول محصور على التعليم العام
كما تضمن القانون خيارا لإدماج اللغات الوطنية (البولارية، السوننكية، الولفية) في التعليم على كافة المستويات وذلك لإنصاف الأطفال من خلال تدريسهم بلغاتهم الأم من جهة، ولتكريس المدرسة التي يجد فيها جميع الموريتانيين ذواتهم من جهة ثانية.
ويسعى الرئيس الغزواني منذ وصوله للسلطة عام 2019 إلى إصلاح التعليم الحكومي الذي يواجه منذ عقود، حالة من ضعف المخرجات يرجعها متابعون للشأن التعليمي إلى جملة أسباب، يأتي في مقدمتها غياب تشجيع المدرس وضعف البنى التحتية، وهو ما جعل موريتانيا تصنف في مرتبة متدنية في سلم جودة التعليم في التقارير الصادرة عن مؤشر التنافسية العالمي.
وأفضت هذه الحالة إلى تراجع ثقة المواطن الموريتاني في التعليم الحكومي ببلاده، ما شجع ظهور وانتشار مؤسسات التعليم الخاص التي تكاد تكتسح الساحة التعليمية في المدن الكبرى.
وإلى جانب مؤسسات التعليم الخاص الوطنية، التي يصل عددها المئات، ولبعضها فروع في نواكشوط ومدن الداخل الموريتاني، تحقق المدارس الأجنبية رواجاً كبيراً بموريتانيا خصوصاً الفرنسية منها والتركية، التي باتت تشهد إقبالاً من الأثرياء وأبناء الأسر في الأحياء الراقية بنواكشوط ما أدى إلى ازدياد وانتشار فروعها.
عبد الله مولود
نواكشوط- “القدس العربي”