شهدت الساحة السياسية الوطنية مؤخرا بروز ترشيحات للإستحقاقات القادمة مع بداية العد التنازلي لموسم و موعد الإنتخابات خاصة من فئة الشباب و بعدد كبير داخل الدائرة الإنتخابية الواحدة.
قبيل إعادة تشكيل المشهد السياسي و رسم الخارطة النهائية و إفصاح الأحزاب عن مرشحيها
و حسم تزكيتها في الآجال القانونية المحددة سلفا.
فهل هي بداية عزوف عن الترشح من خارج الإطار الحزبي أو خروج علي الولاء والإنتماء للحزب ؟
أم أن الأمر جاء بدوافع أخري في ظل إنشغال الأحزاب والداخلية بتهيئة وترتيب إعادة تشكيل اللجنة المستقلة للإنتخابات بمقاس حزبي؟
إذ لا تعد ظاهرة عزوف الشباب الموريتاني عن المشاركة في الحياة السياسية وليدة اللحظة
بل إنها تعود الي أولي مراحل المسار الديمقراطي ،علي الرغم مما يشكله من ثقل و وزن داخل المخزون الإنتخابي.
لكن التفاهمات الحاصلة اليوم بين النظام ممثلا في شخصية وزير الداخلية واللامركزية و أعوانه و معظم قادة و ممثلي الأحزاب السياسية في ضوء التشاورات الأخيرة حول الإختلالات الواردة و النواقص البينة في المنظومة الإنتخابية .
ستشكل خطوة هامة نحو تعزيز و ضمان شفافية العملية الإنتخابية و ستخلق أرضية مناسبة و مواتية ستسمح بمشاركة واسعة للجميع و ستمكن الشباب من الخروج من مربع الإستنكاف السياسي نحو الإستعداد و التهيئة لإستحقاقات قادمة و مرتقبة ستكون بحجم التحديات قبل دخول موريتانيا مراحل إنتاج نفط و غاز واعدة ومثيرة للأطماع.
حيث أنها شملت إصلاحات و تصحيح إختلالات في الإطار المؤسس و المنظم للمسار الإنتخابي و وضع آليات أكثر شفافية و قبولا لدي الجميع و توسيع دائرة المشاركة و رفع القيود أمام المساهمة الواسعة للشباب من الجنسين و أصحاب الإحتياجات الخاصة .
بالإضافة الي ما أفرزت هذه اللقاءات من تفاهمات شكلت رؤية توافقية ستؤسس لإستحقاقات قادمة عادلة من خلال إعتماد الخطوات والإقتراحات التالية : -
‐ إعتماد النسبية في الإنتخابات البلدية و الجهوية وكذلك التشريعية واللائحة الوطنية .
‐ إعتماد لائحة للشباب مع نصيب لذوي الإحتياجات الخاصة
‐ تقطيع انواكشوط الي 3 دوائر ب 7 مقاعد لكل دائرة .
أمور من بين أخري ستساهم في إستقطاب أفضل و الرغبة الي الإنخراط في العمل السياسي.
فعلي العموم تعد الأحزاب السياسية من أهم التنظيمات السياسية التي تؤثر علي سير وحركة النظام السياسي و ضمان إستمراره وإستقراره فهي تؤدي دورا مهما في تنشيط الحياة السياسية حيث أضحت ركنا أساسيا من أركان النظم الديمقراطية.
فأداء الأحزاب ينعكس سلبا أو ايجابا علي نوعية الحياة السياسية و علي مستوي التطور الديمقراطي .
في حين تعد الأحزاب إحدي قنوات المشاركة السياسية للمواطن وكذا إحدي قنوات الإتصال المنظم في المجتمع فهي تقوم بالتعبير عن إهتمامات الأفراد و حاجاتهم و مطالبهم العامة و العمل علي تحقيقها من قبل الحكومة بفضل الضغط الذي تمارسه الأحزاب علي صناع السياسة العامة و كذلك نقل رغبات و سياسات الحكومة الي المواطنين و العمل علي تعبئة الجهود والمواقف المتباينة إزاءها إما دعما أو رفضا.
كما يمكن رصد تأثيرات الأحزاب السياسية في رسم السياسات العامة من داخل أو خارج إطار البناء السلطوي حيث تقوم الأحزاب بوظائف أساسية في المجتمع ابرزها تجميع المصالح و التعبير عنها و الإتصال والربط بين الحكومة و المجتمع بهدف بلورة القضايا العامة التي يتم مناقشتها عند وضع السياسة العامةو إثارة الرأي العام حولها.
في حين يري بعض المراقبين للشأن السياسي أن ما يعاب علي معظم الأحزاب الوطنية هي كونها أحزاب مواسم و مناسبات ليس إلا.
تتحرك في المناسبات السياسية و الإنتخابية وفي الوقت بدل الضائع ،تختفي بإختفاء المناسبة نفسها .،مما تسبب في ضعف الشعور بالإنتماء و الولاء للأحزاب و فتور العلاقة و إنعدام الثقة
و إتساع الفجوة بين الأحزاب والقاعدة الشعبية في ظل غياب الدعم والمؤازرة و تسجيل المواقف إزاء حالات التضرر و المآسي المتكررة التي مرت بها مناطق واسعة من البلاد والعباد.
بالإضافة الي التراجع الملحوظ في دور الأحزاب و تقصير البعض بالقيام في هكذا مناسبات سياسية بدعوة وتعبئة المواطنين بغية إعادة تجديد البطاقة الوطنية المنتهية الصلاحية و ضرورة مواكبة التسجيل علي اللوائح الإنتخابية في الوقت المناسب نظرا لما تتطلبه المهمة من وقت.
إن الإعلان المتكرر و المتزايد للترشحات من داخل الأوساط الإجتماعة ومن أبناء الوسط الحضري هو نوع من الإستياء غير معلن و إبراز الرغبة في القطيعة مع ممارسات و مسلكيات التبعية السياسية المألوفة و المعهودة في المواسم السابقة لعدم التجاوب والإستجابة لهموم المواطن و تفاديا لإستنساخ و إعادة تكرار تجارب الماضي.
قد يأتي هذا المسعي في إطار التعاطي مع إرهاصات مستجدات الساحة السياسية و ما تتطلبه المرحلة من مصارحة و مكاشفة و تحرك ويقظة قبل رسم خارطة المشهد السياسي .
لذا يري بعض المتتبعين للساحة الوطنية بان المرحلة الراهنة تتطلب ضرورة إعادة النظر في متغيرات الأمور و الأوضاع الطارئة قبل فوات الأوان.
و أن حزب الإنصاف يجب أن يكون حاضنة لمنتسبيه علي أسس سليمة وبروح وطنية مما يعزز من وحدة وتماسك داعميه و تغليب المصلحة العامة علي الخاصة تجسيدا لرؤية رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الغزواني نحو إصلاح شامل يعكس تنمية مستديمة و عدالة إجتماعية تتسع للجميع.
بحيث يكون الحزب واجهة الدولة في رسم السياسات العامة لمخططات و توجهات الحكومة .
ليشكل لاحقا قطيعة تامة مع ممارسات الماضي الخاطئة و السيئة و المشينة من غبن و تهميش و وعود كاذبة لمكونات عريضة من داخل المخزون الإنتخابي دأبت علي أن تكون ضحية إستغلال سياسي في العديد من المناسبات و المواسم الإنتخابية دون الإستفادة من الخدمات الضرورية أو أي تنمية محلية تذكر فتشكر ففي ذلك فليتنافس المتنافسون .
حفظ الله موريتانيا.
اباي ولد اداعة .