دخلت الساحة السياسية الموريتانية بقوة على مستوى المدن والقرى، في خضم الحراك السياسي السابق للانتخابات العامة المقررة في نيسان/إبريل من السنة المقبلة، والتي يتواصل التحضير لها على قدم وساق.
وأعلنت الحكومة، في هذا الإطار، عن إقرار مرسوم يحدد إجراءات الإحصاء الإداري ذي الطابع الانتخابي، الذي سبق الاتفاق عليه بين الحكومة والأحزاب السياسية في وثيقة التشاور الموقعة في أيلول/ سبتمبر الماضي.
وأكد وزير الداخلية واللامركزية الموريتاني محمد أحمد ولد محمد الأمين في توضيحات له «أن المرسوم يهدف إلى تحديد إجراءات تنظيم الإحصاء الإداري ذي الطابع الانتخابي لسنة 2023». وأضاف «أن المكتب الوطني للإحصاء تحت إشراف اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات هو الذي سيتولى تنفيذ الإحصاء الإداري ذي الطابع الانتخابي»، مبرزاً «أن العد التنازلي للعملية الانتخابية قد بدأ».
الإعلان عن تحالف كبير لسياسيين ونواب وقادة أحزاب
وقال: «إن إحصاء كافة المواطنين الموريتانيين من الجنسين الذين لديهم بطاقة تعريف ويبلغون (18) سنة فما فوق بتاريخ الاقتراع ويستجيبون للشروط القانونية المنصوص عليها، وإعداد ملف انتخابي جديد انطلاقاً من البيانات المجمعة خلال الإحصاء، وتدقيق هذا الملف على أساس التوزيع المعتمد لمكاتب التصويت من أجل إعداد لائحة انتخابية».
وأعلن الوزير عن «إجازة مرسوم يتضمن تمديد بطاقة التعريف الوطنية، في إطار منظومة إصلاحية للنظام البيومتري الذي يقوم بإصدار بطاقات التعريف وجوازات السفر، وهو إصلاح متدرج، يتضمن في مرحلة أولى تمديد بطاقة التعريف من 10 سنوات إلى 12، إضافة إلى كثير من الميزات والإيجابيات التي ستعود بالنفع على الهيئة المسؤولة عنه والمواطنين والدولة».
وأكد «أن تمديد بطاقات الهوية لن يؤثر على جودة البطاقة وصلاحيتها، إذ إنه في الدول الغربية تكون صلاحية البطاقة 15 سنة، في حين قررت موريتانيا أن تكون مدة صلاحيتها 12 سنة فقط، حيث ستمتد صلاحيتها إلى غاية 31 ديسمبر 2024».
وأوضح الوزير «أن هناك حاجة اليوم لطباعة 2 مليون بطاقة تعريف وطنية قبل الانتخابات البلدية والنيابية والجهوية المرتقبة في العام المقبل»، مبرزاً «أن معطيات وزارة الداخلية تؤكد وجود 1.5 مليون بطاقة تعريف منتهية الصلاحية، كما تؤكد وجود 500 ألف شخص بلغوا سن التصويت لأول مرة في الفترة الأخيرة ولا يتوفرون على بطاقات تعريف».
ويتزامن هذا التقدم الحاصل في التحضير الخاص بالانتخابات المنتظرة مع حراك واسع للتحالفات السياسية في صفي الموالاة والمعارضة.
وكان آخر ذلك، الإعلان عن تحالف سياسي واسع ومعارض تحت مسمى «أمل موريتانيا»، يضم منظمات وبرلمانيين، وأحزاباً بينها الجبهة الجمهورية من أجل الوحدة والديمقراطية، وتجمع الديمقراطيين التقدميين، والتغيير الجاد، والحراك الشعبي الديمقراطي، وموريتانيا جامعة، وموريتانيا القوية.
وأعرب تحالف أمل موريتانيا (أم) في ميثاق تأسيسه عن «قلقه بخصوص الوضع الخطير الذي تمر به موريتانيا، وما يتطلبه هذا الوضع من يقظة وتضافر للجهود في هذه المرحلة الخاصة من تاريخ البلد».
«فبالإضافة إلى التخبط الحاصل في أعلى هرم السلطة، يضيف التحالف، وما يصاحبه من الفشل في العمل الحكومي والذي يظهر جلياً في سوء الحكامة الاقتصادية والمالية وتضارب الخيارات السياسية وغياب الرؤية ونهب الثروات الطبيعية وخاصة المعدنية منها والبحرية، وانتشار الفساد وغياب العقوبة، وترسيخ منظومة قائمة على التمييز والإقصاء الاجتماعي، وهو ما يغذي شعوراً متزايداً من عدم الثقة ورفض الآخر وما يصاحب ذلك من مخاطر محدقة على الانسجام بين مكوناتنا الوطنية، وعرقلة الوصول إلى بناء وحدة وطنية منشودة، الأمر الذي يشكل تهديداً مستقبلياً على البلد».
وتابع التحالف: «كما استمر التصدع المتزايد في جسم الدولة وإفراغ المؤسسات العمومية التي تديرها حفنة عديمي الكفاءة، من محتواها لصالح الاعتبارات القبلية والجهوية».
وزاد: «وأمام هذه الأزمات المتعددة الأبعاد، فإن تنظيم انتخابات حرة وشفافة هو السبيل الوحيد في التصدي لها، وذلك لأسباب، منها انهيار المنظومة التعليمية بفعل التردي الحاصل، وحجم البطالة المستشرية، وتجاوز المديونية للمستويات المعقولة، ووجود أغلب المواطنين تحت خط الفقر، وسوء وضعية الخدمات الأساسية وطابع التخلف والبدائية التي تطبعها، واستمرار ممارسات العبودية، وغياب أي حل نهائي لملف الإرث الإنساني، وعدم الولوج إلى الحالة المدنية المعيق لتحقيق الوحدة الوطنية».
وأكد التحالف «أنه يتقدم لجميع الموريتانيين بمشروع يحمل الأمل وبنداء من أجل التعبئة، وبخاصة الشباب الموريتاني الذي هو رأس الحربة في كل مسيرة نحو التقدم، وأنه يتقدم للمرأة الموريتانية بمشروع ستكون لها فيه المكانة اللائقة، ولجماهير العمال وضحايا الإقصاء والتخلف، إلى كل هؤلاء يوجه التحالف عبر ميثاقه، نداء عاجلاً من أجل التعبئة في إطار مسيرة التقدم والتغيير».
عبد الله مولود –«القدس العربي»