لا يفكر الكثيرون في فصيلة دمهم إلا عند الحاجة إلى عملية جراحية أو التبرع بالدم. لكن دور فصائل الدم قد يتجاوز ذلك في الواقع لتكون وسيلة هامة في معرفة ما قد يهدد صحتنا العامة.
باستخدام استبيانات كبيرة على مستوى السكان، وجد الباحثون أن أنواعا معينة من الدم مرتبطة بمخاطر أكبر للإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية وأنواع معينة من السرطان، كما يقول اختصاصي أمراض الدم ريموند كومينزو، الأستاذ في كلية الطب بجامعة تافتس والمدير الطبي لبنك الدم ومختبر طب نقل الدم في مركز تافتس الطبي.
ويوضح كومينزو: “إنه ليس نوع العمل الذي يمكن أن يوجه اتخاذ القرارات السريرية لمريض معين. لكن هذه الروابط يمكن أن توفر سبلا لمزيد من البحث لفهم هذه الأمراض والمخاطر التي يتعرض لها مختلف السكان بشكل أفضل”.
وهناك أربعة فصائل رئيسية من الدم: A وB وAB وO. تعتمد فصيلة الدم (تعرف أيضا بمجموعات الدم أو أنواع الدم) لدينا على مستضدات معينة، وهي جزيئات تحفز الاستجابة المناعية، والموجودة خارج خلايا الدم الحمراء. على سبيل المثال، لدى مالك فصيلة الدم B، مستضدات B على خلايا الدم الحمراء، وهذا يعني أن أجسامهم سوف تتعرف على مستضدات B الأخرى على أنها آمنة ولن تتفاعل معها. ولكن إذا واجهت أجسامهم مستضدات A من دم منقول، على سبيل المثال، فسيحاول على الفور تدمير تلك الخلايا كما لو كانت عدوى. والأشخاص ذوو فصيلة الدم AB لديهم مستضدات A وB، والأشخاص الذين لديهم فصيلة دم O ليس لديهم أي منهما.
ويشار إلى أن أنواع الدم وراثية. إنها تنبع من اختلافات في جين واحد في أجسامنا يُعرف باسم جين ABO وهي ليست شيئا يمكننا تغييره. لكن تعلم كيفية تأثيرها على مخاطر الأمراض المختلفة يمكن أن يحسن فهمنا كيف ولماذا يتعرض الناس لمشكلات صحية مختلفة.
ad
السرطانات
تظهر الأبحاث أن الأشخاص الذين لديهم فصيلة الدم A أكثر عرضة للإصابة بسرطانات معينة في المعدة. ويقول كومينزو إن الالتهابات البكتيرية من بكتيريا “هيليكوباكتر بيلوري” أكثر شيوعا في المرضى الذين لديهم دم من النوع A، ويمكن أن تسبب هذه الالتهابات قرحة في المعدة والتهابات وأحيانا تؤدي إلى السرطان. وقد ترتبط بكتيريا الملوية البوابية أيضا بمعدلات أعلى من سرطان البنكرياس في فصائل الدم A وB وAB.
وقد تؤثر أنواع الدم الثلاثة هذه على خطر الإصابة بسرطانات أخرى أيضا.
واشار كومينزو: “بالنسبة للمرضى الذين لديهم دم من النوع A أو B أو AB، يمكن للجين ABO أيضا أن يلعب دورا في زيادة مخاطر الإصابة ببعض أنواع السرطان، وخاصة سرطان الرئة والثدي والقولون والمستقيم وعنق الرحم”.
لكن الباحثين ما زالوا غير متأكدين تماما من كيفية حدوث هذا الارتباط.
أمراض القلب:
وفقا لجمعية القلب الأمريكية، ترتبط أنواع الدم A وB وAB بخطر الإصابة بنوبة قلبية بسبب مرض الشريان التاجي أكثر من فصيلة الدم O. على وجه الخصوص، يبدو أن الأشخاص الذين لديهم دم AB هم الأكثر عرضة للخطر.
وتم ربط أنواع الدم هذه أيضا بمعدلات أعلى من اضطرابات التخثر.
سكتة دماغية:
وجدت دراسة حديثة أن الذين لديهم فصيلة الدم A كانوا أكثر عرضة للإصابة بسكتة دماغية قبل سن 60 عاما أكثر من الذين لديهم فصيلة الدم O.
وهناك حاجة إلى مزيد من البحث لتحديد سبب هذا الارتباط، لكن الباحثين يشيرون إلى أنه قد يكون له علاقة بكيفية مساهمة أنواع الدم المختلفة في عوامل التخثر.
البعوض والملاريا:
في التجارب المعملية، يبدو أن البعوض يفضل التغذية على الأشخاص ذوي فصيلة الدم O، على الرغم من أن العوامل الوراثية الأخرى تلعب دورا أيضًا.
لحسن الحظ، فإن وجود فصيلة الدم O يساعد في حماية الناس من أشد آثار الملاريا، وهي مرض ينقله البعوض.
كوفيد-19:
في دراسة كبيرة أجريت على مرضى أوروبيين، أشار التحليل إلى أن المرضى الذين يملكون النوع O من الدم كانوا أقل عرضة للوفاة من “كوفيد-19”.
يقول كومينزو: “كانت هذه بيانات من قبل اللقاحات، بالطبع. إنه لا يُترجم حقا إلى خطر على مريض فردي، لأن الخطر النسبي ضئيل للغاية”.
ويمكن أن يساعد فهم كيفية مساهمة أنواع الدم المختلفة في هذه المخاطر في تحسين كيفية التعرف على الأمراض المختلفة وإدارتها على مستوى السكان. لكن يجب ألا يبدأ الأفراد فجأة في القلق كثيرا بشأن المخاطر الخاصة المرتبطة بفصيلة دمهم، كما يقول كومينزو. العديد من هذه الاختلافات في المخاطر صغيرة، ويجب على المرضى القلقين بشأن صحتهم التركيز على عوامل الخطر التي يمكنهم السيطرة عليها.
ويوضح كومينزو: “هناك الكثير من الطرق التي يمكن للأفراد الذين لديهم أنواع الدم هذه أن يقللوا من مخاطرهم. وهذا يشمل ممارسة الرياضة، واتباع نظام غذائي صحي، وعدم التدخين، وتغييرات نمط الحياة”.