من أبواق منتشرة على الشوارع ومن القنوات التلفزيونية والإذاعية، يمتلئ فضاء العاصمة الموريتانية نواكشوط بل وعواصم الولايات الداخلية، بأناشيد الترشحات، فكل حزب فرحون بما قدموه من مترشحين سيعرضون على محك صناديق الاقتراع يوم السبت المقبل ضمن انتخابات برلمانية وجهوية وبلدية ستشهدها موريتانيا السبت المقبل. وتستفيد من هذه الحملات السياسية، أربع فئات هي الشعراء الذين تدفع لهم الأموال لكتابة كلمات الأناشيد، والفنانات اللائي يتقاضين مع طواقمهن الملايين لأداء هذه المنشودات، والخطاطون ومقدمو خدمات الصور الجدارية، وأخيراً بائعات الخيام اللائي يؤجرن ويبعن الخيم المستخدمة كمواقع للحملات الدعائية.
وبهذا الضجيج السياسي الملتهب، دخلت الحملة السياسية والإعلامية الممهدة للانتخابات، أسبوعها الثاني حيث بدأ مرشحو الأحزاب الخمسة والعشرين المتنافسة في هذا النزال الانتخابي الساخن تنظيم ما يسمونه ب «مهرجانات الحسم الأخيرة». واتسم الأسبوع الأول من الحملة بانفجار جدل متواصل بين منسقي حملات حزب «الإنصاف» الحاكم وقادة أحزاب الأغلبية الموالية للرئيس الغزواني منذ انتخابات 2019 الرئاسية، وذلك بعد أن أغلق منسقو حملة الحزب الحاكم يتقدمهم الوزير الأول محمد بلال، الباب أمام أي دعم للرئيس الغزواني من خارج حزبه حزب الإنصاف تحديداً، الأمر الذي جعل الكثيرين يسحبون ترشحاتهم مما يعرف ب «أحزاب الأغلبية»، وينتقلون لمساندة الحزب الحاكم، كما أنه الأمر الذي أثار امتعاض أحزاب الأغلبية». وأكد مسعود ولد بلخير، رئيس حزب التحالف الشعبي التقدمي المعارض، أن «الحكومة لجأت لتهديد القوى السياسية، بعد أن لاحظت أن الشعب الموريتاني أصبح واعياً بمصيره رافضاً للتلاعب بشأنه العام»، مبشراً في مهرجان شعبي ب «ثورة شعبية سلمية ستغير الواقع وتقلبه رأساً على عقب»، حسب قوله.
اختبار لشعبية الغزواني والناصريون يدخلون لأول مرة على الخط
ولعل الأمر الجديد في هذه الاستحقاقات هو ظهور الناصريين في تيار سياسي منفصل داعم للمترشحين الناصريين داخل الأحزاب، وذلك بعد أن ظل التيار الناصري سنوات طويلة منقسماً بين حزب التحالف الشعبي التقدمي، والحزب الجمهوري في إطار تفاهم سياسي بين قادتهم مع الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع.
وأعلن التيار الناصري في موريتانيا بقيادة الإعلامي الشهير الشيخ بكاي والسياسي محمد محمود ولد الشيخ «عن إطلاق مبادرة لحشد أنصاره، دعماً للمرشحين الناصريين حيثما كانت ترشحاتهم المتفرقة بين الأحزاب».
وأوضح محمد محمود ولد الشيخ في توضيح عن المبادرة «أن أعضاء رأوا أن من واجبهم دعم المترشحين من التيار العربي الإسلامي الحضاري الناصري بعد أن لاحظوا أن الوطن ينادي في المرحلة الحالية، جميع قواه الحية من أجل المشاركة في العمل السياسي إنقاذاً للوطن مما يهدده من أخطار أبرزها الخطابات الشرائحية والخطابات الفئوية والعنصرية التي طغت على السطح في السنوات الأخيرة». ويرى التيار الناصري الموريتاني الذي ظهر في وقت مبكر بعد استقلال موريتانيا، والذي واجه مطلع الثمانينيات قمع الأنظمة العسكرية «أن خبراته السياسية الطويلة وتجاربه الهامة ستمكنه من الحصول على نتائج هامة في استحقاقات السبت المقبل».
وبينما تقدمت التحضيرات لانتخابات يوم السبت المقبل على مستوى توزيع أكياس الاقتراع وبطاقات الناخب في عموم الولايات والمقاطعات، أعلنت السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية في بيانٍ نشرته حول نفاذ الأحزاب السياسية لوسائل الإعلام العمومية خلال الأسبوع الأول من الحملة الانتخابية، أنها «تمكنت من تأمين النفاذ العادل للمترشحين خلال الحملة الانتخابية، طيلة الأسبوع الأول من الحملة الانتخابية».
وأوضحت السلطة «أنها سهرت على تأمين التغطية المتوازنة بوسائل الإعلام العمومية خلال النشرات والحصص المجانية والبرامج الحوارية، حيث استفادت الأحزاب السياسية طيلة الأسبوع الأول من 173 حصة مجانية مدتها 782 دقيقة و31 ثانية».
وأشارت السلطة إلى «أنها عالجت بحرفية واستقلالية وانفتاح كل الشكاوى التي تلقتها من الفاعلين السياسيين بشأن النفاذ لوسائل الإعلام».
هذا، وذهبت أسبوعية «جون أفريك» الفرنسية في تعليق لها على مجريات الحملة السياسية الحالية إلى «أن الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني يواجه معركة حاسمة في صناديق الاقتراع الخاصة باستحقاقات السبت المقبل».
وأوضحت المجلة «أنه قبل عام واحد من الانتخابات الرئاسية، سيختبر الرئيس ولد الشيخ الغزواني شعبيته يوم 13 مايو، خلال الانتخابات التشريعية والجهوية والبلدية في مواجهة إسلاميي حزب «تواصل» والناشط المناهض للعبودية بيرام الداه اعبيد المترشح من داخل حزب الصواب».
وأضافت: «إذا كانت الانتخابات المحلية في موريتانيا لا تلقى الاهتمام عادة، فإنها على العكس من ذلك ستكون بالغة الأهمية في الدورة المنتظرة بعد أيام، حيث سيصوت مليون ناخب موريتاني لاختيار مجالس البلديات والجهات ونواب الجمعية الوطنية».
وأشارت الصحيفة إلى «أن الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني الذي تمتع بأغلبية مريحة في الجمعية الوطنية التي تم حلها في 13 مارس الماضي، يجد نفسه في هذه الانتخابات الأولى منذ انتخابه في يونيو 2019، أمام اختبار لمدى قوة شعبيته، وذلك قبل عام واحد من الانتخابات الرئاسية المقررة أواخر عام 2024، والتي يسود الاعتقاد بأن الرئيس الغزواني سيترشح فيها».
عبد الله مولود
نواكشوط – «القدس العربي»