ترجّل نزار قباني فرثاه درويش ورثاه عبد الرزاق ورثاه سميح القاسم .. وترجل محمود درويش فرثاه عبد الرزاق ورثاه سميح ورثاه محمد الفيتوري ..
عصف الموت بجيل الثورة في الشعر العربي بشكل متقارب،لم يسمح بفرصة لاستعادة الأنفاس ولم يسمح لذاكرة الحنين أن تخرج أحدهم ليستقر الآخر ..
كأنه عقد وانفرط ..!!
ترجل الفيتوري وسميح القاسم ولم ترثيهم القصائد العربية ..واليوم ترجّل العظيم عبد الرزاق فمن سيرثيه ..؟!
من سيرثي سيف القادسية وحصان كربلاء ومأذنة الفلوجة ونخلة البصرة وساقية الكوفة وفارس دجلة ..
من سيرثي عنفوان الحسين ونخوة الرشيد ..
من سيرثي عظمة صدام في الشعر ومن سيرثي ذي قار التي بعثت قصيدة وخلدت قصيدة ولن تموت أبدا لأنها قصيدة والقصائد لاتموت ابدا ..!
ياااا صبر أيوب !!
الشعر الجميل لا يموت والشعراء العظام لايموتون أبدا ..
إنهم يخضعون لنواميس الكون ويبتعدون بأجسادهم مانحين القصائد عمرا جديدا وخلودا جديدا ..
وليس الوجع في رحيلهم أبدا لكن كبير الوجع في عجزنا عن رثائهم ..!
من سيرثي أبا خالد في زمن لا يوجد فيه أبو توفيق ولا يوجد فيه سميح القاسم ولا يوجد فيه الفيتوري ..؟!
زمن استقال فيه الشعر من مهمته الثورية وتحول لايقاع في جوقة العجز العربية الرسمية ..
من سيرثي القصائد المعلقة كواحات بابل والثائرة مثل رجال الأنبار والغاضبة مثل شيوخ قبائل الفلوجة والشهيدة مثل أبطال العراق ..؟!
من سيرثي رجلا مات دون أن ُيصالح أو ينحني ..
ودون أن تسقط قصائده في زمن السقوط ..
وظل مرفأ الأوجاع أجمعها ومعقل الصبر؟!!
من سيرثي شاعر أم المعارك والرجل الوفي المخلص في زمن عزّ فيه الوفاء ؟!
آه لو كنت شاعرة!!
آه لو حروفي تستطيع إيفاء شاعرنا العظيم حقّه ..!!
في غمرة شغلي قرأت خبر وفاته ..
هكذا وصلني الخبر: "توفي صباح اليوم الشاعر العراقي عبد الرزاق عبد الواحد في أحد مستشفيات باريس بعد معاناة طويلة مع مرض عضال".
هكذا هي باريس تعوّدنا منها الإعلان عن أخبار لا تَسر ..!!
لو تعلمين يا باريس عظمة من مات عندك؟!
تدوينة ـ آسية عبد الرحمن