مع كل موسم خريف يتكرر نفس المشهد المتناقض: فائض في الماء ناتج عن تساقطات مطرية يؤدي إلى أضرار في بعض المدن والقرى، يصاحبه ـ وتلك هي المفارقة ـ عطش شديد في العاصمة نواكشوط، وبعض المدن الأخرى.
يتكرر المشهد المتناقض كل عام، عطش شديد في المدن الكبرى مع كل صيف، وفائض في الماء مع كل موسم خريف، قد يتسبب ـ في بعض الأحيان ـ في حصول أضرار مادية أو بشرية.
إن تكرر هذا المشهد المتناقض، عاما بعد عام، يفرض علينا أن نفكر بشكل جدي في طريقة ما للاستفادة من فائض الماء في موسم الخريف لنطفئ به ظمأ الناس في فترة الصيف. ليس هذا فقط، بل إنه من الواجب علينا أن نستفيد من مياه الأمطار من خلال السدود أو غيرها لتطوير الزراعة وزيادة محصولنا من الخضروات والحبوب.
نفس الشيء يحدث بشكل أو بآخر مع الخضروات التي تكثر في بعض القرى والمدن في فترة الشتاء وتنخفض أسعارها في تلك الفترة، وذلك من قبل أن تختفي في فترة الصيف، أو ترتفع أسعارها بشكل كبير، إن توفرت من خلال الاستيراد.
إن استيراد الخضروات يَطرح هو أيضا مشكلة، ذلك أن هذه الخضروات تختفي تماما عند ما يُغلق معبر الكركرات، أو عندما يقرر البلد المنتج لسبب أو لآخر أن يوقف تصديرها، أو عندما يحدث أي تذبذب في سلاسل التموين.
ترتفع أسعار الخضروات في كل عام قبيل شهر رمضان، ولا نفكر نحن خلال سنة كاملة في طريقة ما لتحقيق اكتفاء ذاتي من الخضروات، ليتكرر نفس المشهد كل عام، وربما يتكرر في العام أكثر من مرة إذا ما تم إغلاق معبر الكركرات، أو إذا ما تعطلت سفينة قادمة إلى بلدنا بها كمية من الخضروات، أو إذا ما قررت المغرب لسبب أو لآخر أن توقف تصدير الخضروات لبلدنا.
إننا بحاجة إلى المزيد من الاهتمام بزراعة الخضروات لتحقيق اكتفاء ذاتي في هذا المجال، ولتحقيق ذلك الاكتفاء لابد من العمل على توفير ما يلزم لحفظ وتخزين الخضروات في فترة ذروة الإنتاج للاستفادة منها في الصيف أو خلال شهر رمضان الذي يزداد فيه استهلاك المواطنين للخضروات.
بكلمة واحدة، نحن بحاجة إلى تخزين فائض الماء في الخريف لنستفيد منه في الزراعة، وكذلك لإطفاء ظمأ المواطنين في الصيف، كما أننا بحاجة إلى زيادة الإنتاج من الخضروات، والبحث عن وسائل حفظ وتخزين لمنتجاتنا من الخضروات للاستفادة منها في الصيف وخلال شهر رمضان وعند أي عملية تذبذب قد تحدث في سلاسل التموين.