أجازت اللجنة الوطنية للمحروقات ملف مناقصة لتزويد موريتانيا بالمحروقات، تم إعداد ملفها الفني ومعاييرها على مقاس شركة "أداكس إنرجي – ADDAX ENERGY" التابعة لمجموعة "أوريكس إنرجي ORYX ENERGIE" السويسرية، والتي تحتكر صفقات تزويد البلاد بالمحروقات منذ سنوات.
وشارك مسؤولان من شركة "أداكس" في الاجتماع المخصص لتحديد المعايير الفنية المطلوبة في ملف وشروط المناقصة DAO، وأبدوا آراءهم في تفاصليها، كما تمكنوا من تغيير شرط كان يمكن أن يستعبد شركتهم من صفقة بناء مخزن بسعة 100 ألف متر مكعب، تم تضمنيه في المناقصة.
وكشفت مصادر على صلة بالموضوع لوكالة الأخبار المستقلة تفاصيل تتعلق بالتحضير لهذه المناقصة التي تمت المصادقة عليها من طرف اللجنة الوطنية للمحروقات ويتوقع أن تعلن خلال وقت وجيز، ومنها الحضور اللافت لممثلي أداكس في اجتماعات تحضير الشروط المطلوبة في المناقصة، وكذا تقديم وزير البترول والطاقة والمعادن بيانا للحكومة عن تفاصيل الصفقة مع أنه لم يكن مبرمجا ضمن جدول الأعمال، ولم يرد في البيان الصادر عقب اجتماع الحكومة.
تفاصيل الصفقة
ويحمل إعلان المناقصة الذي تمت إجازته اليوم - وينتظر أن يعلن عنه في وقت لاحق - مستجدات مختلفة عن طبيعة هذا الصفقة التي كانت تجرى بشكل دوري، وأبرز هذه المتغيرات العودة بالصفقة إلى فترة سنتين كما كانت موجودة قبل وصول الرئيس محمد ولد الغزواني للسلطة، بدلا من ستة أشهر التي بدأ العمل بها منذ نحو ثلاث سنوات.
كما تضمنت الصفقة الجديدة بندا يتعلق ببناء خزان جديد بسعة 100 ألف متر مكعب في المنطقة التابعة للشركة الوطنية للمحروقات على الشاطئ، وحددت فترة إنجازه في 16 شهرا.
ووفق مصادر وكالة الأخبار فإن الوزير الناني ولد اشروقه أمر اللجنة الوطنية للمحروقات فور استلامه للوزارة بداية شهر يوليو الماضي بالإسراع في إعداد ملف المناقصة، وهو ما باشرته اللجنة الفنية المسؤولة عنه.
"أداكس" حاضرة
مصادر الأخبار قالت إن اللجنة المسؤولة عن الملف عقدت اجتماعين حول الموضوع أولهما يوم 18 والثاني يوم 21 أغسطس الجاري، وذلك لنقاش شروط ومعايير المناقصة، وخلال الاجتماع المنعقد في مقر اللجنة تفاجأ الأعضاء بوصول شخصين قالا إنهما يمثلان شركة "أداكس" وإن الوزير طلب منهما الحضور للمشاركة في نقاش شروط ومعايير الصفقة.
وقد أثار الأمر خلافا داخل الاجتماع، فيما قرر ممثلا الشركة الوطنية للصناعة والمناجم "سنيم" والشركة الوطنية للكهرباء "صوملك" الانسحاب من الاجتماع.
وحضر الاجتماع باسم شركة "أداكس" إريك ديريل، وأموري باريو، وناقشا مع اللجنة الفنية مختلف الشروط الواردة في الملف الفني للصفقة.
كما أضاف ممثلا شركة أداكس – وفق مصادر الأخبار – شرطا جديدا للشروط الاعتيادية للصفقة، حيث كان هناك شرط ينص على وجود تجربة في بناء هذا النوع من الخزانات لدى الشركة المتقدمة للفوز بها، لكن ممثلي "أداكس" نجحا في تغييره، وأضافا جزئية جديدة، وهي أن تكون الشركة قد بنت خزانا من هذا النوع، أو بني لها وتولت تسييره، وهذا الشرط هو ما يمنحها الفرصة للمشاركة في المناقصة.
وكانت شركة "أداكس" هي الشركة الوحيدة – من بين الشركات التي تتنافس عادة على هذه الصفقة – التي حضرت اجتماعات اللجنة الفنية، وأبدت آراءها في الشروط والمعايير الفنية في مخالفة صريحة لقانون الصفقات.
بيان غير معلن
ووفق مصادر الأخبار فإن وزير البترول والطاقة والمعادن الناني ولد اشروقة قدم بيانا حول المناقصة أمام مجلس الوزراء خلال اجتماعه الأخير.
وكان اللافت أن البيان لم يكن مبرمجا على جدول أعمال مجلس الوزراء، ولا يوجد أي أثر له في الملفات التي توزع على أعضاء الحكومة خلال اليوم السابق للاجتماع، وتحدد الملفات التي سيتم نقاشها خلال الاجتماع.
وحسب مصادر حضرت الاجتماع، فإن الوزير ولد اشروقه رفع يده ملوحا بطلب الحديث وذلك قبيل انتهاء اجتماع المجلس، وكان الجميع يعتقد أنه يريد التعليق على بعض الملفات التي تم نقاشها غير أنه بدأ في تقديم بيان عن التحضيرات التي قام بها قطاعه لتحضير مناقصة تزويد البلاد بالمحروقات.
وركز الوزير خلال بيانه على زيادة الفترة من ستة أشهر إلى سنتين، وكذا إضافة بند ببناء خزان إلى صفقة التزويد، وآلية تسديد تكلفة هذا الخزان على حساب الدولة.
وقد خلا البيان الصادر عقب اجتماع مجلس الوزراء من أي إشارة إلى هذا البيان، أو تناول لمضامينه.
توضيحات الوزارة
وقد اتصلت وكالة الأخبار المستقلة بالمستشار الإعلامي لوزير البترول والطاقة والمعادن أحمد فال محمدن لأخذ رأي القطاع حول هذه النقاط، حيث أكد المستشار أن المناقصة أجازتها اللجنة الفنية فعلا، وسيتم الإعلان عنها قريبا.
وأضاف المستشار الإعلامي أن المناقصة تضمنت تفاصيل جديدة منها زيادة الفترة إلى سنتين بدل 6 أشهر، وإضافة بند يتعلق ببناء خزان في نواكشوط بسعة 100 ألف متر مكعب، لافتا إلى أن تكلفته ستكون على حساب الدولة.
وأشار ولد محمدن إلى بناء هذا الخزان يستجيب لأهداف الوزارة، وأولها أن تكون خدمة توفير المحروقات مستمرة دون انقطاع، وأن لا يشكل ذلك أي ضغط إضافي على المحروقات.
وقال ولد محمدن إن اللجنة الفنية التي تولت إعداد الملف الفني استقبلت ممثلين عن شركة "أداكس" ضمن مشاورات مع الفاعلين في القطاع، وذلك باعتبار الشركة هي المورد الوحيد للمحروقات للبلاد منذ سبع سنوات، كما استقبلت ممثلين عن شركتي "سنيم" و"صوملك" كمستهلكين كبار، وذلك لأخذ رأيهم حول الموضوع.
وأضاف ولد محمدن أن اللجنة وجهت أسئلة خلال هذه التشاور لكل الشركاء، وتركزت هذه الأسئلة حول أسباب زيادة أسباب الأسعار المحروقات في البلاد، وآليات التغلب عليه، مردفا أنهم أجمعوا على أن سببها الأول هو عدم وجود سعة تخزينية كافية في نواكشوط.
وأكد المستشار الإعلامي لوزير البترول أن هذا هو ما جعل الدولة تقرر بناء هذا الخزان، وذلك للتغلب على مشكلة التخزين، منبها إلى أن هذه السعة هي أقل سعة كافية لحل الإشكال.
ولفت المستشار إلى أنهم كانت أمامهم خيارات لبناء هذا الخزان منها مثلا إنجازه عبر الشراكة بين القطاعين العام والخاص وفق آلية PPP، لكن الدراسة الفنية أظهرت أن هذا الخيار سيزيد سعر طن المحروقات ما بين 3 إلى 6 دولار، وبناء على ذلك فضلوا إدراجه ضمن الصفقة.
وحول الشرط الذي أضافه ممثلو شركة "أداكس"، قال المستشار الإعلامي إنه لا يوجد شرط بعينه أضافه ممثلو شركة "أداكس"، وإن الشرط الذي تم السؤال عنه شرط عادي، ومتوفر في جل الشركات، ولا يعد استبعادا لأي منها.
وفيما يتعلق بتقديم الوزير بيانا أمام الحكومة حول المناقصة، ولم يكن على جدول أعمالها، ولم يرد في بيانها الختامي، قال المستشار الإعلامي للوزير إن الوزير الناني ولد اشروقه قدم – فعلا - بيانا شفويا أمام مجلس الوزراء حول الموضوع، لافتا إلى أن البيان الشفوي لا يضاف لجدول الأعمال، ولا يرد في البيان الصادر عن مجلس الوزراء.
وأضاف أن الوزير وضع الحكومة في صورة التحضير للمناقصة، وقدم تفاصيل عن النقاط الجديدة التي يتضمنها ملف المناقصة الجديدة.
واحتكرت شركة "أداكس" تزويد موريتانيا بالمحروقات خلال السبع سنوات الأخيرة، وواكب فوزها جدلا حول الشفافية، وآليات تفويت الصفقة لها.