تمهيد
تعتبر الشركة الوطنية للصناعة والمعادن (سنيم) مساهما رئيسيا في ميزانية الدولة (22% من مداخيل ميزانية الدولة 2022) بالإضافة لكونها المشغل الوطني الأول بعد الوظيفة العمومية. وهذا ما يحتم العمل على تطويرها، خاصة وأن الدولة الموريتانية تمتلك منها نسبة (78%) كما يجعل الاهتمام بترقيتها وتنميتها من الضروريات، بل يجب أن يكون من الأولويات، لأنها صمام أمان للاقتصاد الوطني.
الواقع
تمتلك شركة "سنيم" حاليًا ثلاثة مصانع إنتاج رئيسية، واحد منها فقط يحتوي على وحدات إثراء معدني، ولذلك فإن الإنتاج السنوي لشركة "سنيم" بقي ثابتا تقريبا، خلال العقود الماضية، أي في حدود 12 مليون طن من الحديد الخام، رغم التوسع الإيجابي لسوق التصدير لدى الشركة، حيث شمل مؤخرا أسواق المغرب العربي وشرق أوروبا بالإضافة للسوق الصينية، مما مكن الشركة من الصمود خلال فترة الركود التي شهدتها الأسواق في العقد الأخير.
في المقابل تمتلك الشركة رخصة لاستغلال معادن الفئة "أ" (الحديد) وعدة رخص للتنقيب بعضها لم يستخدم حتى الآن. وفيما يتعلق بالدراسات، فلدى الشركة عدد من المشاريع قيد الدراسة، في حين توجد أخرى قد اكتملت دراساتها منذ زمن لكنها لم تتجاوز مرحلة الدراسات، بسبب الحاجة للتمويل، وينطبق الأمر ذاته على مشاريع توسع ما تزال حبرا على ورق.
هذا بالإضافة إلى التكاليف الباهظة لإنتاج طن الحديد الواحد. بعض أسباب هذه التكاليف يرجع لإنتاج الطاقة وبعضها يرجع لتكاليف التعدين (حوالي 80$) مقارنةً بنظيراتها في دول أخرى منافسة، حيث قد تصل التكلفة لنصف هذا المبلغ (حوالي 40$ للطن).
وهو ما يؤدي إلى انخفاض هامش الربح وبالتالي انخفاض قيمة الدخل الذي تساهم به الشركة في ميزانية الدولة.
الفرص المتاحة
كانت شركة "سنيم" قد وضعت أهدافا استراتيجية ورؤية طموحة سنة 2020 من أجل مضاعفة إنتاجها ليصل 24 ألف طن سنويا في أفق عام 2026. ويعتمد هذا البرنامج على عدة محاور من أهمها:
1. تفعيل وتسريع مشاريع التعدين:
لدى شركة "سنيم" عدة مشاريع لو تم تنفيذها لاستطاعت مضاعفة إنتاجها خلال فترة وجيزة، ومن الأمثلة على ذلك:
- مشروع توسعة مصنع الگلب: وقد أعلنت عنه الشركة في عام 2020 لكن لم يتم تنفيذه لحد الآن.
- مشروع معدن تيزرغاف (6 مليون طن سنويًا)، وقد أعلنت أيضا في عام 2020 عن تحديث دراسة جدوائيته، وما يزال يراوح مكانه.
2. مراجعة سياسة الإنتاج:
تحتاج شركة "سنيم" إلى مراجعة شاملة لسياستها الإنتاجية لخفض تكاليف الإنتاج من أجل زيادة المردودية، وبالتالي تنافسية أفضل على المستوى العالمي.
فعلى غرار شركات التعدين العالمية، كانت شركة "سنيم" قد وضعت برنامجا سنة 2020 للتركيز على الإنتاج والتعامل مع شركات مختصة في مجال التعدين ومحاسبتها حسب الطن المنتج، لكن يبدو أن هذا البرنامج تم إلغائه فيما بعد.
خلاصة
من أهم العقبات التي تعرقل تقدم شركة "سنيم" هو عدم القدرة على فتح معادن جديدة لتقوية إنتاجها، إذ بشكل واقعي يمكن مضاعفة إنتاج الشركة خلال فترة لا تتجاوز ست سنوات.
كما يمكن تحسين مردودية الشركة عن طريق تغيير سياستها الإنتاجية بحيث يزيد هامش ربحها، كما يمكن أيضا تفعيل خدمات إضافية مثل نقل المعادن للشركات الأخرى (الحديد، اليورانيوم…) مما سيزيد وينوع من مداخيل الشركة. دون أن ننسى التحسين المطلوب في معايير الجودة والسلامة من أجل منتج ينافس على المستوى العالمي.
هذا بالإضافة إلى تفعيل وتسريع المشاريع المشتركة بين "سنيم" والمستثمرين الأجانب.
ونتيجة هذا كله ستكون زيادة معتبرة لمساهمة شركة "سنيم" في ميزانية الدولة قد تصل الى أزيد من 30% في زمن وجيز مع مضاعفة الشغيلة الوطنية.