بارتقاء صالح العاروري شهيدا يتحقق أحد أمنياته الشخصية في الفيديوهات التي تداولتها الأسافير، على قلة الفيديوهات تلك، واختتم مشواره الطويل مع حماس التي أسس فصيلها العسكري، وعاصر لحظات التأسيس الأولى مارا بمرحلة الاعتقال الطويل ثم المنفى ليرى الأرض المغتصبة من وراء السياج وحسب.
إن الطريق من البدء كان محفوفا بهذا الاحتمال، وهو ما اختاره الرجل وسار عليه وإليه، كان يدركه فسار فيه، واختاره بقناعة فمات راضيا.
وبهذا يسدل الستار على عنصر هام من عناصر حماس جمع بين قدرات نادرة في الحقيقة فالجمع بين القيادة السياسية والعسكرية نادر للغاية، وربما كان أيضا نقطة الضعف من الناحية الأمنية في حالة العاروري حيث جعله ذلك مكشوفا أكثر مما يحتمله موقعه العسكري، وجعله في الجانب الآخر ذا أهمية استثنائية.
ولهذا أيضا فإن الطريق من البدء كان محفوفا بهذا الاحتمال، وهو ما اختاره الرجل وسار عليه وإليه، كان يدركه فسار فيه، واختاره بقناعة فمات راضيا.
ويبقى على الأرض ما سيجري من احتمالات فالواقع يخبرنا بأن الشهرين الأخيرين شهدا تسطيحا لمستوى الصراع فالمحتل يضرب، ويتعمد تحطيم بنية المجتمع الغزي بصورة لم يسبق لها مثيل، تحت وطأة الضغط السياسي من جهة، وتحت وطأة الخلافات السياسية الإسرائيلية من جهة، وتحت وطأة تواصل الصراع نفسه من جهة وهو ما لا تحتمله إسرائيل لقلة عدد السكان وكون نظرية التجييش الشعبي تضغط الاقتصاد على المدى الطويل.
التسوية بعد تصعيد من هذا النوع قد تكون واردة فبلوغ التصعيد مدى معينا يغري الطرفين بفتح باب المفاوضات والجلوس للحديث
وفي المقابل، فإن احتمالات الرد وتوسع رقعة المواجهة ليست محتملة تماما، فإمكانيات الجبهة اللبنانية ليست كافية حاليا لاحتمال تبعات حرب مفتوحة أو سجال عسكري متوسط المدى، وفي الوقت نفسه، فإن التحرك في الإقليم وأمن البحر الأحمر نفسه يشكلان عامل قلق قد يدفعان إسرائيل لردود فعل عنيفة، وسريعة لا تحتملها الجبهة اللبنانية.
لهذا كله فاستمرار الجبهة على قطاع غزة وبقاء التصعيد فيها هما الاحتمال الأكبر، من ناحية أخرى فإن التسوية بعد تصعيد من هذا النوع قد تكون واردة فبلوغ التصعيد مدى معينا يغري الطرفين بفتح باب المفاوضات والجلوس للحديث وإن بعد مضي وقت يبقى طوله وقصره مرتبطين بتحولات المنطقة.
ويبقى مسار العاروري وختامه عبرة للقادمين.
مهتم إجمالا بالفكر الإسلامي والحضارة الإسلامية وخاصة الجوانب الأخلاقية والقيمية.