بدأت في موريتانيا إرهاصات مبكرة للانتخابات الرئاسية، حيث حددت اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات في موريتانيا، يوم الثاني والعشرين من يونيو 2024، موعداً لإجراء هذا الاستحقاق الرئاسي المحسوم سلفاً على ما يبدو، لصالح الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني.
وسارعت أحزاب الموالاة الثلاثة عشر إلى مطالبة الرئيس الغزواني بالترشح لولاية ثانية مقتفية في ذلك حزب الإنصاف الحاكم، وهو ما يؤكد أن الطريق بات مفتوحاً أمام الرئيس الحالي للاستمرار في حكم موريتانيا، وهو الاستمرار الذي تؤيده أطراف دولية فاعلة ترى أن موريتانيا شكلت في ظل حكم الغزواني استثناء في منطقة تعصف بها الانقلابات العسكرية.
تيار التحرير والتنمية يدعو لانقلاب سياسي ديمقراطي
وانتقد حمادي ولد سيدي المختار رئيس حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (الإسلاميون) الظروف التي ستكتنف الانتخابات الرئاسية القادمة، وقال في خطاب أمام مجلس شورى حزبه «إن الاستحقاق الرئاسي القادم سينظم في ظل حالة غير مسبوقة من اهتزاز الثقة في المنظومة الانتخابية وبالذات في جهات الإشراف عليها بعد الانتخابات الأخيرة التي أجمع أغلب الطيف السياسي، وفقاً لتعبيره، على تراجع مستوى الشفافية والنزاهة فيها، بشكل كبير».
وقال: «إن الجهات المعنية لم ترتب أي أمر يتعلق بمعالجة مكامن الخلل في المنظومة الانتخابية والحيلولة دون تكرار ذات الأخطاء المعيبة شكلاً ومضموناً، حتى لا تتكرر في الاستحقاقات القادمة بصورة أشنع».
وطالب رئيس حزب التجمع «السلطات بالإسراع في إصلاح ما سماه «هذا الوضع المختل قبل فوات الأوان، ضماناً لشفافية ونزاهة العملية الانتخابية».
ويستفيد الرئيس الغزواني من مهادنة أحزاب المعارضة العريقة التي وقعت مع حزبه ميثاقاً جمهورياً يتضمن التزام الرئيس بإصلاحات سياسية مقابل هذا التفاهم. غير أن الرئيس الغزواني يواجه معارضة إسلاميي حزب التجمع الذين يسعون لبناء قطب معارض يجمع الأحزاب الصغيرة والجماعات الساخطة، وسياسيي الأقليات العرقية.
وقد ظهر على الساحة الموريتانية ضمن إرهاصات الانتخابات الرئاسية المنتظرة، تيار سياسي شبابي يوصف بـ «القوة»، بقيادة أحمد ولد هارون، الذي سلم لوزارة الداخلية ملفاً لترخيص حزب يسمى «حركة التحرير والتنمية».
ودعا وهو مستشار سابق لوزير العدل مقال من وظيفته، في بث مباشر على صفحته «الشعب الموريتاني إلى المشاركة في انقلاب سياسي ديمقراطي»، مؤكداً «أنه هو الحل الأمثل إن لم يكن هو الأوحد لوقف ما سماه «المهزلة والعمى الذي تسير فيه موريتانيا».
وقال: «سميته انقلاباً بدل تغيير، لأننا في موريتانيا لا نعرف سوى الانقلابات، ولأنه لم يسبق أن تغير حكم في موريتانيا إلا عن طريق انقلاب، لكن الانقلاب الذي أعني هو انقلاب سياسي مدني ديمقراطي، وهو الذي يمكنه أن يغير الأوضاع».
وأضاف: «هذه الدعوة بطبيعة الحال، موجهة للموريتانيين المؤمنين بالتغيير المتضررين من بقاء الوضع على ما هو عليه؛ أما الذين يعتقدون أن الوضع سيستمر، فليسوا معنيين بهذا الخطاب، ولكننا، يضيف ولد هارون، نطمح لأن تشعر الفئات المتهمة دائماً بمعاداة التغيير، والإصلاح من رجال أعمال، ورجال دين، ووجهاء وغيرهم، أن الموريتانيين أصبح عندهم من الوعي والوسائل ما يجعلهم يميزون بين من هو ضد موريتانيا ومن هو معها».
ويخوض الرئيس الغزواني وأنصاره ما يشبه حملة رئاسية مسبقة، حيث يواصل منذ أكثر من شهر، زيارات وتدشينات لمشاريع في العاصمة وفي كبريات المدن الداخلية.
وللرد على منتقدي أدائه خلال المأمورية المنتهية، أظهر الرئيس الغزواني اهتماماً كبيراً بالجانب الاجتماعي، حيث زاد في معاشات المتقاعدين، كما عمم الضمان الصحي، وأسس وكالة للتضامن الوطني ومكافحة الإقصاء بموازنة تجاوزت 500 مليون دولار.
غير أن نظام الغزواني أجاز مع ذلك، قرارات قوبلت برفض واسع يتقدمها قانون حماية الرموز الوطنية الذي صادق عليه البرلمان في ديسمبر/ كانون الأول 2021، الذي اعتبره كثيرون ماساً بحرية التعبير على منصات التواصل الاجتماعي.
وعانت موريتانيا في ظل ولاية الرئيس الغزواني الأولى شأنها شأن دول عديدة، من انعكاسات وباء كوفيد 19 وتأثيرات حرب أوكرانيا، كما واجه نظام ولد الغزواني تبعات محاكمة الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز التي افتتحت يوم 25 كانون الثاني/يناير 2023، وأسفرت عن الحكم بسجن الرئيس السابق لخمس سنوات ومصادرة أملاكه، وهو ما ينجم عنه منع قانوني للرئيس السابق من الترشح للانتخابات المقبلة.
عبد الله مولود
نواكشوط –«القدس العربي»