رغم كونه سجيناً بحكم قضائي لفترة لن تنتهي قبل الانتخابات الرئاسية المقررة أواخر حزيران/ يونيو المقبل، فقد أعلن الرئيس الموريتاني السابق، محمد ولد عبد العزيز، عن ترشحه للرئاسة، وذلك خلال حفل جمع مناصريه المنضوين في جبهة التغيير الديموقراطي.
وأعلنت الجبهة، في بيان، ترشيح وترشح الرئيس السابق “أن القائد يلبي نداء الوطن، ويعقد العزم جازماً دون تردد على الترشح للاستحقاقات الرئاسية 2024، لا حباً في السلطة، فقد سلمها طواعية رغبة في تدشين مرحلة جديدة ومبشرة من التناوب السلمي البناء، وقد رفضَ تحت الطلب والإلحاح كل الدعوات لمأمورية ثالثة احتراماً للدستور ولسيادة القانون، رغم توافر النداءات المؤيدة والداعية لتغيير الدستور”.
وأضاف البيان “أن إيمان الرئيس السابق بقدرة الشعب الطامح لغد أفضل، يجعله يُقْدِم على هذه الخطوة، ليتدارك ما يمكن تلافيه، ورغبةً طموحة منه في تخليص البلد من هذا المأزق الحقيقي الذي نحن فيه؛ فلم تمنعه من ذلك ظروفُ السجن ومعاناتُه، كما لم يمنعه من كشف أبعاد المؤامرة، التي أضحى السجن نتيجة من نتائجها، فقد ظل يرقب الأحداث عن كثب، ليزداد امتعاضاً من الواقع وإشفاقاً على الوطن والمواطن”.
“ولأنه قد نذر نفسه لهذا الوطن بكل صدق وأمانة، يضيف البيان، ولأنه نذر نفسه وقدمها أكثر من مرة في ذلك السبيل، وبذل في ذلك ما بذل من حرب لا هوادة فيها على الفساد والمفسدين، وعلى التخلف والجهل والمرض، بإنجازات فعلية ولمسات تحسينية ما زلنا نعيش آثارها رغم التقادم ورغم عبث العابثين”.
وتضمن البيان انتقادات لاذعة لنظام الرئيس الغزواني، كما قدم لوحة قاتمة عن الأوضاع التي تمر بها موريتانيا، مؤكداً قدرة الرئيس السابق على مواجهة التحديات القائمة، سواء، حسب نص البيان، معاناة الوطن السياسية والاقتصادية والأمنية، أو معاناة المواطن، في تدني الخدْمات العمومية، وارتفاع الأسعار، وتأثير الزبونية والمحسوبية، وانعدام الحريات السياسية والاجتماعية، فضلاً عن انعدام الأمن في الداخل والخارج، وعن آثار الهجرة السلبية، التي وجدها شبابُنا متنفساً لظروفه السيئة، في غفلة وتغافل من السلطات دون أدنى تفكير في خلق فرص عمل أو وضع مقاربات تحد من ظواهر البطالة والإهمال وتأثير المحسوبية وإبطال مبدأ الشفافية والكفاءة في الانتقاء والتعيين”.
وقد أثار إعلان الرئيس السابق عن ترشحه للرئاسة جدلاً واستفسارات حول إمكانية ذلك، حيث اعتبر البعض “أن إعلان جبهة التغيير الديموقراطي عن ترشح الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز للانتخابات الرئاسية، هو في المحصلة النهائية إعلان سياسي بالدرجة الأولى؛ فالحالة القانونية الحالية لا تسمح للرئيس السابق بالترشح”.
ويقول الإعلامي الموريتاني، الربيع إدوم، المتابع النشط لمحاكمة الرئيس السابق، معلقاً على ترشحه للرئاسة: “إذا تجاوزنا جدل إمكانية الترشح بعد ولايتينن، وهو جدل قانوني سياسي؛ حيث يقول البعض بعدم امكانيته فيما يجيزه آخرون، يبقى أن الرئيس السابق يخضع حالياً للسجن بعد حكم قضائي صريح يتضمن السجن والحرمان من الحقوق المدنية”.
وأضاف: “رغم أنه تم استئناف الحكم فإن محكمة الاستئناف لم تحدد بعد جلساتها لنقاشه، فضلاً عن اشتراط حصول المرشح للرئاسة في موريتانيا على شهادة تبريز؛ وليس الحصول عليها وارداً في حالة الرئيس السابق وفي ضوء المعطيات الحالية، لكن، يقول الربيع إدوم، تبقى السياسة سياسة، ومساحاتها تبقى أوسع من مساحات القانون”.
وقال: “مع كل هذا، فكل شيء ممكن في السياسة بما في ذلك فرض تغيير الحال الواقع بكل قيوده من خلال الضغط السياسي، إذا ما تمكنت جهة أو جماعة سياسية ذات شعبية من فرض خياراتها السياسية من خلال الحشد وإتقان التفاوض وإظهار الخبرة السياسية الاستثنائية”.
عبد الله مولود
نواكشوط -«القدس العربي»