أكدت آخر إحصائية في ملف اللاجئين الواصلين للمناطق الشرقية الموريتانية “أن عددهم ناهر 180 ألف لاجئ، وهو ما يضع على حكومة موريتانيا أعباء جديدة وملحة”.
وكانت الحكومة الموريتانية قد اشتكت مطلع العام الجاري من أعداد اللاجئين الواصلين إليها بعدد مرتفع من النساء والأطفال، ودعت المجموعة الدولية للوقوف معها.
وقد لفت هذا التدفق الذي ذكرته الإحصائية، انتباه مفوضية الأمم المتحدة للاجئين التي دقت ناقوس الخطر على لسان كتارينا استاش رئيس اللجنة التنفيذية لمفوضية اللاجئين والسفيرة ببعثة ألمانيا الدائمة لدى الأمم المتحدة بجنيف.
ودعت السفيرة كتارينا استاش “المجموعة الدولية لمساعدة موريتانيا في مواجهة هذه الأوضاع الصعبة وذلك في ختام زيارة أنهتها للتو لموريتانيا، وقادتها لمناطق تجمع اللاجئين الهاربين من الحرب المشتعلة في مالي بين الجيش المالي المدعوم بعناصر فاغنر الروسية، والمجموعات الجهادية، وحركات تحرير أزواد.
وأضافت في تصريحات للصحافة “جئت إلى موريتانيا للاطلاع على النجاحات التي حققتها موريتانيا في مجال التعامل مع اللاجئين، ولألفت أنظار العالم إلى هذا البلد الذي يواجه تحديات صعبة بسبب اللاجئين”.
وحيت السفيرة “كرم ضيافة الموريتانيين وهم يستقبلون آلاف البشر الوافدين إليهم والذين تتطلب إقامتهم توفير الماء وخدمات الصحة والتعليم”، مؤكدة “أن موريتانيا تمثل نموذجا رائعا وإيجابيا بين الدول التي تواجه تدفقات اللاجئين، وأنها تستحق وقوف المجموعة الدولية معها”.
وعن صمود سكان موريتانيا وهم يستقبلون أفواج اللاجئين، أكدت السفيرة كتارينا استاش “أن دعم هذا الصمود يجب أن يكون أولوية في العون الإنساني الدولي، وأن يكون موضع تنسيق قوي بين الحكومة الموريتانية والمجموعة الدولية”. وتحدثت السفيرة عن حيوية اللاجئين وعن أهمية مبادراتهم المشتركة مع السكان المحليين وبخاصة المبادرات النسوية في مجال التبرع بالدم وفي مجال الصحة والتعليم، كما حيت أجواء التعايش السلمي بين السكان والوافدين”.
وأضافت السفيرة “أوجه نداء إلينا نحن في مفوضية الأمم المتحدة للاجئين، وإلى الحكومة الموريتانية، وإلى الأمم المتحدة، وإلى شركاء التنمية والعون الإنساني، لكي يتحمل الجميع مسؤولياته بالعمل الجماعي مع السكان المحليين لرفع هذا التحدي بما يلزم، قبل أن تتطور الأوضاع إلى مستويات تصعب السيطرة عليها”.
ووجهت موريتانيا على لسان وزيرها للاقتصاد والتنمية عبد السلام محمد صالح
قبل شهرين، نداء استغاثة إلى المجموعة الدولية “من أجل المساهمة في تدعيم التضامن والتعاون الدوليين حتى يظل اللاجئون المتدفقون إلى مناطقها الشرقية، يتمتعون بالحماية، وحتى لا تكون الأعداد الجديدة المتدفقة منهم سببا في تراجع المكاسب المحققة في مجال التنمية المستديمة واللحمة الاجتماعية”.
وأكد الوزير “أن حكومته وضعت خطة طوارئ متعددة الأبعاد، تستهدف تمكين اللاجئين الوافدين الجدد من التمتع بالحماية وضمان الحصول على المساعدة للفئات الأكثر ضعفا منهم، مع الأخذ في الاعتبار احتياجات التجمعات الموريتانية المضيفة لهم تعزيزا للتماسك الاجتماعي والتعايش السلمي”.
وأوضح “أن عملا بهذا الحجم سينفذ لزوما في حيز زمن قصير لا يتجاوز ثلاثة إلى ستة أشهر، يستدعي تضافر الجهود لتوفير موارد مالية لا تقل عن 12,3 مليون دولار أمريكي لتغطية حاجيات الحماية الاجتماعية والأمن الغذائي والصحة والتعليم والمياه الصالحة للشرب إضافة إلى دعم فني يواكب مختلف مراحل تنفيذ هذه الخطة”.
وقال “إن هذه الوضعية تشكل تحديا للدولة الموريتانية في مجالي الاستجابة الانسانية والتنموية”، مؤكدا “أنه بالنظر للضغط المتزايد على الخدمات الأساسية المحدودة أصلا على مستوى المنطقة التي تستقبل أكبر عدد من اللاجئين، وهي ولاية الحوض الشرقي، قررت الحكومة الموريتانية بصفة استعجالية وضع خطة طوارئ للتصدي لهذه الأزمة تتماشى مع جهود موريتانيا في تعزيز صمود اللاجئين ودمجهم في الحياة النشطة”.
عبد الله مولود
نواكشوط – «القدس العربي»