لم ينته الجدل المثار منذ أيام، حول احتمال أن تنقل الولايات المتحدة جنودها الذين ضاقت بهم دولة النيجر وشعبها، إلى مكان ما في الأراضي الموريتانية؛ فبينما لم تعلق حكومة نواكشوط على الموضوع لحد اليوم، تاركة لقضية المشاعة مداها، أكد ناطق باسم السفارة الأمريكية “أنه لا توجد في الوقت الحالي خطط لنقل القوات الأمريكية من النيجر إلى موريتانيا”.
لكن إذاعة فرنسا الدولية التي لها عيونها وآذانها في موريتانيا وفي الساحل الإفريقي، أكدت “أن البنتاغون يستعد بالفعل لإرسال جزء مهم من قواته غير المرغوب فيها بالنيجر إلى موريتانيا، فيما سيعود الآخرون إلى الولايات المتحدة”.
وأكد الناطق الرسمي باسم السفارة الأمريكية في موريتانيا بتر غالس، في تصريح خاص لصحيفة “تقدمي”، الموريتانية المستقلة “أن الولايات المتحدة تركز بشكل مكثف على التحديات التي تواجه الأمن في غرب أفريقيا ومنطقة الساحل”؛ مضيفاً “أن الانتشار العسكري الأمريكي في الخارج يعمل بدعوة وبدعم وشراكة من الدولة المضيفة”.
وأكد موقع “موريا” النيجري الإخباري المستقل هو الآخر، نقلاً عن مصادر لم يحددها “أن واشنطن تجري مناقشات متقدمة مع نواكشوط بشأن اتفاق عسكري ودفاعي يسمح للولايات المتحدة بنشر مفرزة من الجيش الأمريكي في الصحراء الموريتانية، تمكنها من جمع معلومات تعزيزية لاستراتيجية مكافحة الإرهاب”.
ويظل المصدر الذي اعتمدت عليه قضية نقل الجنود الأمريكيين من النيجر إلى موريتانيا هو موقع “موريا نيجر”، الذي نشر تقريراً تحت عنوان “واشنطن تعلن سحب الجيش الأمريكي من بلاد الجنرال تياني”.
وجاء في فقرة الموضوع الخاصة بموريتانيا في التقرير المذكور: “بحسب عدة مصادر، فإن جزءاً من ألف جندي أمريكي المتمركزين في أغاديس، سيتوجه إلى الصحراء الموريتانية للقيام بمهام ميدانية، وسيعود الآخرون إلى واشنطن”.
وأضاف الموقع: “البنتاغون مستعد بالفعل لإرسال جزء مهم من جيشه غير المرغوب فيه بالنيجر إلى موريتانيا، فواشنطن بصدد مناقشات متقدمة مع نواكشوط بشأن اتفاق عسكري ودفاعي لنشر وحدة من الجيش الأمريكي في الصحراء الموريتانية، وفي المقابل للحصول على معلومات لتعزيز استراتيجية مكافحة الإرهاب لبلاد محمد ولد الغزواني، وهي بلاد تتوفر بالفعل على أفضل استراتيجية ميدانية لمكافحة الإرهاب”.
وبعد أن رحلت فرنسا من مستعمراتها السابقة تحت ضغط شعوب في دول الساحل، وبإلحاح من حكومات عسكرية باحثة عن الحاضنة الشعبية، وفي ظل تزايد الحضور العسكري الروسي بالمنطقة، أصبحت دول الساحل تضيق ذرعاً بالوجود العسكري والاستخباراتي الأمريكي.
فقد طالب ائتلاف يضم 24 جمعية ناشطة في المجتمع المدني بالنيجر مدعومة من طرف المجلس العسكري الانتقالي الحاكم في نيامي، برحيل سريع للقوات الأمريكية؛ وذلك خلال تظاهرات شعبية نظمت مؤخراً بمدينة أغاديس شمال النيجر.
وحمل المتظاهرون أعلام النيجر وبوركينا فاسو ومالي وروسيا، كما رفعوا لافتات كتب عليها: “هنا أغاديس وليس واشنطن، فليرحل الجيش الأمريكي”.
وأعلن البنتاغون “أن الولايات المتحدة الأمريكية بدأت مناقشات مع النيجر بشأن سحب أكثر من ألف جندي أميركي من النيجر، بين مسؤولين من النيجر ووفد من البنتاغون والقيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا”.
وكان المجلس العسكري الانتقالي الحاكم في النيجر منذ الانقلاب العسكري الذي أزاح نهاية تموز/يوليو 2023، الرئيس المدني محمد بازوم، قد ألغى في آذار/مارس الماضي، اتفاقية التعاون العسكري الموقعة مع الولايات المتحدة الأمريكية عام 2012، معتبراً أن واشنطن “فرضتها من جانب واحد”.
ومع أن النظام الحاكم في تشاد أكثر مرونة تجاه الغرب مقارنة مع أنظمة مالي والنيجر وبوركينافاسو المتشددة، فقد أكدت صحيفة “نيويورك تايمز” نقلاً عن مسؤولين أميركيين، أن وزارة الدفاع الأمريكية قررت سحب العشرات من قواتها الخاصة الموجودة في تشاد خلال الأيام القليلة المقبلة.
واعتبرت الصحيفة الأمريكية أن قرار سحب نحو 75 من عناصر القوات الأمريكية الخاصة بالتشاد يشكل “ضربة كبيرة ثانية خلال أسبوع للأمن الأمريكي وسياسة مكافحة الإرهاب في المنطقة المضطربة بغرب ووسط إفريقيا”.
وكانت السلطات التشادية قد هددت في وقت سابق من هذا الشهر بإنهاء الاتفاقية الأمنية التي تربط تشاد بالولايات المتحدة الأمريكية، ودعت في رسالة موجهة إلى الملحق العسكري الأمريكي في نجامينا، إلى مغادرة فرقة عمليات خاصة تعمل ضمن قاعدة عسكرية أمريكية موجودة في العاصمة نجامينا، و”يتم استخدامها كمركز لتنسيق التدريبات العسكرية الأمريكية، وتقديم المشورة للبعثات الأمريكية في المنطقة”.
عبد الله مولود
نواكشوط –«القدس العربي»