ينشغل ساسة موريتانيا ومراقبو شأنها الانتخابي هذه الأيام بتوفير أقصى ما يمكن من ضمانات الشفافية للسباق الرئاسي المقرر يوم 20 حزيران/ يونيو الجاري بين سبعة مترشحين يتقدمهم من حيث الحظوظ والوسائل، الرئيس المنصرف محمد ولد الشيخ الغزواني المترشح لخلافة نفسه، بمأمورية رئاسية ثانية.
ويعود هذا الانشغال لما طبع الانتخابات الماضية من عمليات تزوير متكررة تعتقد المعارضة الموريتانية أنها ظلت السبب الأساس في عدم وصولها للسلطة.
وأعلن مرشحو المعارضة الموريتانية قبل أسبوع من بدء الحملة الانتخابية، أنهم لن يسمحوا بمرور التزوير الذي يعتقدون أن السلطة الحالية قد تلجأ إليه.
وأكدوا في عدة مهرجانات تحضيرية للاقتراع “أن أول عقبة تم رصدها أمام شفافية الانتخابات هي “القرار الأحادي الذي اتخذته الحكومة بتعيين رئيسة وأعضاء المرصد الوطني للانتخابات دون أي تشاور مع المعارضة”.
وأشار المترشحون المنافسون للرئيس الغزواني “إلى أن الاتفاق الذي تمخضت عنه أيام التشاور التي نظمت في سبتمبر 2022 بين الأحزاب السياسية ووزارة الداخلية، أوصت بتأسيس مثل هذا المرصد بالتشاور بين الفاعلين السياسيين؛ وأن الفقرة الأولى من البند 4 من هذا الاتفاق نصت على أن “تلتزم الحكومة بالتشاور مع اللجنة الوطنية للانتخابات، والأحزاب السياسية بمراجعة وتطبيق المرسوم المؤسس للمرصد الوطني للانتخابات لمنحه المزيد من الصلاحيات والوسائل التي تمكنه من توسيع حضوره الفعلي على المستوى الإقليمي والمحلي”.
وأعلن مجلس الإشراف على مؤسسة المعارضة الديمقراطية عن اتجاهه نحو “تأسيس مرصد انتخابات خاص به لمراقبة عمل اللجنة الوطنية للانتخابات”؛ مؤكداً “أن القرار الأحادي الذي اتخذته الحكومة والخاص بتعيين رئيسة وأعضاء المرصد، ينتهك توصية تم تبنيها بالإجماع ولا يساهم في خلق مناخ من الهدوء ضامن لانتخابات شفافة وذات مصداقية”.
وأكد “أن مرصداً يتم اختيار أعضائه من قبل طرف واحد أي من طرف الحكومة لا يضمن الاستقلالية؛ فالحكومة هنا تعتبر حكماً وخصماً في الوقت نفسه.
وفي دعوة فسرت بأنها مسعى لتهدئة المشهد الانتخابي الذي يشهد منذ أيام مساجلات بين المترشحين واللجنة المستقلة للانتخابات، أعلنت اللجنة أنها “تربأ بنفسها وشركائها عن النزول إلى قاع التلاسن ومستنقع المساجلات الإعلامية العقيمة”؛ مؤكدة “ارتياحها ومباركتها لما سمته “طابع الجدية وتقارب الرؤى والمقاربات”.
وأكد بيان للناطق الرسمي باسم اللجنة محمد تقي الله الأدهم أنها “شرعت فور تسلمها قائمة المترشحين لرئاسيات يونيو 2024، في التشاور مع المترشحين ووكلائهم بهدف إطلاعهم على مختلف محطات المسار الانتخابي، ومراحل التحضير الممهد للاقتراع، بدءاً بالجدول الزمني وانتهاء بالحملة الانتخابية والترتيب المحكم لعملية الاقتراع وفرز النتائج، مروراً بالمراجعة الاستثنائية واقتناء الأدوات الانتخابية وإعداد خارطة مكاتب التصويت”.
“وأثلج صدورنا، يضيف الناطق، تجاوب كافة الشركاء من أحزاب وحكومة ومجتمع مدني وجهات قضائية وتشريعية ومترشحين”، مؤكداً “أن أبواب اللجنة ستبقى مشرعة أمام كل مقترح جاد، يفضي إلى تحسين الأداء، ويسهم في الوصول إلى الغاية المشتركة المتمثلة في إلباس الدورة الانتخابية ثوب الحرية والشفافية والنزاهة”.
وتابع: “إن وقوفنا على مسافة واحدة من الجميع، وتحضيرنا المحكم لسير ومسار الاستحقاق الرئاسي، كفيلان بتبديد المخاوف والشكوك وتحقيق تطلعات الموريتانيين ورغبتهم المشروعة في اختيار من يولونه أمرهم، بحرية لا يشوبها أي تشويش أو تأثير”.
وبالرغم من هذه المساعي التهديئية، فإن الساحة الانتخابية الموريتانية ما تزال تشهد بعض الاحتقان وفقدان الثقة ببن مختلف الأطراف، وهو ما قد يشحن أجواء الانتخابات الرئاسية المنتظرة، ويحيط نتائجها بلغط كبير.
عبد الله مولود
نواكشوط ـ «القدس العربي»: