ماذا يعني اختيار السنوار لقيادة حماس؟

خميس, 08/08/2024 - 10:04

الدوحة-(أ ف ب) – عينت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) يحيى السنوار، مهندس هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر غير المسبوق على إسرائيل، رئيساً لمكتبها السياسي خلفاً لإسماعيل هنية الذي اغتيل الأسبوع الماضي في طهران.
هنية الذي كان يتخذ من قطر مقراً له ونُسب اغتياله إلى إسرائيل التي لم تؤكد أو تنفي ذلك، كان وجه الحركة الفلسطينية على الساحة الدولية وكان يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه صوت معتدل في حماس.
في المقابل، يُنظر إلى السنوار على أنه قائد الجناح المتشدد. وهو لم يظهر علناً خلال الحرب المستمرة منذ عشرة أشهر في غزة، ولعب دوراً مباشراً فيها بصفته قائد حماس في القطاع المحاصر.
ويأتي اختيار حماس بعد مشاورات في قطر، في وقت تترقب فيه المنطقة بقلق رداً من إيران قد يكون منسقاً مع الفصائل المدعومة منها إقليمياً على اغتيال هنية.
– لماذا السنوار؟ –
كان السنوار يقضي أربعة أحكام مؤبدة في السجون الإسرائيلية لقتله جنديين إسرائيليين، قبل أن يخرج في العام 2011 في إطار صفقة تبادل.
وبعدما أمضى 23 عاماً في السجن، خرج قائداً كبيراً في كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحماس، قبل أن يتولى قيادة الحركة في غزة عام 2017.
يقول الخبير الجيوسياسي جيمس دورسي إن اختيار السنوار “بيان تحد”، مع إشارة حماس إلى أنها ستبقى في غزة وأعضاؤها في الأراضي الفلسطينية “ممسكة بزمام الأمور”، رغم هدف إسرائيل المُعلن بالقضاء على الحركة.
وتعليقاً على تعيين السنوار، صرح مسؤول كبير في حماس لوكالة فرانس برس أنّ هذه الخطوة تنطوي على “رسالة قوية للاحتلال مفادها أنّ حماس ماضية في نهج المقاومة”.
يعتبر هيو لوفات، الخبير بالشرق الأوسط في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، أن الضربة ضد هنية المعتدل الذي “أعاد توجيه حماس نحو الدول العربية … أثرت على توازن القوى الداخلي” تجاه السنوار الذي تربطه علاقات أوثق بإيران.
وفي هذا الإطار، تعتقد محللة الشؤون الفلسطينية لدى مجموعة الأزمات الدولية تهاني مصطفى أن هذا الاختيار “يعادل تشكيل حماس لمجلس حرب”.
وتقول لوكالة فرانس برس إن حماس “اختارت شخصاً تعرف أنه لن يتنازل على الإطلاق. كان أمامها معتدلون للاختيار منهم. كان أمامها خالد مشعل، وكان الخيار الثاني. ولكنها رسالة واضحة ومقصودة من الحركة مفادها أنه إذا أصرت إسرائيل على التشدد ـ وهي تقتل حرفياً المعتدلين لديها ـ فإن حماس تستطيع أن تكون بنفس القدر من التشدد وعدم التنازل”.
– ما نهج مفاوضات الهدنة؟ –
أدى هنية دوراً رئيساً كمفاوض خلال أشهر من المحادثات غير المباشرة بوساطة قطر وبدعم من مصر والولايات المتحدة بهدف التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة يتيح عملية تبادل أسرى ورهائن.
خلال مقابلة مع قناة الجزيرة الثلاثاء، أكد القيادي في حماس أسامة حمدان أن “موضوع المفاوضات كان يدار بقرارات قيادة حماس، والسنوار لم يكن بعيداً عنها، بل كان حاضراً في تفاصيلها، وقال إن عملية التفاوض ستستمر”.
ويوضح دورسي أنه بينما كان هنية يتفاوض، كان السنوار يقرر على الأرض “ما إذا كان سيتم إطلاق سراح الرهائن ومن سيتم إطلاق سراحه … الآن تم جمع كل ذلك في شخص واحد”.
ويضيف دورسي “لا أعتقد أن هناك أي شك في أن حماس تريد وقفاً لإطلاق النار”.
ويلفت لوفات من جهته، إلى أن موافقة حماس على وقف القتال لمدة أسبوع في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي عندما أطلق سراح عشرات الرهائن الإسرائيليين والأجانب في مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين، “لم تكن لتحدث لولا قبول السنوار”.
ويضيف “لا أرى السنوار معارضاً بشكل أساسي وإلى الأبد لاتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، لكن من الواضح أنه من المرجح أن يقود صفقة أكثر صعوبة”.
– قيادة السنوار على المدى الطويل؟ –
قال حمدان إن اختيار السنوار بالإجماع “يؤكد أن الحركة تدرك تماما طبيعة المعركة التي تخوضها وطبيعة التحديات وهي تقول للجميع إنه رغم كل التحديات، فنحن ماضون في طريقنا ومتمسكون بما عملنا عليه مع إسماعيل هنية”.
وأضاف أن “سياسة الاغتيالات التي يمارسها العدو ضد قيادتنا ومقاومتنا لن تنجح في كسر شوكة المقاومة ولا في إضعافها”.
وقال لوفات في هذا الصدد إن اغتيال هنية “ألقى بالتركيبة السياسية لحماس في حالة من الفوضى مؤقتاً وبسبب الحاجة الملحة إلى إيجاد زعيم، كانت هذه لحظة استفاد منها المتشددون”.
وأضاف أن المعتدلين في حماس كانوا بالفعل “في موقف ضعيف لبعض الوقت الآن”، وأن “مقتل هنية… ضربة قاتلة لهم”.
ورأى لوفات أن حماس تحت قيادة السنوار ستستمر في “إعطاء الأولوية للكفاح المسلح باعتباره الخيار الاستراتيجي الوحيد للمضي قدماً في المستقبل المنظور” مع “مزيد من سد الفجوة” بين جناحها العسكري والقيادة السياسية، وكذلك “الاقتراب بوضوح من إيران”.
وقال دورسي إنه في التاريخ الإسرائيلي والفلسطيني الحديث، كان الجانبان غالباً “صوراً معكوسة لبعضهما بعضا … في تلك الصور المتطابقة، عمل المتشددون، عن قصد أو عن غير قصد، على تقوية المتشددين على الجانب الآخر”.