يتواصل في موريتانيا حالياً جدل قانوني بين فريق الدفاع عن الدولة وهيئة الدفاع عن الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز حول دستورية المادة 2 من قانون مكافحة الفساد الصادر عام 2016 وذلك بعد أن تقدم دفاع الرئيس السابق بطعن أمام المجلس الدستوري بخصوص تعارض المادة المذكورة مع الدستور.
وبينما تنقضي يوم الخميس المقبل المهلة التي منحها القانون لدفاع الرئيس الموريتاني السابق لتقديم طعنه أمام المجلس الدستوري في دستورية المادة الثانية من قانون محاربة الفساد، أعلن نقيب المحامين الموريتانيين السابق إبراهيم ولد أبتي، مُنسق هيئة دفاع الطرف المدني “الدولة” في الملف المعروف بملف العشرية، “أنّ اعتماد المجلس الدستوري للطعن الذي تقدم به دفاع الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز “ليس ممكناً”، لأن “الرئيس ليس فوق القانون ويجب أن يُحاكم”.
وأضاف ولد أبتي في تصريحات لوكالة الأخبار الموريتانية المستقلة “أن استخدام الطعون من قبل هيئة دفاع الرئيس السابق ولد عبد العزيز، “محاولة لكسب الوقت أو لأغراض أخرى”، مشدداً على أنه “كان من المناسب إثارة هذه الدفوع أمام المحكمة الأولى، لأن وجود طعن بعدم الدستورية في كل محكمة يعد “مخالفة للأعراف والعادات القضائية المعروفة”.
وشدد، على أنه “كان من المناسب من الناحية الإجرائية والقضائية أن يكون لجميع الدفوع طابع استثنائي، وخاصة الدفوع الدستورية”.
وتساءل ولد أبتي عن الهدف من تقديم الطعن، قائلاً: “لعل الهدف من تقديم الطعن هو محاولة عدم تطبيق قانون الفساد على الرئيس السابق، مع أن الرئيس السابق إذا ارتكب جرائم بعيدة عن مأموريته وصلاحياته التي منحها له الدستور، فمن الواجب مساءلته”.
وأشار إلى أن “جميع الجرائم التي يُحاكم بشأنها الرئيس السابق تتعلق بمسائل لا علاقة لها بمأموريته ولا بصلاحياته المحددة في الدستور”.
وأوضح ولد أبتي “أن محاولة عدم تطبيق قانون الفساد على الرئيس السابق ليست واردة، لأن العمل جارٍ بمساءلة الرؤساء والوزراء في جميع أنحاء العالم إذا تجاوزوا صلاحياتهم”.
وأضاف “أنه إذا ارتكب الرؤساء الجرائم في إطار صلاحياتهم فإنهم يُحاكمون أمام محكمة خاصة، وإذا كانت خارج صلاحياتهم يُحاكمون أمام المحاكم العادية”.
وتوقع ولد أبتي أن تستأنف المحاكمة في منتصف كانون الأول/ديسمبر المقبل أو نهايته، واصفاً المحاكمة بـ أنها “معركة”، ومؤكداً “أهمية أن تجري هذه المحاكمة أمام القضاء العادي المختص”.
وتنص المادة 2 من قانون مكافحة الفساد الصادر عام 2016 التي هي موضع الجدل القانوي الحالي، على تعريف للموظف العمومي، وهو أنه “كل شخص مدني أو عسكري يشغل منصباً تشريعياً أو تنفيذياً أو إدارياً أو قضائياً، سواء كان معيناً أو منتخباً، دائماً أو مؤقتاً، مدفوع الأجر أو غير مدفوع الأجر بصرف النظر عن رتبته العسكرية”.
ويرى فريق الدفاع عن الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، أن هذا التعريف يدخل شخص رئيس الجمهورية ضمن دائرة الموظفين العموميين، ما يتيح محاكمته على أساس قانون مكافحة الفساد أمام المحاكم العادية. بينما يرى الدفاع أن محاكمة الرئيس في قضايا تدخل ضمن ممارسته للسلطة ليس من اختصاص المحاكم العادية بل من اختصاص محكمة العدل الخاصة.
وشدد فريق الدفاع على أن “المادة 2 من قانون مكافحة الفساد تتعارض تعارضاً كلياً مع المادة 93 من الدستور التي تحصّن الرئيس وتجعل مساءلته مستحيلة إلا في حالة الخيانة العظمى وأمام محكمة العدل السامية”.
وعلى العكس مما يراه دفاع الرئيس السابق، يعتقد محامو الدولة طبقاً لما شرحه منسقه المحامي إبراهيم أبتي، بأنه يجب التفريق بين تصرفات الرئيس الداخلة ضمن اختصاصه والتي تحاكمه عليها محكمة العدل الخاصة، وتصرفاته الأخرى غير الداخلة ضمن ذلك والتي يحاكم فيها أمام المحاكم العادية.
وينتظر الجميع نتائج قرار المجلس الدستوري إزاء هذه القضية، كما تنتظره محكمة الاستئناف التي أوقفت جلساتها انتظاراً له؛ فإذا حكم المجلس الدستوري بعدم دستورية المادة المذكورة والتي على أساسها حوكم ويحاكم الرئيس السابق، فإن ذلك سيبطل جميع الإجراءات والأحكام التي بنيت عليها، بينما سيتواصل المسار القضائي في حالة حكم المجلس بعدم تعارض المادة المذكورة مع الدستور الموريتاني.
عبد الله مولود نواكشوط –«القدس العربي»