بمناسبة الحديث عن المخدرات: أجريت تحقيقا مصورا عن طائرة الكوكايين بانواذيبو عام ٢٠٠٧ من بين ما توصلنا إليه حينها أن كل السلطات الإدارية والأمنية في المدينة كانت على علم بها من الوالي إلى قائد المنطقة العسكرية إلى المدير الجهوي للأمن، والمتهم الرئيسي في القضية الذي اعتقل اليوم فتحت له قاعة الشرف يومها وكان ينتظر طائرته المحملة بطنين من الكوكايين والقادمة من فنزويلا.
الصدفة وحدها هي التي أفضت إلى كشفها وهي أن مسؤول برج المراقبة في المطار الذي يعمل لصالح شركة ( آسكنا) لم يكن على علم بالطائرة فرفض منحها الإذن بالهبوط وأبلغ مديره الذي اتصل بدوره بوزارة النقل عندها كشفت القضية، أما كيف هبطت الطائرة في منطقة"واد الشبكة" فلأن كمية الوقود لاتكفي لعودتها بعد عبورها المحيط الأطلسي فقرر المهربون بالتنسيق مع مضيفهم النزول هناك وشحنوا ما استطاعو حمله واختفو تاركين لسلطاتنا الإحتفال بالقبض على طائرة فارغة.
بعد التحقيق في ملابسات العملية هل تعلمون من سجن ونكل به على ذمتها، إنه مسؤول برج المراقبة المسكين الذي قابلته قبل ذلك وحصلت منه على تسجيلات الحديث الذي دار بينه وبين الطائرة وقال إنه يقدم هذه المعلومات للرأي العام لأنه يعلم أنه سيكون كبش فداء.
كل أبطال عملية الكوكايين الكبرى عام ٢٠٠٧ والضالعين فيها من الرسميين تمت ترقيتهم،
والي انواذيبو يومها أصبح وزيرا بعدها بشهرين ثم زعيما سياسيا مرموقا.
العقيد قائد المنطقة العسكرية، أصبح اليوم جنرالا يتقلد مناصب سامية في القيادة العامة للجيوش.
مدير أمن الدولة حينها أصبح الآن مديرا مساعدا للأمن الوطني .
المدير الجهوي للأمن يومها تمت ترقيته إلى رتبة مفوض إقليمي وهو الآن مدير لمدرسة الشرطة.
المفتش مدير أمن مطار انواذيبو تمت ترقيته إلى رتبة مفوض.
المتهم الرئيسي في القضية خرج من انواذيبو بطريقة هوليودية يقود سيارته " البورش كايان" التي يتجاوز سعرها ٤٠ مليون أوقية ويرشد طائرته إلى مكان الهبوط، اعتقل لاحقا في المغرب وسجن لعدة سنوات ولم تنفع فيه كل وساطات الدنيا حتى قضى محكوميته كاملة.
كبش الفداء موظف الآسكنا سجن لعام كامل دون محاكمة وقررت المحكمة بعدها تبرأته لعدم كفاية الأدلة ومازال إلى اليوم يعاني تبعات تلك الليلة المشؤومة.
أما طائرة المخدرات الشهيرة فقد أعيد طلاؤها بألوان الجيش الوطني وأصبحت الطائرة الخاصة التي يتنقل بها الفريق القائد العام للجيوش الموريتانية واستبدلت علمها الفنزويلي بآخر موريتاني.
تحدثت المصادر التي قابلناها حينها بأن تلك الشحنة ربما تحمل الرقم ٦٣ وأن المهربين كانو يدفعون بسخاء لشباب من المدينة من أجل الإشراف على نقل الكوكايين إلى أوروبا، كان إسم هذه الفئة من شباب انواذيبو" عيل ادروج" وكان حلم كل فتيات المدينة التزوج من أحدهم ويحظون بالتقدير والإحترام.
أحد الذين قابلتهم يومها قال لي بأنه حتى الرئيس معاوية ولد الطايع أطلق فتوى تجيز السماح للكوكايين بالعبور عبر موريتانيا" لأنه واعد النصارى" حسب تعبيره.
بالخلاصة كانت الدولة الموريتانية غارقة في وحل ذلك الكوكايين حتى أذنيها، وكان المجتمع يبارك رعايته ويستفيد منه لأبعد الحدود، وساهم ذلك الكوكايين في الطفرة النوعية للفساد في ذلك العهد ودخلت أمواله أغلب البيوت الموريتانية.
الكاتب الصحفي: عبد الله ولد سيديا