التعديل الحكومي: تغيير بلا تغيير

جمعة, 09/19/2025 - 13:01
محمد محمود الشيباني - cheabeih@yahoo.fr

مرة أخرى، يثبت التغيير الجزئي الذي شهدته الحكومة الموريتانية يوم أمس، 18 سبتمبر 2025، أن المشهد السياسي في البلاد لا يعرف التجديد بقدر ما يعرف إعادة تدوير نفس الوجوه ونفس الأسماء التي تدور في فلك السلطة ومصالحها. خرج عدة وزراء، بعضهم أطيح به بسبب ملفات أو تهم فساد، لكن الوزراء الجدد لم يأتوا من رحم الكفاءة أو من صميم معاناة المواطن، بل نتيجة لتوريث المناصب أو مصالح لوبيات المال والنفوذ المستترة هنا وهناك.

 

لقد أصبح المشهد مكشوفاً فالتعيينات الوزارية باتت تعتمد بشكل مباشر على المحاصصة الواضحة بين أبناء الطبقة الحاكمة ومن يخدم مصالحها. أبناء وزراء الأمس أصبحوا وزراء اليوم، ورؤساء الأحزاب الموالية وجدوا لأنفسهم مقاعد وزارية يقتسمونها كما تُقتسم الغنائم. حتى المبررات التي تُساق للتغييرات لا تمت بصلة لحياة المواطن ولا لمشاكله اليومية، بل تدور حول إرضاء هذا السياسي أو مكافأة ذلك الوزير السابق، وكأن خلاص الوطن مرهون برضاهم، وكأن رضاهم هو سفينة نوح.

 

المؤسف أن هذا التعديل لم يفسح أي مجال لأبناء البلد الطامحين في إصلاح البلاد أو حتى لأصحاب الكفاءة المهنية الذين يعرفون مشاكل المواطن سواء في مجال الصحة أو التعليم أو البطالة، ويملكون تصورات لحلول واقعية. على العكس، سيطر الأفراد المرتبطون بالطبقة المهيمنة على السلطة، وكأن الحكومة منصة لخدمة الولاءات قبل أن تكون جهازاً لخدمة المواطن.

 

لقد تحدث الرئيس مراراً عن إصلاحات عميقة وعن تجديد الدولة، لكن كيف يمكن أن يأتي التغيير بأشخاص تسلموا السلطة لسنوات ولم يقدموا شيئاً يُذكر؟ يحتاج الإصلاح الحقيقي إلى دماء جديدة تعرف معاناة المواطن البسيط وتعيش يومياته، ولسنا بحاجة إلى نخبة ورثت السياسة كما تُورث العقارات.

 

في النهاية، يظهر أن التغيير الذي جرى لم يكن سوى إعادة توزيع للأوراق بين نفس الأيادي. وهنا يكمن الخطر وهو أن يتحول الوطن إلى رهينة للمصالح الضيقة للطبقة الحاكمة، بينما تظل آمال الشعب في الإصلاح والتجديد مجرد شعارات تُرفع عند الحاجة ثم تُدفن مع أول تعديل وزاري.