الدكتور محمد عالي ولد سيدي محمد باركلل: مسيرة وطنية مشرّفة تجمع بين العلم والإدارة والدبلوماسية

أحد, 11/23/2025 - 00:11

في سجل الرجال الذين نذروا أنفسهم لخدمة وطنهم بإخلاص وكفاءة واقتدار، يبرز اسم الدكتور محمد عالي ولد سيدي محمد باركلل، واحداً من أبرز الكفاءات الوطنية التي جمعت بين عمق التكوين العلمي، ورصانة الخبرة الإدارية، وحكمة الأداء الدبلوماسي، في مسيرة مهنية حافلة تمتد لأكثر من ثلاثة عقود من العطاء في مختلف مفاصل الدولة الموريتانية.

ولد الدكتور محمد عالي ولد سيدي محمد باركلل في مدينة نواذيبو بتاريخ 31 ديسمبر 1963. ومنذ بواكير شبابه، كان العلم بوصلته والطموح عنوان مسيرته. حصل على شهادة الدكتوراه في علوم الطاقة سنة 1993 من جامعة فالنسيان الفرنسية بميزة “مشرف جداً”، بعد مسار علمي وبحثي متميز في ميكانيكا الطاقة، جعله من أوائل الخبراء الموريتانيين المتخصصين في هذا المجال الحيوي.

بدأ مسيرته الأكاديمية في فرنسا كـ مدرّس وباحث في جامعة فالنسيان والمدرسة الوطنية العليا لمهندسي الميكانيكا والطاقة، قبل أن يعود إلى الوطن ليضع خبرته في خدمة بلده. ومنذ 1994، واصل رسالته الأكاديمية أستاذاً للفيزياء بكلية العلوم والتكنولوجيا بجامعة نواكشوط العصرية، فأسهم في تكوين أجيال من المهندسين والعلماء الشباب.
عرفت الإدارة الموريتانية في الدكتور محمد عالي نموذجاً للإطار النزيه والفعال، الذي يجمع بين التكوين العلمي والرؤية الاستراتيجية.وقوة الشخصية، والسرعة في اتخاذ القرار المناسب قبل فوات الأوان، تنقل بين مناصب سامية في قطاعات حيوية:
• وزير الطاقة والنفط (2005 – 2007) حيث قاد مرحلة مفصلية من تاريخ قطاع الطاقة في البلاد، وأشرف على بلورة أول رؤية وطنية للطاقة.
• وزير التجهيز والنقل (2023 – 2024)، حيث عمل على تطوير البنية التحتية وتحديث وسائل النقل، برؤية عصرية تراعي الاستدامة والفعالية.
• المندوب العام للتضامن الوطني ومكافحة الإقصاء “تآزر” (2022 – 2023)، وهو منصب أبرز فيه حسّه الإنساني، فعمل على تعزيز برامج الدعم الاجتماعي، وتوسيع شبكة الأمان الاجتماعي التي يستفيد منها آلاف المواطنين.
• رئيس سلطة منطقة نواذيبو الحرة (2020 – 2022)، حيث دفع بعجلة التنمية في العاصمة الاقتصادية نحو مزيد من الانفتاح والاستثمار.
• كما تقلد إدارة مؤسسات وطنية كبرى مثل صوملك، الشركة الوطنية للماء، سوماغاز، وأنسب، وكان له فيها بصمات إصلاحية واضحة تركت أثراً في كفاءة التسيير وشفافية الأداء.

وفي عام 2025، تم تعيين الدكتور محمد عالي ولد سيدي محمد باركلل سفيراً فوق العادة وكامل السلطة للجمهورية الإسلامية الموريتانية لدى جمهورية السنغال. وقد قدم أوراق اعتماده للرئيس السنغالي باسيرو أديوماي افاي، ناقلاً تحيات فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني، ومؤكداً عمق العلاقات الأخوية بين البلدين الجارين.
وفي هذا المنصب الدبلوماسي الرفيع، يواصل الدكتور محمد عالي أداء رسالته الوطنية بنفس روح الانضباط والإخلاص التي ميزت مسيرته في الوطن، ساعياً إلى تعزيز التعاون الثنائي، وتطوير الشراكات الاقتصادية والثقافية بين نواكشوط وداكار.
وإلى جانب مكانته العلمية والإدارية، يُعرف الدكتور محمد عالي ولد سيدي محمد باركلل بانفتاحه الفكري، وأريحيته في التعامل، وحضوره الإنساني الهادئ الذي يجمع بين الوقار والبساطة.
يتميز بحديثه الطريف العميق، الذي يمزج فيه بين روح العالم ودقة الإداري وذائقة الأديب. وهو من الشخصيات التي تستمع إليها فتجد في حديثها متعة الفكر ولباقة التعبير وأناقة الأسلوب.
يملك ثقافة واسعة واطلاعاً رفيعاً في الأدب العربي والفرنسي، ويجمع بين الحس الجمالي والعمق المعرفي، مما جعله قريباً من المثقفين والأكاديميين والنخب الوطنية على اختلاف مشاربهم.
وبعيداً عن الإدارة والسياسة والأدب، فإن للدكتور محمد عالي إسهام فكري وعلمي معتبر، من أبرز نتاجه كتابه المرجعي:

“النفط والطاقة في موريتانيا (الحصيلة والآفاق)” الصادر سنة 2008 في 278 صفحة، وهو عمل يؤرخ لتجربة موريتانيا الحديثة في مجال الطاقة، ويقدم رؤية استراتيجية متكاملة لمستقبل هذا القطاع الحيوي.
يمثل الدكتور محمد عالي ولد سيدي محمد باركلل نموذجاً للإطار الوطني الذي جمع بين العلم والإدارة، بين الكفاءة والتواضع، وبين الانتماء للوطن والإخلاص للنظام الجمهوري.
عرف عنه احترامه للمؤسسية، وتمسكه بالقيم المهنية والأخلاقية في العمل العام، وحرصه الدائم على أن تكون الكفاءة هي المعيار، والخدمة هي الغاية.

وحقيقة:
إن مسيرة الدكتور محمد عالي ولد سيدي محمد باركلل ليست مجرد قائمة من المناصب، بل هي سيرة وطنية متواصلة من العطاء والإنجاز، تعكس مدرسة في القيادة الهادئة، والنجاعة الإدارية، والرؤية المستقبلية.
لقد خدم الرجل وطنه في مواقع متعددة، فكان له في كل موقع بصمة مميزة وجديرة بالتأمل، مازال إلى الرجل إلى آن يمارس عمله كسفير فوق العاد وكامل السلطة في جمهورية السينغال قبل ان تسلم موقعك الجديد كمدير لإحدى الشركات التابعة لمنظمة استثمار نهر السينغال، كل التوفيق للإطار الكؤ والمخلص..