واقع التعليم في موريتانيا: زيادة الميزانية وتحديات مستمرة

خميس, 12/11/2025 - 20:21

كشف تقرير صادر عن منظمة اليونيسف تحت عنوان «تحليل الميزانية لقطاع التعليم في موريتانيا 2025» عن تطورات هامة في قطاع التعليم في البلاد، لكنه سلط الضوء أيضًا على تحديات بنيوية لا تزال تعيق تحسين جودة التعليم وتوسيع فرص الوصول إليه.

وأكد هدا التقرير، ان الحكومة الموريتانية أظهرت في السنوات الأخيرة رغبتها الواضحة في الاستثمار في التعليم، إذ ارتفعت نسبة نفقات الدولة على هذا القطاع من 10.6٪ في 2019 إلى 21٪ في 2024، في خطوة تهدف إلى تعزيز فرص التعليم وتحسين جودة الخدمات التعليمية. ومع ذلك، ورغم هذا النمو المالي الكبير، لا تزال العديد من العقبات قائمة.

اولويات التمويل: الرواتب أم الاستثمار؟
يظهر التقرير أن وزارة التعليم والإصلاح شهدت زيادة ميزانية من 5.37 مليار أوقية موريتانية في 2019 إلى 8.69 مليار في 2024. ومع ذلك، يذهب الجزء الأكبر من هذه الموارد (حوالي 90.7٪) لتغطية رواتب الموظفين، في حين تظل النفقات على تجهيز المدارس والمواد التعليمية محدودة، بنسبة لا تتجاوز 9.3٪، مما يحد من القدرة على تحسين بيئة التعلم وجودته.

ازمة البنية التحتية والتعليم قبل المدرسي
يشير التقرير إلى أن المدارس في موريتانيا تواجه نقصًا كبيرًا في المعدات والفصول الدراسية، بما في ذلك أكثر من 67 ألف مكتب وطاولة، وحاجة ملحة لأكثر من 14 ألف فصل دراسي على مستوى التعليم الابتدائي.
أما التعليم قبل المدرسي، فهو يواجه تحديًا أكبر، إذ يشمل أقل من 1٪ من ميزانية التعليم، بينما يظل نحو 85٪ من الأطفال بين 3 و5 سنوات خارج النظام التعليمي، مما يعكس فجوة كبيرة تهدد وضع أساس تعليمي متين للأطفال منذ الصغر.

الفوارق الإقليمية وتأثيرها على الطلاب
يوضح التقرير وجود فجوات كبيرة في توزيع الموارد بين المديريات الإقليمية، ففي نواذيبو يحصل كل طالب على 784 أوقية، مقابل 14 أوقية فقط في إنشيري. هذا التفاوت ينعكس بشكل مباشر على جودة التعليم وتكافؤ الفرص.
كما أن معدلات إتمام التعليم الابتدائي تبلغ 87.75٪، بينما يصل حوالي 35٪ فقط إلى الثانوية الثانية، ما يبرز الحاجة الماسة إلى برامج دعم موجهة للطلاب الأكثر عرضة للهدر، خصوصًا الفتيات والمناطق الريفية.

الحوكمة والتنسيق المؤسسي
يعاني القطاع من تحديات تنظيمية، أبرزها المركزية المفرطة في العاصمة نواكشوط، وتوزع المسؤولية بين خمس وزارات، ما يؤدي إلى تشتت الموارد وضعف التنسيق بين السياسات التعليمية. ويؤكد التقرير على ضرورة إصلاحات هيكلية لتعزيز التخطيط المحلي وتمكين المديريات الإقليمية من اتخاذ القرارات وفق احتياجات مناطقها.

التمويل الخارجي والإدماج الاجتماعي
يلعب الشركاء الدوليون دورًا داعمًا للقطاع، حيث يقدمون نحو 18 مليون دولار سنويًا، لكن غالبًا ما تدار هذه الأموال عبر وزارة المالية، ما يقلل من قدرة وزارة التعليم على توجيهها بفعالية.
كما يبرز التقرير جهود موريتانيا في إدماج اللاجئين ضمن النظام التعليمي وضمان وصول ذوي الإعاقة إلى المدارس، من خلال استراتيجية وطنية تشمل تخصيص نسبة من ميزانية كل وزارة لدعم الإدماج.

مؤشرات رئيسية للواقع التعليمي
+عدد الأطفال في التعليم الابتدائي: 861,768
+عدد الأطفال في التعليم الثانوي: 336,515
+معدل التحاق المرحلة الابتدائية: 126.57٪
+معدل إتمام المرحلة الابتدائية: 87.57٪
+معدل الالتحاق بالمرحلة الثانوية الثانية: 34.98٪
+معدل النجاح في البكالوريا: 39.28٪
+معدل الأمية بين البالغين (15-49 سنة): الرجال 74٪، النساء 58٪

المستقبل: الفرص والتوصيات
على الرغم من النمو الكبير في ميزانية التعليم، فإن التحديات البنيوية مثل ضعف البنية التحتية، نقص التعليم قبل المدرسي، الفوارق الإقليمية والهدر المدرسي، تظل عقبة أمام تحسين جودة التعليم. ويؤكد التقرير على ضرورة:
+زيادة الاستثمار في تجهيز المدارس والمستلزمات التعليمية.
+تعزيز التعليم قبل المدرسي ودمجه ضمن أولويات الحكومة.
+تحقيق توزيع أكثر عدالة للموارد بين المديريات الإقليمية.
+دعم الطلاب الأكثر عرضة للهدر، مع التركيز على الفتيات والمناطق الريفية.
+إصلاح نظام الحوكمة وتعزيز التنسيق بين الوزارات، وتمكين المديريات من اتخاذ القرارات المحلية.
+دمج التمويل الخارجي ضمن خطة التعليم الوطنية لضمان الاستخدام الأمثل للموارد.

ويخلص التقرير إلى أن موريتانيا أمام فرصة تاريخية لإعادة صياغة قطاع التعليم، لكن ذلك يتطلب رؤية واضحة، تمويلًا متوازنًا، وإصلاحات مؤسسية تمكن كل طفل من الحصول على فرص متساوية للتعلم والنمو.

رابط المقال:
https://www.unicef.org/mauritania/media/5156/file/Analyse%20Budgetaire%2...'Education%202025%20V%20FR.pdf.pdf