هددت صحيفة «لوكلام» وهي أعرق الصحف الموريتانية الحرة، مديرة الملف الموريتاني لدى صندوق النقد الدولي مرسيديس فيرا مارتين بأن صندوق النقد سيكون المسؤول عن انهيار منتظر للاقتصاد الموريتاني بتواطؤه مع الحكومة الموريتانية وقبوله بصحة الأرقام المغلوطة التي تقدمها الحكومة لبعثة الصندوق خلال زياراتها الدورية لموريتانيا».
وأكدت الصحيفة في رسالة موجهة لمديرة الملف نشرتها على شكل افتتاحية موقعة باسم مديرها الناشر الصحافي أحمد الشيخ أمس «أن الصمت لم يعد ممكناً إزاء استمرار تمالؤ بعثة صندوق النقد التي ترأسها مرسيديس فيرا مارتين مع الحكومة بتسجيل معطيات عن الاقتصاد الموريتاني تقدمها الحكومة على هواها بعيدة كل البعد عن الحقائق المعاشة».
وطرحت الصحيفة المحسوبة على المعارضة في رسالتها سيلاً من الأسئلة على مديرة الملف «لمَ لم تتساءل بعثتكم عن ثمرات نسبة النمو ما بين 5 و6 بالمئة التي يلقمنا خبراؤكم إياها كل عام؟، ولم لم تسألوا أبداً عن مصير السبعة مليارات دولار التي جنتها شركة «اسنيم» (مصدرة الحديد الخام في موريتانيا) ما بين سنتي 2010 و2014 بفعل ارتفاع أسعار الحديد لأعلى مستوياتها في الأسواق الدولية؟، وهل عندكم أي خبر عن الخفض المتسلسل لقيمة العملة المحلية التي انتقلت من 230 أوقية للدولار الواحد إلى 350 أوقية للدولار اليوم؟ وهل أنتم على علم بأن الشركة الفرنسية لضمان التجارة (كوفاس) قررت التوقف عن ضمان القروض المبرمة من طرف شركة «اسنيم»؟
وأضافت الصحيفة «لقد أرسلت لكم جهات مخفية تحذيرات عن هذه القضايا كلها لكنكم لم تستغلوها بما يضمن دفع الحكومة نحو تصحيح المسار ومعاقبة المفسدين».
وخاطبت مديرة الملف الموريتاني قائلة «إنك أيتها المديرة، مواطنة من إسبانيا التي عاشت الفقر والفاقة خلال النصف الأول من القرن العشرين بل وقبل ذلك؛ فهلا فكرت لحظة واحدة في مصير الأطفال الموريتانيين الذين ينامون ببطون خاوية لأن حكومتهم عجزت عن توزيع عادل للثروات الضخمة التي تملكها موريتانيا، أولئك الأطفال الذين لا حق لهم في العلاج ولا في التعلم؛ فعل تسوغ لكم الامتيازات المالية التي تجنونها من مهامكم هذه، غض الطرف عن جميع هذه التجاوزات؟».
ومضت الصحيفة في تساؤلاتها قائلة «أي فائدة من نسبة النمو المشاعة 5 أو6 أو7 بالمئة ما دامت الرواتب جامدة والغلاء مستشر والبطالة في قمم ارتفاعها والضرائب ضاغطة والقطاعات الاجتماعية مهملة؟».
«إن الصدمة التي يشهدها الاقتصاد الموريتاني، تضيف الصحيفة، والتي يعترف بها صندوق النقد بصورة خجولة، ستكون لها انعاكاست عنيفة بدون شك، والمسؤولية في ذلك ستكون على صندوق النقد الدولي إذا هو لم يتدخل ليؤكد للحكومة «أن تدبير الحكم هو الحزم واتخاذ الحيطة».
وخلصت في رسالتها للقول «بأن هناك أمراً أكيداً واحداً وهو أن صندوق النقد الدولي يتحمل مسؤولية كبرى في حالة انهيار الاقتصاد الموريتاني».
وتأتي رسالة صحيفة «لوكلام» أياماً بعد نشر صندوق النقد الدولي تقريراً عن نتائج زيارة قامت بها بعثته الدورية لموريتانيا ما بين 6 و22 شباط / فبراير المنصرم وأكد فيه «أن الاقتصاد الموريتاني يمر بصدمة عنيفة» تنضاف لتباطؤ كبير في أداء الاقتصاد خلال عام 2015 بسبب تراجع أسعار الحديد والنفط.»
وجاء في بداية التقرير أن «موريتانيا بعد سنوات من الأداء الاقتصادي الجيد، تواجه صدمة عنيفة فيما يتعلق بمعدلات التبادل التجاري، بسبب انخفاض أسعار خام الحديد الذي تسبب في تراجع الأداء والتوقعات الاقتصادية».
وأوضح التقرير أن «السلطات الموريتانية وضعت سياسات لمواجهة التقلبات الدورية مستخدمة عوامل خارجية لامتصاص الصدمة، وأخرى من الأموال التي تم جمعها خلال سنوات الطفرة»؛ ولكن التقرير أشار إلى أنه «بما أن الصدمة كانت أكثر قوة من المتوقع منذ البداية، قامت السلطات بتعديل سياساتها في 2015 مع السماح بسعر صرف أكثر مرونة، ومع اتخاذ إجراءات لتعزيز العائدات الضريبية».
وأكد أن «انخفاض أسعار الحديد في الأسواق العالمية قلص بشكل كبير حجم الصادرات والعائدات الضريبية المجبية من قطاع المعادن، وبما أن أسعار خام الحديد ستبقى منخفضة على الأقل في المدى المتوسط، فإن ذلك يزيد مكامن الضعف الاقتصادي على مستويات عدة».
القدس العربي