بدأ مسعود ولد بلخير رئيس البرلمان السابق الذي يقيم منذ سنوات وسيطاً في الأزمة السياسية التي تمر بها موريتانيا، أمس اتصالات مع أطراف المشهد في محاولة أخيرة لإطلاق حوار سياسي تعثرت جميع محاولات إطلاقه.
ونقلت وكالة أنباء «صحراء ميديا» الموريتانية المستقلة، عن مصادر لها خاصة «أن لقاء حول الحوار السياسي المرتقب جمع أمس الأربعاء بين الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز برئيس البرلمان الأسبق وزعيم حزب التحالف الشعبي التقدمي مسعود ولد بلخير».
وأكدت المصادر «أن ولد بلخير ناقش مع الرئيس الموريتاني تفاصيل مبادرة تتعلق بالحوار السياسي تشتمل على مقترحات للرئيس سيعرضها ولد بلخير على قادة المنتدى المعارض خلال عشاء سياسي سيقيمه رئيس البرلمان السابق مساء اليوم الخميس بمنزله في ضواحي العاصمة بحضور قادة المعارضة».
وذكرت المصادر «أن العشاء السياسي سيناقش مسألة تعديل الدستور لزيادة المأموريات التي تشكل عرقلة كبيرة أمام الحوار منذ أن ألمح إليها عدد من أعضاء الحكومة وأعلنت المعارضة الموريتانية بسبب ذلك إيقاف جميع اتصالاتها مع النظام قبل إقالة الوزراء والاعتذار الرسمي».
وكان مسعود ولد بلخير «قد أكد لقادة المنتدى الأسبوع الماضي استعداد الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز لإطلاق حوار شامل خلال شهر نيسان إبريل الجاري أو شهر أيار مايو المقبل وذلك على أساس مباحثات حول الموضوع أجراها مع الرئيس قبل أيام».
ومع أن هذه الاتصالات حملت آمالاً جديدة باحتمال العودة للتمهيد للحوار الذي طال انتظاره، فإن أوساط المعارضة قللت من شأن الوساطة التي يقوم بها رئيس البرلمان السابق واعتبرتها «مضيعة للوقت وخالية من الجديد المهم».
وفي إطار التحليلات السياسية التي ينشرها كبار الشخصيات السياسية والفكرية عن الأزمة التي تمر بها موريتانيا، أفرج الدكتور هيبتنا ولد سيدي هيبه وزير الاعلام الأسبق والرئيس السابق للسلطة العليا للصحافة، أمس عن تحليل للموقف تحت عنوان «الحوار: هل هو الحل السحري؟»، انتقد فيه بشدة تعامل نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز مع الأزمة.
وأعاد ولد سيدي للأذهان المراحل التي مرت في الحوارات السياسية منذ انقلاب 2008 قبل أن يضيف «منذ المحاولات غير المثمرة الأخيرة من أجل عقد ما يشبه الحوار بين النظام و المعارضة اختفى هذا الأخير فجأة من ما يُتصور أنه حياة سياسية في البلد تاركاً الرأي العام في حيرة، حتى أصبح الناس يتساءلون عما إذا كان «الحوار» سيظهر من جديد بعد هذا الاختفاء الغامض أو يخرج من بياته ليعود للحياة ويفتح آفاقاً جديدة للبلد».
وتساءل الدكتور هيبتنا قائلاً «ماذا يعني الحوار اليوم في ضوء الاعتبارات الآنفة الذكر وفي الوضعية الوطنية المعاشة؟ ظل النظام يدعي في كل مناسبة أبوية النداء إلى الحوار، حتى فكرة الحوار نفسها، لكن إذا نظرنا إلى تصرفه على أرض الواقع نلاحظ قدراً كبيراً من عدم الاتساق ومن المفارقات، مما يزرع الشك في نياته ودوافعه الحقيقية».
وتحدث الدكتور هيبتنا عما سماه «غياب المصداقية وعدم الجدية في التزامات النظام الحالي من أجل حوار وطني جاد» مؤكداً «هذه الازدواجية في الخطاب، وهذا الإقدام ثم التردد الدائمان أو على الأصح هذا الانفصام الذي يترجم في الواقع إخفاء الارتباك وانعدام الاستمرارية والخواء، مؤشر على نظام يلجأ غرائزياً إلى الهروب إلى الأمام والخداع كنهج في التسيير».
وأضاف «في احتمال معجزة إقامة حوار حقيقي، يتعين على المعارضة الاستمرار في المطالبة بأخذ الشروط المسبقة التي وضعتها كحد أدنى والتي من دونها لا مبرر لهذا الحوار»؛ «إن أي موقف آخر، يضيف الكاتب، سيكون غير مضمون النتيجة وسيسير في اتجاه النظام المهموم ببقائه فوق أي اعتبار آخر والذي لن يستثني أية وسيلة لتنفيذ أجندته الخفية المذكورة أعلاه والتي بدأت بوادرها تظهر من خلال التسريبات والتصريحات الصادرة عن بعض الوزراء في الأيام الأخيرة».
وخلص الكاتب لنتيجة مؤداها «أن الوقت قد حان لإدراك حقيقة أن «الحوار» الذي يُتغنى بفضائله وحتى بقدسيته عن صدق أو تصنع ليس ولن يكون في حال حدوثه، الحل السحري».
القدس العربي