الثقافة هي أداة ألتنمية بها تتفوق الشعوب والدول في مضمار التقدم فتملك زمام المبادرة وتتصدر المشهد العالمي وما تحكم الغرب اليوم في مصائر الشعوب وقيادته للعالم إلا نتاج نهضته الثقافية العلمية الهائلة
الثقافة ـ أيضا ــ هي أهم جسر من جسور التواصل الإيجابي بين الشعوب والأمم وهي بهذا ا المفهوم أهم أدوات التواصل الدبلوماسي المبني على المحبة والاحترام
وبحكم موقع بلادنا الجغرافي وتنوعها الاجتماعي الذي يجمع بين الثقافتين العربية والإفريقية فإننا قادرون على أن نحقق بثقافتنا الكثير فقد نشر أجدادنا الإسلام في ربوع إفريقيا بأخلاقهم وتسامحهم والتزامهم الديني من خلال قوافلهم ومحلاتهم التجارية البسيطة وزواياهم التصوفية ومحاظرهم الفقهية المؤسسة على التسامح والمحبة
ويعبر الحضور الثقافي الكبير للشعب الموريتاني في جمهوريتي السنغال ومالي عن هذه الحقيقة ومما يؤسف له أن الحكومات الموريتانية السابقة لم تحسن استغلال هذا المعطى رغم توفر كل العناصر الداعية لاستغلاله وفي اعتقادي أن إنشاء المركز الثقافي الموريتاني التابع للسفارة الموريتانية بجمهورية السنغال قبل ثلاثة أسابيع من الآن هو أول مبادرة استراتيحية طموحة في هذا الاتجاه.
إذ من خلال هذا المركز ستساهم بلادنا في ترسيخ قيم المحبة والتواصل الروحي والثقافي بين الشعبين الموريتاني والسنغالي وتمكن الشعب السنغالي الشقيق من ترسيخ ثقافته الإسلامية التي يعتبر الرافد الموريتاني أهم مصادرها كما أن آلاف السنغاليين المتعطشين لتعلم اللغة العربية سيجدون في هذا المركز مبتغاهم وضالتهم المنشودة إضافة إلى أن الجاليات الموريتانية والعربية بالسنغال ستجد في هذا المركز حاضنة ثقافية هامة .
بطاقة تعريف المركز الثقافي الموريتاني بالسنغال
المركز الثقافي الموريتاني بداكار إدارة ملحقة بالسفارة الموريتانية بالسنغال ويوجد مقره في مبنى بجانب السفارة ويهدف من بين عدة أهداف أخرى إلى إنشاء قطب إشعاع للتبادل الثقافي بين موريتانيا والسنغال ويتكون من مصلحتين هما :
ــ مصلحة المكتبة والتوثيق وتحتوي على مكتبة غنية تضم مآت المصادر والمراجع ومكتبة صوتية غنية ومتنوعة إضافة إلى قاعة للمطالعة مريحة وكبيرة
ــ مصلة التراث والإنعاش الثقافي وتحتوي على قاعة كبيرة للمحاضرات مجهزة بأحدث التقنيات وقاعة للعروض الفنية والثقافية وفضاء كبير خاص بالحفلات الثقافية والفنية
أما أهداف ومهام المركز فمنها
ـــ التعريف بموريتانيا من خلال تاريخها وثقافتها
ــ ترقية وتطوير التبادل الثقافي بين موريتانيا والسنغال
ــ القيام بعروض مستمرة للإنتاج الثقافي والإثنوكرافي والحرفي
ــ إنشاء مكتبتين إحداهما متعددة التخصصات والأخرى خاصة بالمؤلفين الموريتانيين
ـــ تنظيم محاضرات وسهرات فنية تخدم التبادل الثقافي والفني الموريتاني السنغالي
ــ التعريف بالموسيقى الموريتنية في أصالتها وتنوعها
ـــ تنظيم ندوات وأسابع ثقافية
وتوجد مطوية بمقر المركز تمكن زواره من التعريف به
ويقول السفير الموريتاني بالسنغال صاحب السعادة السيد شيخنا ولد النني إن هذا المركز يدخل في إطار الإنجازات الثقافية الكبيرة لرئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزير ويعبر عن رؤيته الاستراتيجية لأهمية بناء الثقة وتقوية أواصر العلاقات الثقافية والدبلماسية بين الشعبين الموريتاني والسنغالي وقد وفقه الله تبارك وتعالى في أن يكون أول رئيس يتبنى هذه الفكرة وينجزها ويضيف السفير قائلا إننا نطمح إلى أن يكون هذا المركز سفيرا للثقافة الموريتانية في بعديها العربي والإفريقي وأن يعزز ويدعم جسور التواصل التي بناها المشايخ والعلماء بزواياهم التصوفية ومحاظرهم المعروفة في السنغال وموريتانيا والتي تأسست على قيم المحبة والتسامح ولم تعرف في أي يوم من الايام ثقافة الغلو والتشدد وسيخلق قطبا ثقافيا دبلوماسيا يمكن المثقفين الموريتانيين من التعارف وتبادل الخبرات والتجارب إضافة إلى مساعدة الشعب السنغالي في التعريف بالثقافة الإسلامية الوسطيةوتقوية الحضور الإيجابي للغة العربية ولتحقيق ما يتطلبه نجاح هذا المركز فإننا نعكف على وضع برنامج ثقافي سنوي
قابل للتحق والإنجاز حتى تكون لكل سنة حصيلتها وحصادها من الإنجازات
وسيسعى المركز إلى تلبية كل ما يمكن تلبيته من متطلبات الدعم الثقافي والإسلامي للسنغال وفي هذا الإطار سيساهم في تكوين الأئمة والمؤذنين السنغاليين بالتعاون مع الدولة السنغالية
وسيعرف الجالية الموريتانية والشعب السنغالي الشقيق بما تحقق في عهد الرئيس محمد ولد عبد العزيز من إنجازات ثقافية واقتصادية تعتبر المهرجانات الثقافية التي تقام في مآت المدن نموذجا لها وإذا كانت منظمة استثمار نهر السنغال يقول السفير إداة من أدوات التعاون والاندماج الاقتصادي بين موريتانيا والدول الأعضاء في هذه المنظمة فإن الثقافة ستمكن من المزيد من الاندماج والتعاون لأنها الأساس الصلب الذي ينسج أواصر العلاقات المبنية على المصالح المشتركة بين الشعوب.
السفير الموريتاني السيد شيخنا ولد النني سبق وأن ترك بصماته الإيجابية في النيجر وذلك من خلال إنشاء مجمع ثقافي أعطى رئيس الجمهورية الضوء الأخضر لإنشائه وهو أول مشروع ثقافي تقيمه موريتانيا في جمهورية النيجر التي توجد بها جالية موريتانية كبيرة ونشطة ويتكون المجمع المذكور من مدرسة عصرية من ستة فصول ومبنى محظرة ومسجد يتسع لألف مصل مع مساحة إضافية تمكن من توسيعه مستقبلا ودارين لسكن مدير المركز وإمام المسجد .
وفي الأخير فإنني أهنئ الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز على هذه الرؤية التي تعتبر الثقافة الموريتانية جسر تواصل مع الشعوب الإفريقية كما أهنئه على اختيار السفراء من ذوي الكفاءات القادرين على تمثيل موريتانيا في بعدها الثقافي والحضاري..
محمد الأمجد ولد محمد الأمين السالم