في خطابه الأخير في النعمة تقاطع الرئيس الجنرال محمد ولد عبد العزيز مع الرئيس العقيد معاوية ولد سيدي احمد ولد الطايع في خطابه في الزويرات أثناء الحملة الرئاسية اكتوبر 2003، في عدة تصرفات ومسلكيات وأفكار وأساليب، فهل كان الأمر صدفة يقتضيها الظرف أم تقليدا نابعا من الاعجاب بالسلف المكبوت في لاوعي الخلف؟ باختصار هنا بعض ما تقاطع فيه الرجلان: ـ هاجم معاوية المعارضة 2003 واصفا اياهم بالكذب والعداء للوطن ومحاولة خداع الشعب، عزيز أيضا وصف المعارضة بنفس الأوصاف وربما بصفة أكثر حدة من سلفه حيث وصف عزيز المعارضين بـ"أعداء الوطن" والمفسدين، والكذابين الخ ـ امتدح معاوية بعض منافسيه أثناء الحملات رغم أن هذا يخالف طبيعة السباق، فوصف حملة ولد اجيد ومنت جدان بالحملة المسؤولة، بينما هاجم بحدة "الثالوث هيدالة وولد داداه ومسعود". عزيز أيضا استثنى من هجائياته من حاوروه من المعارضة، والطريف أنه استخدم نفس عبارة معاوية صفة "المسؤولية" في حق المعارضين المحاورين، إذ قال إن بعض "البعض المسؤول" شارك في الحوار. ـ "الل تريالك خرص ركبت امراحو" هذا المثل استخدمه معاوية أيضا في نفس المهرجان المخجل ذي الخطاب المرتبك والكارثي والذي أصبح الآن محل تندر وتهكم حتى ممن كانوا يحيطون بمعاوية، عزيز كان هناك يومها. نفس المثل استخدمه عزيز في النعمة أيضا عندما كان يسخر من المعارضة ويهاجمها، فهل سيكون خطابه هذا مثار سخرية لاحقة؟ صروف الدهر لا تستبعد ذلك. ـ الحرب على اللافتات اشتركها الرجلان في افتتاحية خطابيهما رغم فارق زمني يناهز 13 سنة، فبدأ عزيز في النعمة بالمطالبة بخفض أو نزع اللافتات كما فعل سلفه في الزويرات. فمن كان ذلك العسكري الذي أشار بيديه أمام عزيز إلى الجمهور لينزلوا اللافتات إشارة تشبه إلى حد كببير إشارة عزيز على جماهير الزويرات أن ينزلوا اللافتات، لما كان يقف خلف معاوية ويحميه؟ ـ هاجم معاوية أحمد ولد داداه تصريحا في رئاسته لحزبه 12 سنة، ونسي أنه يحكم البلد منذ 19 سنة، نفس الكلام قاله عزيز أيضا عن التقاعد السياسي. وعن الديموقراطية في الاحزاب، ربما نسي مصدر رئاسته أي انقلابه على رئيس منتخب! ـ قال معاوية انه لولا أن شعبنا تسود فيه الأمية وينقصه الوعي لما ترشح مسعود، هيدالة، داداه. وهذا اعتراف بعجزه عن محاربة الأمية بعد عقدين من الزمن من حكمه. وعزيز بدوره اعترف ـ بل كرر ـ الاعتراف أن ولاية الحوض الشرقي مهمشة ويعيش سكانها مشقة، لقد بدأ بهذا وختم به، وكان قد قاله في لقاء الشعب هناك، وهذا اعتراف آخر بالعجز عن تغيير واقع ولاية من أكبر الولايات ديموغرافيا وأكثرها تصويتا لصالح الرؤساء. ـ كان عزيز متوترا حادا غاضبا، كما كان معاوية، لكن السؤال الأهم: إن كان معاوية غضب أو توتر لأنه أثناء حملات رئاسية شديدة التنافس، وهو الناجي قبل أربعة أشهر من محاولة انقلاب عنيفة هزت سلطانه واضطرته للهروب من قصره ليلة ويوما، فما الذي أغضب عزيز أو جعله متوترا وهو ينهي الثلث الأول من مأموريته الأخيرة التي سيصرف بعدها عن السلطة ـ افتراضا ـ بما يعنيه ذلك من حتمية الهدوء والاعتدال والعمل على التهدئة ليحصل انتقال مريح له ولمن سيخلفه وللبلد جميعه؟ هذا إن لم يكن يغضبه ويضايقه ما يدور في ذهنه ـ افتراضا ـ من العمل على البقاء في السلطة في ظروف غير مناسبة محليا ودوليا؟
محمد الأمين ولد سيدي مولود