قبل أربعة عشر قرنا، قال الخليفة العادل عمر بن الخطاب "والله لو عثرت دابة على شاطئ الفرات لخفت أن يسألني الله عنها لماذا لم تصلح لها الطريق يا عمر".
على مقربة من شاطئ انواكشوط في الجمهورية الإسلامية الموريتانية، وفي عهد رئيس الفقراء عثرت أرامل ونساء معيلات للأسر، وهن يتدافعن عند باب أحد المحسنين أثناء توزيعه للزكاة، فسقطت منهن شهيدات وجريحات في يوم حزين، فهل يمر مثل هذا الحادث مرور الكرام؟ وما ذا على الجمهورية الإسلامية الموريتانية رئيسا ورجال أعمال ومجتمعا مدنيا وإذاعة وتلفزة، أن تتخذ من تدابير على الطريقة العمرية ولو بأقل القليل؟.
أولا: يجب على الرئيس محمد عبد العزيز أن يستغل مهارة وزير الاقتصاد والمالية في إحصاء أموال المسلمين وفرض المكوس عليهم، وكذلك إمكانيات علمائنا الأجلاء وتبحرهم في العلم الذي يذهب سدى وهم يفتون في نوازل مثل التنقيب عن الذهب، لتتكاثف جهود الطرفين في إنشاء صندوق للزكاة يضم فقهاء وخبراء في الاقتصاد الإسلامي ومحاسبين نظيفي الأيادي، ليكون لبنة حقيقة في إرساء نظام ضمان اجتماعي أمر به رب العالمين حين قال:{ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. { التوبة / 103. وكذلك أحياء لركن من أركان الإسلام قاتل من أجله الصديق ذات يوم وهو يقول : "والله لوم منعوني عقالا كانوا يؤد ونها لرسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليها".
أما رجال أعمالنا فعليهم وهم يعطون لفقراء المسلمين دراهم معدودة أن يحفظوا كرامتهم وتعففهم الذي مدحهم به الله تعالى حين قال }: لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيم} . البقرة الآية 73 ، فلكل رجل أعمال في موريتانيا أقارب ضعفاء وفقراء فلماذا لا يضرب عصفورين بحجر واحد، فيصل أرحامهم ويزكي عليهم دون أن يجبرهم على طرق أبوابه، في الحر والبرد والمبيت في العراء.
أما هيئات المجتمع المدني فقد آن الأوان أن تمتلك من المصداقية ما يكسبها ثقة الغني والفقير على حد سواء فتكون وسيطا بينهما، تنقل أموال الصدقات والزكاة بكل أمانة من الأغنياء إلى مصرفيها من الفقراء.
وفي الأخير أما كان أحرى بالتلفزة والإذاعة الوطنيتين أن تلعنا الحداد على أرواحهن ، في سابقة يكرم فيها الإنسان الذي كرمه الله سبحانه وتعالى حيث قال:{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} . الإسراء/الآية 70، فأرواح الرؤساء والقادة والمشاهير ليست أغلى من أرواح مسلمات سقطن ضحايا لسوء التسيير والظلم وسرقة المال العام في بلد يموت فيه الفقير رفسا بالأقدام وهو يسعى من أجل لقمة حلال يسكت بها أفواه أطفاله الجائعين.
بقلم/ باب ولد أربيه