اقتربت ساعة الحوار السياسي المنتظر في موريتانيا منذ أشهر عدة، حسب تجليات المشهد السياسي في موريتانيا وحسب لقاءات وتصريحات الفاعلين في صف الموالاة ومعارضة الوسط.
وفيما لزمت المعارضة الصمت الممتنع إزاء مغازلات النظام لأحزابها ونقاباتها وشخصياتها المرجعية المتكتلة في المنتدى الوطني للديموقراطية، بدأت كتل سياسية من معارضة الوسط بينها كتلة الوفاق وكتلة المعاهدة استعدادها للمشاركة في الحوار، حيث قابل الرئيس الموريتاني قادتها لتوثيق العهود المتعلقة بإنجاح الحوار.
وأعلن يوسف ولد حرمه الرئيس الدوري لكتلة الوفاق الوطني في تصريحات أدلى بها بعد مقابلة الرئيس «أنهم، على مستوى المعاهدة، ينتظرون في غضون أسبوع انطلاقة الحوار السياسي».
وأوضح ولد حرمه في حوار أمس مع برنامج «المشهد» الذي تبثه قناة «المرابطون» المستقلة، «أن سبب تأخير الحوار هو أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز تلقى طلبات من بعض السياسيين بضرورة تأخير توقيت الحوار من أجل إقناع بعض الأحزاب بالمشاركة فيه». وأكد ولد حرمه «أنهم لم يلاحظوا خلال مقابلتهم للرئيس ما يدل على أن الحوار لن يتناول زيادة مدد الرئاسة».
وقال «أخبرنا الرئيس بأن مراجعة الدستور لزيادة مأموريات الرئاسة مجرد خيال في أذهان المعارضة وأنه لن يحنث في يمينه الدستورية التي أقسم بها».وأشار بابانا «إلى أن أعضاء كتلة الوفاق اجتمعوا مع الوزير الأمين العام للرئاسة (مكلف بلف الحوار) وناقشوا معه رؤيتهم للحوار الذي يرى ولد حرمه، أنه المنفذ الوحيد لخروج موريتانيا من حالة التأزم».وعلى مستوى كتلة المعاهدة التي أعلنت أحزابها عن مشاركتها في الحوار، دعا حزب التحالف الشعبي التقدمي برئاسة مسعود ولد بلخير «جميع الأطياف السياسية إلى تغليب منطق الحكمة والعقل وإلى جعل المصلحة العليا فوق أية اعتبارات فرعية كانت أم خاصة، وذلك عبر وقف الحملات والحملات المضادة ووقف التحريض على العنف والكراهية بين مكونات الشعب لإيجاد مناخ ملائم لتنظيم حوار جاد تساهم فيه كل الأطراف».
ودعا الحزب في بيان أخير له الجميع «للمشاركة في حوار وطني مسؤول لتجاوز الوضع السياسي الراهن نحو واقع يتيح للجميع ممارسة ديمقراطية سليمة شفافة ونزيهة تحترم فيها قواعد اللعبة الديمقراطية وتصان فيها الحقوق».
وفيما يتعلق بموقف المعارضة الجادة المنتظمة في المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة وبمخاطر التفكك المحدقة بالمنتدى بفعل التجاذبات القائمة، فقد أكد محمد جميل منصور رئيس حزب التجمع المعارض في مقابلة مع أسبوعية «لوكلام» الصادرة بالفرنسية «أن المنتدى موحد الرؤية وصفوفه مرصوصة وموقفه واحد من الحوار المرتقب».
وقال «إن المنتدى يرفض الحوارالذي تسعى السلطة لفرضه في ظرف أسبوعين أو ثلاثة لكونه ليس حواراً ديمقراطياً وطنياً وتبقى المعارضة مستعدة للمشاركة في أي حوار جاد يخرج موريتانيا من أزمتها»؛ مضيفاً قوله «إننا نرغب في الحوار لكن ليس أي حوار».وأكد ولد منصور وهو قيادي بارز في المنتدى المعارض»أن المعارضة مرت بتجارب مريرة في تعاملها مع نظام الرئيس ولد عبد العزيز الذي عود الموريتانيين، حسب قوله، على مطالباته غير الجادة في الحوار التي يسعى من ورائها للبهرجة الإعلامية ولمغالطة الشركاء».
وحول الموقف من الحوار الذي دعا له الرئيس خلال أسبوعين أو ثلاثة قال ولد منصور «إن تحديد الآجال ليس هو المهم بل المهم التوجه الصادق نحو حوار حقيقي يتمخض عن رؤية وطنية مجمع عليها لحل المشاكل السياسية والاقتصادية والسياسية التي تعانيها موريتانيا»، وهو الأمر الذي يستلزم، حسب ولد منصور، التحضير الجيد للحوار وتهيئة ظروف نجاحه».ويتزامن اقتراب الحوار مع حيرة الكثيرين في أسراره وفي الأهداف المتوخاة من وراء تنظيمه، حيث يرى محللون اعتمادا على قرائن تتبناها المعارضة، أن الرئيس ولد عبد العزيز يسعى من وراء الحوار لترتيب بقائه في السلطة التي يجب، حسب الدستور، أن يغادرها منتصف 2019.
ونقلت وكالة أنباء «الحرية.نت» الموريتانية المستقلة عن مصادر وصفتها بالمطلعة «أن السيناريوهات التي يبحث عنها النظام الموريتاني في ظل الحوار المرتقب في حال عدم مشاركة المنتدى، هي أن اختيار مسعود ولد بلخير رئيساً لحكومة الوفاق التي ستنبثق عن الحوار».وأكدت المصادر «أن تنسيقاً أبرم بالفعل مع ولد بلخير في هذا الإطار؛ حيث تم التوافق معه على هذه الخطة البديلة التي سيتم العمل بها لإحراج المنتدى المعارض».وحسب المصادر نفسها «فإن من بين نتائج الحوار المرتقب حل البرلمان وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة تشرف عليها حكومة توافقية وبعدها سيتم تحويل موريتانيا إلى نظام برلماني يكون رئيس الوزراء فيه هو الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز». وتوقعت مصادر وكالة الحرية.نت «أن ينطلق الحوار المرتقب أواخر شهر رمضان الجاري».ونقلت «الحرية.نت» عن مصدر رفيع في النظام قوله «إن المشاركة في الحوار المنتظر ستكون بالمستوى المطلوب وستعكس التوجهات السياسية للأطراف المشاركة».
يذكر أن اقتراب انطلاقة الحوار، تتصادف مع تمسك منتدى المعارضة بقراره تعليق تواصله بشكل نهائي مع الحكومة بعد أن كان على تواصل متقطع معها وذلك بسبب تصريحات أعضاء في الحكومة الموريتانية ألمحت للتمديد للرئيس محمد ولد عبد العزيز. وتنشغل شخصيات مرجعية موريتانية محايدة عظيم الانشغال بمستقبل موريتانيا التي تقترب من نهاية ولاية الرئيس الحالي المنقضية منتصف العام 2019، بدون أن تكون متفقة على صيغة مقبولة للتناوب السلمي على السلطة.
من عبدالله مولود/نواكشوط ـ «القدس العربي»