إذا كان الكثير من الأكلات الشعبية الموريتانية قد فقدت مكانها في المطبخ الموريتاني بفعل عوامل التغيير التي مر بها المجتمع فإن هناك من الوجبات الشعبية التي لها امتداد تاريخي لازالت تحافظ على مكانتها المتميزة في المطبخ الموريتاني ، ومن هذه الوجبات التي رافقت مسار مجتمع مدة من الزمن أكلة الكسكس أو الكسكسى في عند بعض دول المغرب العربي.
تعود تسمية الكسكس كما في معجم المعاني “كسكس فعل ومنه كسكست ، أُكسكس ، كسكس مصدر كسكسة وكسكس الشيء دقه دقا شديدا وكلمة كسكس هي اسم طعام يحضر من دقيق القمح والماء فيصير حبات دقيقة ، ينضج في الكسكاسِ على البخار ، ويصب عليه المرق واللحم ومختلف أنواع الخضرِ” .
والكسكس في تعريفه هو طعام يشيع في المغرب العربي ، يتخذ من طحين القمح المفروك ، وينضج على البخار يجعل الكسكس مع لحم الضأن أو مع السمك .
وتعود كلمة كسكس إلى الكسكسي أو سيكسو وهي كلمة أمازيغية ذكرها بن دريد في جمهرة اللغة في القرن العاشر للميلاد .
أما تاريخيا فقد ذكرها الرحالة شارل اندري جوليان في كتابه تاريخ إفريقيا الشمالية حيث يقول “كان الكسكسو من الوجبات الأساسية اليومية في الكثير من المناطق شمال إفريقيا” ، فوجبة الكسكس تدل على مدي الارتباط بين دول المغرب العربي مع أن لكل منها طريقة الخاصة في تحضيرها .
أما الطريقة الموريتانية في تحضير الكسكس فإنها تختلف عن طريقة الحضير دول مغاربية ، لكنهما متشابهتان من حيث المكون الأساسي وهو حبيبات السميد التي يصنع منها الكسكس .
ومن الأمور الرئيسية التي يختلف فيها الكسكس في موريتانيا وإقليم الصحراء الغربية عن الكسكس في الدول المغاربية الأخرى إضافة مسحوق ورق نبات الملوخية الذي يسمي في موريتانيا تقية بغض النظر عن نوع المرقة التي ستضاف عليه مع العلم أنه يؤكل أحياناً بدون مرقة وهناك عدة طرق لإعداد الكسكس الموريتاني وهي :
الكسكس بالحليب : يستخدم الحليب مع الكسكس ويشرب بمغرفة ويمسي هذا النوع من الكسكس بباسي .
الكسكس بالتيشطار : يستخدم القديد أو التيشطار وهي التسمية المحلية لللحم المجفف تماماً كمرق مع إضافة بعض السمن الحيواني ويسمي بالذهن بشكل اختياري .
الكسكس بمرقة اللحم : وتعد هذه الطريقة الأكثر شهرة ويستخدم مرق اللحم مع الكسكس ويضاف بعض السمن الحيواني بشكل اختياري.
الكسكس بالدجاج : وهذه الطريقة حديثة وليست من طرق الإعداد التقليدية في موريتانيا ويستخدم فيها لحم ومرق الدجاج ولا تمتاز هذه الطريقة والطريقة اللاحقة بشهرة محلية بل هما من إنتاج سكان المدن .
الكسكس بالحوت : وهذه الطريقة حديثة أيضاً وليست من طرق الإعداد التقليدية في موريتانيا ويستخدم فيها السمك “الحوت” ، ويكثر هذا النوع من الاستخدام في المناطق الشاطئية .
وهناك طريقتان للإعداد الكسكس وهما :
الكسكس الصغير : وهو المعروف بباسي ، أما الكسكس الكبير أو الذي يمتاز بكبر الحبيبات فسمي بالابريق ، ومن أشهر الخصائص التي يمتاز بها الكسكس الموريتاني هو التجفيف الذي يوازي تماما التعليب ، فقد استخدم الموريتانيون هذه الطريقة لتلائم خاصية الترحال التي كان المجتمع يقوم بها كما تدفع إلى ذلك الزراعة الموسمية ويسمح التخفيف للمجتمع للتمتع بالكسكس فترة طويلة ويسمي الكسكس المجفف إن كان صغيرا باسم صاين أما الكبير فيسمي لبريم اليابس .
أما طريقة تحضير الكسكس بالنسبة لموريتانيا فهي تمر بعدة مراحل :
تحضير الدقيق ،
تشكيل حبات الكسكس أو البريم أو اطبك ،
طهي الكسكس وله أدوات خاصة تعرف الآن بالفوار أو الكسكاس .
وتمتاز وجبة الكسكس في موريتانيا بأنها من أكثر الوجبات التي تستخدم في شهر رمضان المبارك لتكون بذلك سيدة الوجبات الرمضانية في شهر رمضان المبارك.