مداخلة عبد الرحيم اسليمي في قناة «ميدي 1» أشعلت الغضب
نواكشوط – «القدس العربي»: أشعلت مداخلات تلفزيونية لمحللين سياسيين مغاربة تناولت أسباب التوتر الذي عاد ليطبع العلاقات المغربية الموريتانية غضب عدد كبير من الكتاب والمدونين الموريتانيين أمس الذين اعتبروا هذه التحليلات احتقاراً مغربياً لبلدهم.
وبعد أن كان تناول المدونين لهذه القضية هادئاً، جاء التحليل الذي قدمه عبد الرحيم منار اسليمي لقناة ميدي 1 والذي اتهم فيه «موريتانيا بتجنيس الصحراويين في تيندوف ليتسربوا إلى المغرب، وبالعدول عن الحياد في قضية الصحراء، ليعصب الموقف وليصب الزيت على النار».
وانزعج عدد من الكتاب لتأكيدات عبد الرحيم منار الذي كانت لهجته شبه رسمية بأن «تقارباً موريتانياً جزائرياً وراء ما يجري من تأزم في العلاقة بين موريتانيا والمغرب، بعد محاولة الجزائر استخدام موريتانيا كورقة للضغط على المغرب».
وأكد كذلك «أن موريتانيا والجزائر محرجتان من الإصلاحات التي قامت بها المملكة في تعاملها مع الربيع العربي لكون نظاميهما العسكريين عجزا عن التعامل المماثل».
وانزعج الكثيرون مما قاله عبد الرحيم اسليمي من «أن المشكلة هي مع الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز وليست مع موريتانيا ككل، حيث أن الرئيس كان مدعوماً من المغرب قبل أن يبتعد عنها ويسمح خلال رئاسته للاتحاد الإفريقي بتعيين ممثل للاتحاد الإفريقي في الصحراء خرقاً للقانون»، حسب تعبير اسليمي.
وقوبلت تصريحات اسليمي وتعليقات عدد من المدونين المغاربة على الفيس بوك بمقالات وتدوينات حملت أقذع العبارات، كما سجلت تدوينات إيجابية دعت للابتعاد بالعلاقات الموريتانية المغربية عن هذه «المهارشات» السلبية.
وتحت عنوان «قميص ابن يعقوب» كتب الصحافي الموريتاني سيدي محمد ولد ابه المحسوب على الموالاة مقالاً شديد اللهجة أكد فيه « أن سبب الهجمة الإعلامية الشرسة التي تتعرض لها موريتانيا من قبل «الصحافة» المغربية هذه الأيام، هو أن القائمين على الشأن الإعلامي والسياسي في جارتنا الشمالية فوجئوا بأن موريتانيا أخذت مساراً جديداً غير مألوف لدى جيرانها الأقربين، الذين ألفوها تابعاً غير متبوع، ومفعولاً به غير فاعل، على مدى نصف قرن كامل».
وقال «حاولت الصحافة المغربية المقربة من الدوائر الأمنية أن تجعل من تعزية الشعب الموريتاني للصحراويين في وفاة رئيسهم سبباً للنيل من تاريخ وحاضر البلد، واختلقت من قضية «موريتل» قميص ابن يعقوب وجاءت عليه بدم كذب، ذارفة دموع النفاق والغدر في ضحى من نهار».
وأضاف ولد أبه: ليس من المصادفة أن تتعاظم هذه الحملة، أياماً قليلة قبل افتتاح مطار نواكشوط الدولي، واقتراب انعقاد القمة العربية الأولى في موريتانيا، وبعد سنوات قليلة من قيادة نواكشوط للاتحاد الإفريقي، وحضورها المتعاظم في المشهدين الإقليمي والدولي، وذلك، طبعاً مما لا يروق لحكام الرباط».
وزاد «يأخذ الإعلام المغربي على موريتانيا أنها أصبحت شيئاً مذكوراً، وبات لها صوتها ووزنها في المنطقة، وذلك مما لا يروق للمغاربة الذين يعانون من عقدة قديمة اسمها موريتانيا، وليست قضية الصحراء قضية ثنائية بين موريتانيا والمغرب، فهي قضية دولية تخص المغرب والمجتمع الدولي، وسبق لنواكشوط ان اتخذت قراراً بالوقوف على مسافة واحدة من الطرفين».
وخلص الكاتب لقوله «نحن سنظل نكن للشعب المغربي كل التقدير، لكننا مع ذلك سنظل متلبسين بـ»جرم» الوطنية، فذلك هو دورنا الذي لأجله انتخبنا الرئيس محمد ولد عبد العزيز، ومن لم يعجبه هذا الطرح فليشرب من ماء المتوسط أو يتسلق أسوار مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين».
وكان المقال الأقسى في هذه الردود هو ما كتبه حبيب الله ولد أحمد وبدأه بقوله «شكراً للمغاربة الذين أطلوا من حفر واطئة ليشتموا موريتانيا، فبسفالتهم، يقول ولد أحمد، ظهرت عظمة الموريتانيين وبتطاولهم ظهرت القامة الفارعة لموريتانيا تاريخاً وحضارة وشعباً».
وتابع «شكرا للمغاربة لأن كل مشاكلهم انتهت وأصبح لديهم الوقت الكافي للتهجم على شعب يفترض أنه جار وشقيق ما نقموا منه إلا أنه لا يعبد أصنام البشر ولا أصنام الحجر».
ومع أن الهجوم اللاذع قد طبع غالبية المقالات والتدوينات التي تناولت هذا الموضوع فقد كتبت مدونون موريتانيون تعليقات هادئة أبرزها ما دونه الكاتب عبد الله إسحاق الذي أكد «أن البعض ذهب بعيداً الى حد تبادل السباب والشتائم، وتعميمها على الشعبين الشقيقين، بدون مبرر منطقي او مسوغ أخلاقي وجعلوها أزمة في العلاقات بين البلدين».
«والسؤال البديهي هنا، يضيف عبد الله إسحاق، هو من المستفيد من افتعال حريق في علاقات البلدين لن يكون ضحيته سوى المواطنين العاديين الذين ﻻ ناقة لهم، وﻻ حمار حتى، في اتخاذ القرارات او تسيير السياسات؟!».
وقال «إن علاقات الشعبين المغربي والموريتاني، أعرق وأرسخ من أن يتحكم فيها نزق هنا أو طيش هناك، فمهما كان حجم اختلاف المصالح وتباين الرؤى السياسية بين السلطات الرسمية في البلدين، فانها تظل قصيرة الأمد، وتبقى العلاقات التاريخية والثقافية واﻻجتماعية والمصالح المشتركة بين الشعبين، فضلاً عن إكراهات الجغرافيا، هي الثابت الراسخ الذي ﻻ يمكن تجاوزه».