أوقفت الحكومة الموريتانية خمسة موظفين مغاربة عن العمل في شركة الاتصالات المغربية-الموريتانية "موريتل" بموجب قرار صادر عن مفتشية الشغل.
وبررت الحكومة قرارها بأن المناصب، التي يشغلها الموظفون المغاربة في الشركة، يجب أن تمنح للمواطنين الموريتانيين دون سواهم، بحكم الاتفاق المبرم مع الشركة منذ منحها الترخيص قبل سنوات.
حيثيات القرار
ويبدو أن الحكومة الموريتانية لا تريد عاملين أجانب في بعض الوظائف الحساسة في البلاد؛ حيث تحدثت أوساط مقربة من دوائر صنع القرار عن عزم الحكومة إلزام الشركات الأجنبية بتوظيف الموريتانيين بدلا من الأجانب في هذه الوظائف.
وتضاربت الأنباء حول خلفيات قرار سحب رخص العاملين المغاربة؛ فبينما قالت الحكومة الموريتانية إن القرار هو إجراء قانوني بحت، ربطت وسائل إعلام بين القرار وتوتر العلاقات المغربية الموريتانية، خاصة بعد رفض الملك المغربي محمد السادس استقبال وزير الخارجية الموريتاني إسلكو ولد أحمد إزيد بيه، الذي زار الرباط حاملا رسالة إلى العاهل المغربي من الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز لحضور القمة العربية.
وكتبت عدة صحف مغربية أن الإجراء يترجم التوتر الحاصل في العلاقات بين البلدين الجارين منذ فترة، والذي بدأ يخرج إلى العلن بعد استدعاء موريتانيا سفيرها في الرباط، والإبقاء فقط على أحد مستشاريه لتسيير الشؤون الإدارية للسفارة.
وتقول مفتشية الشغل في موريتانيا إنها أنذرت الشركة في السابق، وطلبت منها تغيير أطقم بعض الإدارات التي يرأسها مغاربة، ومنحتها فرصة لتصحيح الوضع في إطار ودي؛ لكنها لم تستجب؛ ما دفعها لتوقيف العمال المغاربة.
وفوجئ خمسة من موظفي شركة الاتصالات الموريتانية المغربية بتوقيفهم، ومنعهم من الدخول إلى مكاتبهم لدى حضورهم إلى الشركة في دوامهم الاعتيادي، وسُحبت منهم رخص عملهم داخل موريتانيا.
لا استثناء!
وبعد أزمة "موريتل" بيوم واحد فقط، فوجئ الموريتانيون بإعلان شركة "كينروس تازيازت" الكندية عن إغلاق منجمها لاستغلال الذهب في صحراء إينشيري شمال موريتانيا، بسبب قرار حكومي يلزمها بضرورة استصدار رخص عمل لموظفيها الأجانب كافة، كمقدمة لإلزامها بتقليص العمالة الأجنبية لفائدة العمالة المحلية.
وأغلقت الشركة منجمها، وقامت بترحيل عمالها الأجانب إلى خارج البلاد، فيما نقلت العمال الموريتانيين إلى مدنهم الأصلية حتى تتم تسوية الأزمة.
وقالت "كينروس تازيازت" في بيان أصدرته إن المنجم لا يمكن أن يستمر في العمل في ظل غياب العمال، الذين أوقفتهم وزارة الوظيفة العمومية والعمل الموريتانية، وإنها شرعت في التفاوض مع الحكومة الموريتانية، بحثا عن حل يرضي كلا الطرفين.
وتشير المعطيات إلى أن هذا الإجراء يدخل في إطار التوجه نفسه، وهو استبدال الموظفين الأجانب بموريتانيين، خاصة بعد مطالب بإعادة ترميم شركات استخراج المعادن، على غرار ما حدث مع الشركة الوطنية للصناعة والمناجم قبل عقود.
وتقول مصادر إعلامية إن الحكومة ماضية في قرارها بإلزام المؤسسات الأجنبية بمنح المناصب الحساسة أو بعضها للموريتانيين، ودليلا على ذلك: ستشرع الحكومة في تسوية أوضاع البنوك الأجنبية في البلاد؛ حيث أوقفت بالفعل موظفيْن ليبيين اثنين كانا يعملان في مصرف ليبي.
وتتضمن خطة المرحلة المقبلة تفتيش المصارف كافة، بما فيها مصرف "سوسيتيه جنرال" الفرنسي ومصرف "التجاري بنك" المغربي. لكن أوساطا معارضة شككت في خلفية هذه القرارات، وطالبت بالابتعاد عن التسرع، وسياسة رد الفعل حفاظا على مصالح البلاد، وعلاقاتها الدبلوماسية مع جوارها.
وأيا تكن دوافع هذه القرارات، فإنها انعكست سلبا حتى الآن على العلاقات المغربية-الموريتانية التي تبدو في أسوأ مراحلها. كما أنها أثرت على مناجم الذهب، التي تعدُّ أحد أهم مصادر الاقتصاد الموريتاني، والتي أنهكتها الإضرابات العمالية التي انتهت فقط قبل عدة أيام.
سيد المختار-روسيا اليوم