جدد وزير الخارجية الموريتاني إسلكو ولد أحمد إزيد بيه أمس «نفي الحكومة الموريتانية لما اعتبره «شائعة تسليمها لمدير المخابرات الليبي السابق عبد الله السنوسي إلى الحكومة الليبية بمقابل مالي». وجاء تجديد النفي في سياق رد من الوزير أمس على سؤال وجهه إليه السيناتور محمد ولد غده، وطلب فيه من الوزير توضيحات عن المعلومات المتداولة بخصوص تسليم السلطات الموريتانية لعبد الله السنوسي إلى حكومة عبد الرحمن الكيب مقابل 200 مليون دولار.
وعرض السيناتور ولد غده مجموعة من القرائن والمعطيات بينها ما ورد في كتاب «أسرار تحت قبة البرلمان» الذي نشره عبد الفتاح بورواق الشلوي النائب في المؤتمر الوطني العام في ليبيا مستهل شهر آذار / مارس الماضي، وتحدث فيه عن تفاصيل تسلم حكومة الكيب لرئيس المخابرات في عهد معمر القذافي عبد الله السنوسي من السلطات الموريتانية مقابل 200 مليون دولار.
وأكد وزير الخارجية الموريتاني «أن السلطات الموريتانية سلمت عبد الله السنوسي بطريقة لا تشوبها أية شائبة وذلك بعد إصدار مجلس الفتوى والمظالم وهو هيئة دستورية موريتانية، لفتوى تضمنت تسليم عبد الله السنوسي لسلطات بلده». وقال «إن تسليم السنوسي لسلطات بلده، تطبيق كذلك من الحكومة الموريتانية لاتفاقية الرياض الموقعة عام 1983، والتي صادقت عليها موريتانيا عام 1985 وصادقت عليها ليبيا عام 1988».
ووقعت اتفاقية الرياض للتعاون القضائي العربي عام 1983 ودخلت حيز النفاذ عام 1985 وصادقت عليها كل من مصر وفلسطين والعراق واليمن والسودان وموريتانيا وسوريا والصومال وتونس والأردن والمغرب وليبيا والإمارات وعمان والبحرين.
وأوضح الوزير الموريتاني «أن حكومة بلاده تريثت ستة أشهر قبل أن تسلم السنوسي، للتشاور مع الإخصائيين ومع الهيئات المختصة حول التسليم الذي تقرر ونفذ بشكل يحفظ لموريتانيا مصالحها الحيوية ويكرس وفاء موريتانيا بالتزاماتها الدولية وتمسكها بدينها وأخلاقها، أما أن تكون موريتانيا قد سلمت السنوسي بالشكل الذي ذكرت الشائعات فذلك أمر لا يصدقه عقل ولا يؤيده دليل»، حسب تعبير الوزير.
وأشار إلى «أن عبد الله السنوسي الذي تولى مهام أمنية في بلده بينها الأمن العام والأمن العسكري، ملاحق في قضايا عدة بينها حادث إسقاط طائرة «يوتيا» الفرنسية عام 1989 بصحراء تنيري في النيجر، وقد حكمت عليه محكمة فرنسية بالسجن المؤبد»، كما أن السنوسي، يضيف الوزير، ملاحق بمذكرة اعتقال دولي لاتهامه بالأحداث التي شهدتها في شباط/فبراير وآذار/مارس عام 2011، مدن بنغازي وطرابلس ومصراته وهي الأحداث التي اعتبرتها المحكمة الجنائية الدولية جرائم ضد الإنسانية». وأشار الوزير إلى «أن السنوسي اختفى بعد سقوط طرابلس بيد الثوار في آب / أغسطس 2011، وتحدثت شائعات بأنه موجود في مالي أو النيجر أو في مدينة سبها جنوب ليبيا، قبل قدومه فجأة إلى نواكشوط على متن الخطوط الملكية المغربية، حيث اكتشفت السلطات الأمنية الموريتانية أنه يحمل جواز سفر مالياً مزوراً».
واتهم الوزير السيناتور موجه السؤال «بتبسيط قضية السنوسي وبتوجيهه انتقاداً خارج الظرف وخارج السياق الذي اكتنف العملية»، مؤكدا «أن «السلطات الموريتانية أظهرت قدرة كبيرة على تسيير قضية صعبة ومعقدة تتعلق بشخص مطلوب من جهات متعددة، شخص ينتمي لبلد اعترفنا عام 2012 بالسلطات التي تحكمه، وتربطنا به اتفاقيات عديدة ضمن الاتحاد المغاربي وضمن الجامعة العربية والاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة».
وكانت الحكومة الموريتانية قد تبرأت في مارس الماضي على لسان الناطق باسمها مما تضمنه كتاب «أسرار تحت قبة البرلمان» الذي نشره عبد الفتاح بورواق الشلوي النائب في المؤتمر الوطني العام في ليبيا، وتحدث فيه عن تسلم حكومة الكيب لعبد الله السنوسي مدير مخابرات القذافي مقابل 200 مليون دولار».
وأكد في نقله لتفاصيل إحدى جلسات المؤتمر الوطني الليبي مخصصة لاستجواب رئيس مجلس الوزراء الليبي السابق عبد الرحمن الكيب، أن الكيب أجاب بقوله «نعم دفعت لهم 200 مليون مقابل جلب عبد الله السنوسي».
وقال «أكد عبد الرحمن الكيب في دفاعه عن صرف المبلغ المذكور مقابل استلام السنوسي، أن السنوسي رجل اكتوت بناره ليبيا كلها، وكنت مستعداً لأدفع أكثر لاعتقال هذا الرجل ولو من مالي الخاص»، حسب قوله. وبخصوص عملية التسليم أوضح النائب الليبي عبد الفتاح بورواق الشلوي في كتابه «أن العملية تمت بالاتفاق بين المخابرات الموريتانية والوفد الليبي، حيث حددت السلطات الموريتانية الساعة والمكان، وتسترت على ذلك حتى لحظة التسليم».
وقال «إن الوفد الليبي انتظر طويلاً في مطار نواكشوط قبل تسلمه السنوسي حتى أنه تشكك في العملية، قبل أن يتفاجأ الوفد بسيارة متهالكة بيضاء انفصل عادمها من المنتصف، وأصبح صوتها شبيهاً بالشاحنة تقف على أمتار معدودة من الوفد، ثم ترجل منها شاب لا تبدو عليه أية ملامح تثير الاهتمام، وطلب من الوفد تسلم السنوسي من السيارة».
وفور التسلم، يضيف النائب «تشبث السنوسي طويلا بالأرض وبدا مذهولاً، قبل أن يرغمه أفراد الأمن الليبي على ركوب الطائرة الليبية الخاصة، الرابضة على أرضية مطار نواكشوط». وقد نفت حكومة نواكشوط مرات عدة تسليمها لعبد الله السنوسي بمقابل مالي، مؤكدة «أن تسليم السنوسي جاء على خلفية طلب من الحكومة الليبية بدعوى وجود قضايا مرفوعة ضده أمام المحاكم الليبية». واعتقلت موريتانيا مدير المخابرات الليبية السابق عبد الله السنوسي عام 2012، عند وصوله إلى مطار نواكشوط وهو يحمل جواز سفر مزوراً، حسب تأكيدات الأمن الموريتاني.
عبدالله مولود/نواكشوط – «القدس العربي»